أكبر مُشكلة تواجه إقرار هذا القانون هو أنّه قرار مؤطّر سياسياً يختبئ تحت مظلّته فئة أو مجموعة لاتُريد له أن يرى النور ويضرب مصالحها.
قانون سُلّم رواتب الموظفين الذي يحتدم النِقاش حول تشريعه قد يصطدم بِعقبات وجُدران كونكريتية تجعل من إقراره صعباً يرتقي إلى الإستحالة.
ربما يكون من الغُبن والحيف وحتى الظُلم في أوج قمته عندما ترى موظفاً في وزارة ما يتقاضى راتباً وإمتيازات ومنافع إجتماعية تحت بنود مُخصصات مقارنة مع زميله في وزارة أخرى يتقاضى راتباً (يتيماً) مع إنهم بنفس الدرجة الوظيفية والعنوان وسنوات الخدمة.
صعوبة إقرار هذا القانون تكمُن في ذلك الحشو الوظيفي الذي أُغرِقتْ به وزارات ذات الإمتيازات والمنافع العالية من قِبل أبناء وعوائل المسؤولين والبرلمانيين وأقربائهم وإستحالة الموافقة أو القبول بتعديل رواتبهم إسوة ببقية موظفي الوزارات الأخرى، ثم كيف ستكون ردود أفعال جيوش الموظفين الذين تمتلئ بهم مكاتب وأروقة الرئاسات الثلاث والتي تعج بأقرباء وعوائل السياسيين وقادة الأحزاب؟ كيف يستقبل موظفي المنطقة الخضراء إقرار هذا القانون وهم الذين تتجاوز رواتب أدناهم درجات وظيفية وشهادات عُليا لموظفين في وزارات أخرى؟.
بالمُحصّلة هو قرار يحتاج إلى إرادة سياسية وربما بعض الإيثار وتقديم التنازلات من أجل إحقاق المُساواة والعدل بين جميع موظفي وزارات العراق.
الغُبن وعدم العدالة وذلك التباين بين رواتب موظفي الدولة بالرغم من تطابق سنين الخدمة والعناوين الوظيفية مع إختلاف الوزارات ربما يستدعي وقفة جادّة من الحكومة والسُلطة التشريعية في ضرورة أخذ زمام المُبادرة في توحيد الرواتب بين موظفي جميع الوزارات دون التباين بين وزارة وأخرى، والغريب أن بعض الوزارات إبتدعت بُدعة مُخصصات ومنافع لاتعدو كونها هدر للمال العام وهِبات توزّع لفئة من الموظفين دون غيرهم، فأيُّ معنى وفي أي باب يُمكن وصف ماتعنيه مُخصصات الخطورة لموظف مدني في وزارة ما يُقابله موظف يُمارس نفس المهام وفي وزارة مُقابلة دون أن يُمنح تلك المُخصصات، وإذا كان مايدعو لوجود خطر يُهدد ذلك الموظف فنعتقد أن ذلك الخطر المزعوم يُهدد جميع الموظفين وليس فئة على حِساب أُخرى.
قد نتفهّم أن هُناك مُخصصات يستحقّها بِجدارة مُنتسبي الأجهزة الأمنية والقوات المُسلّحة وكل الصنوف التي تقف سداً منيعاً بوجه الإرهاب وفلوله، لكن ماهو عُذر الموظف الذي يكون في وزارة تتحصّن وراء جُدران كونكريتية؟.
سُلّم الرواتب الجديد المُزمع تشريعه يحتاج إلى إجماع سياسي وإرادة لِتشريعه كي تُعطيه الشرعية في التنفيذ حتى لايتحوّل إلى قرار تستغلّه بعض الوزارات في الإلتفاف عليه من خلال تشريع أبواب جديدة لِمُخصصات تُضاف إلى رواتب مُوظفيها (وكأنّك يا أبو زيد ما غِزيت) وتلك هي الصعوبة التي نتحدّث عنها في تشريع هذا القانون.
جميع الموظفين سواسية أمام القانون في حقوقهم وواجباتهم، نتمنّى أن يُفهم هذا الأمر.