23 ديسمبر، 2024 3:34 ص

قانون قيصر على الأبواب … هل يعجل من المواجهة الأمريكية – السورية !؟

قانون قيصر على الأبواب … هل يعجل من المواجهة الأمريكية – السورية !؟

تزامناً مع ما يعيشه العالم اجمع من أنتشار سريع لجائحة كورونا،وعدم قدرة العالم على التكيف السريع مع نتائج هذا الأنتشار السريع ،وسورية ليست استثناء من كل هذا ،اليوم يستمر الأمريكي بفرض حصار اقتصادي شامل على سورية ،وسط زيادة حدة العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب وواشنطن على الشعب العربي السوري، مع انخفاض واسع لقيمة الليرة السورية أمام الدولار، وخصوصاً بعد اقرار العمل الفعلي،بـ قانون “قيصر”، لتشديد العقوبات على سورية، والدول والأشخاص الذين يسعون لكسر الحصار عنها، ليضيق الخناق أكثر على الاقتصاد السوري، ويؤثر بشكل أكبر على حياة المواطنين في الداخل السوري، لتجويعهم ومحاولة تأليبهم على حكومتهم، وتشديد الحصار تحديداً بما يخص قطاع النفط ،والذي هو عصب الحياة في اقتصاد اليوم ،بات واضحاً اليوم أن البدائل امام السوري باتت ضمن قائمة خيارات ضيقة لتعويض النقص في قطاع النفط ،وهي خيارات صعبة جداً ،وقد تكون أثمانها عالية جداً.

وهنا لا يمكن إنكار حقيقة ، أن الأمريكي أظهر منذ بداية الحدث السوري رغبته الجامحة بسقوط سورية في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيار الدولة والنظام السياسي، فكانت له صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها دعم المجاميع المسلحة الإرهابية بالسلاح ،وليس آخرها ما يمارسه الأمريكي من حصار اقتصادي شامل على سورية، وهنا لا يمكن إنكار حقيقة أن الوجود الأمريكي في سورية ، هو وجود احتلال” هدفه إعادة رسم الجغرافيا والديمغرافيا السورية من جديد ” بما يخدم مصالح المخطط الأمريكي في المنطقة بمجموعها ” وهذا الحصار الاقتصادي الشامل بدوره يؤكد، بما لا يقبل الشك، استمرار أميركا، وحلفائها، في حربهم، المباشرة على سورية.

ولهذا بات واضحاً اليوم ، أن مرحلة الاشتباك العسكري المباشر بين السوري صاحب الأرض والأمريكي المحتل قد بدأت مرشحة لمزيد من التطورات بالمقبل من الأيام ، خصوصاً مع اطباق الأمريكي وسيطرته على حقول النفط ،والتي حولت محيط بعضها القوات الأمريكية المحتلة إلى قواعد عسكرية أمريكية ،في تحد واضح وسافر للدولة السورية .

وهنا وعند الحديث عن الأمريكي المحتل لجزء من الأراضي السورية، والذي يضغط على الدولة السورية من خلال حصار اقتصادي شامل ،يشمل بصورة أساسية قطاع النفط ، يجب التأكيد أن الأمريكي يحتل ويسيطر وعبر أدواته وتحديداً في محافظة دير الزور على حقل “العمر” والذي ينتج اليوم 45 ألف برميل ،وحقل “التنك” وهو الحقل الثاني من حيث الأهمية في دير الزور بعد حقل “العمر”، وقُدر إنتاجه قبل العام 2013م بحوالي 40 ألف برميل يوميا، تُستخرج من 150 بئر نفطي، ويُقدر انتاجه حالياً بين 10-15آلف برميل يومياً ،بالإضافة إلى حقول الجفرة، وكونيكو ،وحقول التيم والورد .

أما في محافظة الحسكة، فتقع جميع حقول النفط والغاز تحت سيطرة الأمريكي وأدواته وهي: الرميلان للنفط تنتج 90 ألف برميل يومياً، ويقدر بعض الخبراء عدد الآبار النفطية التابعة لها بحوالي 1322 بئرا، والسويدية تنتج 116 ألف برميل يومياً، ويُقدر وجود ما يقارب 25 بئرا من الغاز في هذه الحقول، الشدادي والجبسة والهول للنفط تصل إلى 30 ألف برميل في اليوم، اليوسفية للنفط تنتج 1200 برميل يومياً، كما يوجد حقلان للغاز في المحافظة وهما رميلان الذي ينتج مليوني متر مكعب يوميا من الغاز والجبسة الذي تنتج 1.6 مليون متر مكعب يوميا ،ومجموع هذه الحقول يسيطر عليها ويستغلها الأمريكي عبر أدواته ،وهو تحد وتعد سافرين على سورية وسيادتها على أراضيها .

وهنا ، لا يمكن للدولة السورية اليوم ان تقبل ان تعيش تحن وطأة هذا الحصار الشامل وأزمة النفط ، في الوقت الذي يستغل ويحتل فيه الأمريكي عبر أدواته اراض سورية تحوي كميات هائلة من النفط والغاز ،وهذا ما سيترتب عليه بشكل مؤكد تصورات كبرى بخصوص مستقبل الاحتلال الأمريكي لمساحات واسعة من شرق وشمال شرق سورية .

اليوم من المتوقع أن تنتقل عمليات الجيش العربي السوري وحليفه الإيراني وقوى المقاومة إلى رفع منسوب التصعيد التدريجي في مناطق الشرق والشمال الشرقي السوري بعد النجاح سابقاً بعزل وتطويق كامل المنطقة التي يتواجد بها المحتل الأمريكي في جنوب شرق سورية تحديداً “التنف ومحيطها “، وهذا التصعيد المرتقب من سورية ، ينتظر حتماً قرارات جريئة من بغداد ، لأن الوجود الأمريكي بدأ يمس ويهدد بشكل مباشر ليس سورية لوحدها بل وجود العراق كدولة بكيانها الجغرافي والسياسي والسيادي، خصوصاً بعد عملية اغتيال سليماني ومن معه .

ختاماً ، واليوم وليس بعيداً من تطورات الميدان المتوقعة في عموم مناطق الشرق والشمال الشرقي السوري ، فإنّ ما يهمنا من كل هذا هو واقع سورية المعاش في هذه المرحلة، والتي يثبت بها السوريون أنهم حاجز منيع ورادع قوي لكل المشاريع الصهيو – أمريكية التي تستهدف سورية بالتحديد والمنطقة بمجموعها، ومن هنا نستنتج من خلال الأحداث والمواقف المتلاحقة لأحداث الحرب «المفروضة» على الدولة السورية، بأنّ الدولة السورية استطاعت أن تستوعب وتتكيّف وتتصدى طيلة تسعة أعوام مضت لحرب شاملة وبوجوه عدة ، وها هي اليوم تصمد أمام حصار اقتصادي شامل ،وكلي ثقة أنها تسير بخطوات سريعة نحو إعلان نصرها على هذه الحرب العالمية التي استهدفتها.