دخل الجيش العربي السوري وحلفائه في معركة مستمرة لم تنته حتى اللحظة مع التنظيمات المتطرفة وأدواتها الإرهابية خلال السنوات الأخيرة ، وسطر ملاحم البطولة والتحدي ، وأثبت للعالم إن سورية لا تهزم ولا تنكسر وتظل تقاوم ولا تتراجع مهما كانت الصعوبات والتحديات ، وترسخ الانتصارات بالشراكة مع دول محور المقاومة الذين ضحوا وقدموا الشهداء والجرحى وسجلوا مجدا خالدا لا ينتهي ولا يخفيه غربال التآمر على سورية والمنطقة بأكملها.
فالذي يحدث في سورية، ليس حلقة من حلقات الصراع مع إسرائيل وأدواتها فحسب، لكنه أيضاً معركة فاصلة بين مسار المقاومة ومسار التسوية والإستسلام، فبعد أكثر من ثمان سنوات راهن فيها الكثير على سقوط محور المقاومة، أو حتى محاولة إضعافه، ثبت أن مكونات هذا المحور خرجت أقوى مما كانت عليه، وبإمتحان سورية الآن نجحوا في البرهنة -كالعادة- أن سورية ثابتة وصامدة في وجه المخططات الاستعمارية.
إدارة نتنياهو الفاشلة والمجرمة بحق الإنسانية والمتعارضة مع كافة المواثيق الدولية ما تزال لا تستخلص العبر ولا تقرأ تجارب التاريخ من أن الشعوب لا يمكن أن تقبل باستمرار سياسة الإذلال والحصار وهذا ما يضع سورية ومحور المقاومة أمام موقف الدفاع عن قضاياه، لذلك فإن استهداف إسرائيل الإرهابية سورية ليس سوى حلقة من حلقات استهداف محور المقاومة عموماً في المنطقة. ولولا الضوء الأخضر من واشنطن لما تجرأ الكيان الصهيوني على قصف مواقع في سورية أو لبنان بدعوى أن هناك مستودعات للأسلحة والصواريخ الإيرانية تهدد أمن إسرائيل.
في هذا السياق أكد السيد حسن نصر الله خلال كلمته في مهرجان سياج الوطن بمناسبة الذكرى الثانية للتحرير الثاني إن ما يحدث من استهداف إسرائيلي في دمشق وبيروت أمر خطير جداً ولن يمر مرور الكرام، ويؤكد أنه منذ الآن سيتم التصدي للطائرات المسيرة الإسرائيلية عندما تدخل لبنان والعمل على إسقاطها، كما يتوعد بالرد على أي استهداف لعناصر حزب الله في سورية. وفي الاتجاه الآخر رأى وأعلن الرئيس الأسد أن “انتصار سورية في حربها لن يعني فقط دحر الإرهاب بل يعني أن المنطقة ستستعيد استقرارها فمستقبل منطقتنا سوف يحدد وترسم ملامحه إستناداً إلى مستقبل سورية”.
لا شك أن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش السوري وحلفاؤه في محافظة ادلب هي بالغة الأهمية من حيث توقيتها، لاسيما أنها أتت بالتزامن مع المعارك الطاحنة التي يشنها مقاتلي الجيش في الشمال، وتؤكد على جهوزية الجيش السوري للتحرك على مختلف الأراضي السورية، وتدحض كل الأقاويل التي تتحدث عن إستنزافه بعد مضي عدة سنوات على بدء الأزمة، بالتالي إن تقدم الجيش السوري وحلفاؤه في ادلب، شكّل ضربة قوية للدور التركي والإسرائيلي في سورية، فهذه المعركة حاسمة بالنسبة للمنطقة بأسرها، بدليل توحّد محور المقاومة في جبهة واحدة، وإشتراك مقاتلين من مختلف دول هذا المحور في هذه الحرب
في إطار ما سبق يمكنني القول إنه تخيم على اسرائيل اليوم أجواء غير عادية مشحونة برائحة الحرب والبارود، أجواء إحتمال وقوع حرب مع كل من سورية وحزب الله وإيران، وقد لا يمر يوم دون أن تتصدر الصحف المختلفة أنباء عن إحتمال وقوع هذه الحرب، وسمعنا أن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أعطى إيعازات للحرس الجمهوري بأن لا يبقى مكتوف الأيدي، ويتبع هذا بأن حزب الله لن يقف مكتوف الأيدي في حال إندلعت حرب شاملة ضد سورية كونه الحليف الرئيسي لسورية.
مجملاً… الدم السوري الذي سفكه ويسفكه الأعداء غالٍ ولن يذهب هدراً ولن يترك شعبنا وقواته المسلحة من يقترف هذه الجرائم البشعة مهما كان الثمن وسوف يطاردونهم في كل مكان حتى تطهر الأرض السورية من أعمالهم الخبيثة، لن ننسى أبداً شهدائنا الأبرار، ولن نغفر للنازية الجديدة ما سفكته من دماء السوريين، ولن ننسى أن إسرائيل هي القاعدة العسكرية التي شاركت في ضرب سورية ونهب تراثها واحتلت وما زالت أراضي فلسطين والجولان، لذلك لا بد أن نستمر في طريق المقاومة لطردهم من أرضنا.
وأخيراً ربما أستطيع القول: إنها معالم المعركة الكبرى التي سيكون للكيان الصهيوني النصيب الأكبر من نتائجها، إنها ملامح رسم شرق أوسط جديد يصنعه مقاومو لبنان ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة.