10 أبريل، 2024 3:33 ص
Search
Close this search box.

قانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بين المؤيد والمعارض – دراسة دستورية

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد مخاظ عسير صوت مجلس النواب العراقي على قانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث ومنع هذا القانون من تكرار ولاية رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء ومجلس النواب لاكثر من دورتين ، والقانون حاله حال القوانين السابقة حمل بين جنبيه طابعا سياسيا ، واذا كانت عادتنا نحن الاختلاف في كل شئ فقد اختلف الكثير سياسيين وقانونيين وغيرهم نحو هذا القانون فقد ايده قوم وانكره قوم اخرون ، وغلبت العاطفة على الفريقين دون ان يجهدوا للبحث عن دستورية هذا القانون ويجردوا انفسهم من كل حكم مسبق على هذا القانون  .
ونحن كذلك من الذين ادلوا بدلوهم في اعطاء رأيا بهذا القانون محاولين مناقشته من جميع وجوهه لنتوصل الى نتيجة معينة في ان هذا القانون كان مطابقا للقاعدة الدستورية ؟ ام انه مخالفا لها وبالتالي يمكن الطعن به امام المحكمة الاتحادية الموقرة ، وسوف نناقش الموضوع عن طريق بعض المناقشات .

المناقشة الاولى :
نعتقد ان الخلاف دار بين المعارض والمؤيد هو في نص المواد – 68- 72- 76- من الدستور ، وسنحاول ان نعرض لهذه المواد بشئ من التفصيل .
فقد نصت المادة (76) اولا- على {يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية }
وبطبيعة الحال فان المعارضين لهذا القانون كانت دعواهم انه النص اعلاه جاء بصيغة المطلق (واستمرارية الحالة) فمتى ماتحققت مصاديق هذه الحالة وشروطها في الخارج فان هذه الحالة تبقى ثابته ،فالكتلة الاكثر عددا لها ان ترشح نفس الشخصية التي تم ترشيحها لدورتين سابقتين متى ماحصلت هذه الكتلة على اكثر الاصوات ، وان هذا النص جاء مطلقا ومعه لايجوز للقاعدة القانونية ان تقيد القاعدة الدستورية كون الدستور هو الممثل للارادات العامة وانه يعلو ولايعلى عليه وان كل قانون يجب ان يكون متوائما من مظلة الدستور وغير مخالفا له .
وقد امكننا ان نسجل على هذا الاعتراض جملة من الملاحظات منها .
ان القانون يجوز له ان يحدد القاعدة الدستورية متى ماكان مجال هذه القاعدة فضفاضا مفتوحا لاكثر من اتجاه ، قابلة للتاويل وعرضة للاجتهاد ، او ان القانون قد وجد ان الدستور لم يعالج موضوعا من الموضوعات التي كان يجب عليها معالجته متى ماكان هذا القانون الجديد يسير في ظل القاعدة الدستورية ولايغير من جوهرها شئ ، وطالما ان القانون الجديد قد حمل بين طياته بعدا فلسفيا تخطى معه نصوص الدستور الحرفية أي سائر في طريق روح الدستور وجوهره وتاصيله الاجتماعي والسياسي .
فالمادة -93- من الدستور قد جاءت على ذكر صلاحيات المحكمة الاتحادية وبالنظر لخطورة هذه المؤسسة كونها تشكل صمام الامان للحياة الدستورية فقد جاءت صلاحياتها على سبيل الحصر ولم توكل هذا الامر الى القانون ، لكننا من باب اخر نجد ان هذه الصلاحيات قد قيدت بصلاحيات اخرى لم تذكر في الدستور وانما جاء بها القانون ليضع قيدا على تلك الصلاحيات ، فقانون المحكمة الاتحادية -30- لسنة 2005- وفي المادة – 4- ثالثا – منه قد اضاف صلاحية اخرى الا وهي النظر في الطعون المقدمة على الاحكام والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الاداري ، وبذلك يكون القانون قد قيد المحكمة بان تنظر في هذه الطعون وليس لها الحق بالامتناع عن ذلك بحجة ان الدستور قد حدد صلاحياتها وان القاعدة الدستورية تعلو على القاعدة القانونية .
اما المادة -51- من الدستور التي نصت على (يضع مجلس النواب نظاما داخليا له لتنظيم سير العمل فيه ) والمادة – 85- من الدستور هي الاخرى نصت على (يضع مجلس الوزراء نظاما داخليا لتنظيم سير العمل فيه ) لكننا لو تتبعنا مواد الدستور لم نعثر على مادة تلزم رئاسة الجمهورية بوضع نظاما داخليا لها لتنظيم سير العمل فيها ، والسؤال هنا لماذا نص الدستور على النظام الداخلي لمجلس النواب ومجلس الوزراء ولم يتبع نفس الحالة على رئاسة الجمهورية ؟ هل ان عمل المؤسستين هو اخطر بطبيعة الحال من عمل رئاسة الجمهورية ؟ ام ان المشرع الدستوري حين قنن مواد الدستور اراد ان يترك ذلك الى ارادة رئاسة الجمهورية لتضع نظاما داخليا لها ؟ وهل كان ذلك قصده فلماذا لم ينص على ذلك في الدستور مثلما نص على المؤسستين المذكورتين ؟ ام ان الدستور اراد بالفعل عدم تمتع رئاسة الجمهورية بنظاما داخليا ؟ وهذا الطرح ينكره المنطق القانوني والعقل الدستوري فكيف بمؤسسة تمثل قمة الهرم التنفيذي في البلاد تبقى من دون نظاما داخليا يسير عملها ويحدد تحركاتها وينظم العلاقة بين موظفيها ؟
ويبقى السؤال الاهم لو ان رئاسة الجمهورية اصدرت نظاما داخليا لتسيير عملها فهل يمكن الطعن بعدم دستوريته كون ان الدستور لم ياتي على ذكر هذا النظام مثلما ذكر النظام الداخلي لمجلس النواب ومجلس الوزراء ؟ ام ان المحكمة الاتحادية سوف تقضي بدستورية هذا النظام فيما لو صدر بعد ذلك وتعلل قرارها بان السياقات الادارية توجب مثل هذا النظام والا فان مؤسسة كبيرة مثل رئاسة الجمهورية لايجوز ان يكون عملها وفق تعليمات شفهية ومشتهيات خاصة وهذا كله يولد الارباك والحيرة في هذه المؤسسة والتي يحرص الدستور دائما على توطين اركان جميع المؤسسسات الدستورية ومنع الخلل في أي منها .
ثم ان هنالك نقطة قد لايلتفت اليها الكثير ذلك ان الدستور كان يجب عليه ان ينص على ان تقوم رئاسة الجمهورية بوضع نظام داخلي لها ، كونه الوسيلة الوحيدة لعلاج هذا الامر ، فالكل يعلم ان المهام الموكلة الى مجلس النواب قاصرة على اصدار القوانين الاتحادية(المادة 61- اولا) وبالتالي فهو عاجز عن اصدار مثل هذا النظام ، كما ان مجلس الوزراء اقتصر عمله في باب التشريع على اصدار الانظمة بهدف تنفيذ القوانين (المادة 80- ثالثا) ليكون هو الاخر عاجزا عن اصدار مثل هذا النظام .
والذي نريد ان نقوله من كل هذا الطرح انه ليس بالضرورة اغفال الدستور عن امر معين يعني ذلك عدم تنظيمه بقانون وتقييده بل ان الاعتبارات السياسية والتنظيمية توجب مثل هذا التنظيم ، وان التدخل القانوني مما يوجبه منطق الاحداث والحياة الدستورية .
ونصت المادة -139- من الدستور على (يكون لرئيس مجلس الوزراء نائبان في الدورة الانتخابية الاولى )
اذن وفق هذا النص فان نواب رئيس مجلس الوزراء يكون بنائبين فقط في الدورة الانتخابية الاولى دون ان يكون الحق لاي جهة كانت بان تعدل من هذا النص بالزيادة او النقصان كون النص جاء واضحا صريحا قاطعا لايمسه الاجتهاد ولايصل اليه التاويل .
لكن الواقع اليوم يشهد بان لرئيس مجلس الوزراء اكثر من نائبين ، فمن اين جاءت هذه الزيادة في نواب رئيس الوزراء وماهو الاساس القانوني

الذي اعتمد في الزيادة ؟ هل جاء ذلك بقانون ! والكل يعلم انه لم يصدر قانون بذلك ؟ ام بموجب نظام داخلي والجميع متيقن انه لاوجود لنظام داخلي يحكم عمل مجلس الوزراء ؟ واذا تنزلنا قليلا وقلنا انه يوجد قانون ينظم هذا الامر ! لكن السؤال من اين استقى المشرع القانوني وعلى أي نص استند في ذلك ؟ فالدستور لم يذكر عبارة – وينظم ذلك بقانون – مثلما فعل في نصه على ان تنظم بقانون احكام اختيار نائب او اكثر لرئيس الجمهورية (المادة -69-ثانيا) ، واذا تنزلنا مرة اخرى وقلنا ان رئاسة الوزراء اصدرت نظاما حددت بموجبه نواب رئيس الوزراء !فهذا الامر هو الاخر مثار اعجاب كون ان رئاسة الوزراء ليس لها مطلقا بان تصدر انظمة عدا تلك الانظمة المتعلقة بهدف تنفيذ القوانين .
والذي يعنينا من هذا الامر او ان الذي نريد ان نصل اليه هو ان الامر عرض على المحكمة الاتحادية  الموقرة وان المحكمة بما لها من سلطة تفسيرية واسعة قد اقرت هي الاخرى هذا الامر وجوزت ان يكون لرئيس الوزراء اكثر من نائبين ذلك ان النص الدستوري جاء على ذكر ان يكون لرئيس مجلس الوزراء نائبان في الدورة الانتخابية الاولى وهذا يتضمن معنى انه لامانع من ان يكون له اكثر من نائبين في الدورة الانتخابية الثانية معللة بالحاجة الى ذلك لتسيير عجلة الدولة وانجاز الاعمال وتوزيع المهام والمسؤوليات بين رئيس الوزراء ونوابه .
اذن !!!!
ان المحكمة الاتحادية عندما اقرت هذا الامر قد نظرت الى وجوه المصلحة العامة وغلبتها على أي مصلحة اخرى ، فهي بذلك قد تجاوزت النصوص الدستورية وذهبت الى ابعد من ذلك ، ذهبت الى ضرورة ايجاد تنظيما اداريا لادارة مرفقا عاما خطيرا من مرافق الدولة وهو رئاسة الوزراء وان النظر الى حرفية النصوص الدستورية وعدم سبر اغوارها ودراسة عللها والالمام بغاياتها سوف يؤدي الى تعطيل حركة الادارة في

هذه المؤسسة المهمة ومن ثم انعكاس اثارها السلبية على مجمل الحياة العامة وهذا خلاف الغاية من وجود الدساتير .
اذن !!َ!!
لماذا لاتنظر المحكمة الاتحادية الى قانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاث عندما يعرض عليها مستقبلا بنفس الرؤية التي نظرت فيها الى نواب رئيس مجلس الوزراء ، ونفس التعليل والغاية التي من اجلها اضيفت صلاحية اخرى الى صلاحيات المحكمة الاتحادية رغم عدم النص عليها في الدستور ، فهي اما ان تقبل بالكل وتحكم على الكل بحكم واحد ، او ترفض الكل وتعلل ذلل الرفض بان النصوص الدستورية لاتسمح بذلك كون المفسر الدستوري عليه الوقوف على حرفية النص الدستوري وعدم تجاوزه ، فالقانون اذن قد حدد القاعدة الدستورية ، وغير القانون هو الاخر قد حددها ، اذن لماذا لايحدد القانون صلاحية رئاسة الوزراء والمشرع القانوني له من المساحة الكافية يكون معها قادرا على ان يعالج تلك النصوص المفتوحة بعد ان ياخذ بالغايات البعيدة والرؤى الاستراتيجية لقانونه ويضمنه العلة النبيلة من اصداره هذا القانون وان ياخذ الدستور كوحدة واحدة غير قابل للتجزئة ، فالدستور اذا تصفحنا غاياته والنقطة التي كانت منها انطلاقاته لوجدناها جميعا تسير في غاية واحدة الا وهي {عدم عودة الاستبداد }  .

المناقشة الثانية :
لو راجع المتتبع لنصوص الدستور العراقي لوجد ان (51) من مواده قد تبعها المشرع الدستوري بعبارة (وينظم ذلك بقانون) ونفهم نحن من هذه العبارة كما يفهمها غيرنا ان المشرع القانوني ملزم باصدار قانون يعالج موضوعات تلك المواد الدستورية .

لكن السؤال ينهض هنا ، هل ان المواد التي لم يعقبها المشرع الدستوري بهذه العبارة أي (وينظم ذلك بقانون) وتركت هكذا سابحة في اجواء الاجتهاد والتاويل لايجوز معها للمشرع القانوني ان يصدر قانونا ينظم عمل وموضوعات هذه المواد .
ومن هذه المواد المادة -9- ه- الخاصة بمنع انتشار وتطوير الاسلحة النووية ، والمادة -10- الخاصة بالعتبات المقدسة ، المادة -114- بفقراتها –ثانيا – ثالثا- رابعا- خامسا – سادسا- ، والمادة -121- رابعا – الخاصة بتاسيس مكاتب في السفارات والبعثات الدبلوماسية ، وغيرها من المواد الدستورية .
فهذه المواد لم ينص الدستور على تنظيم احكامها بموجب قانون ولعل البعض منها قد صدر قانون لتنظيم احكامها مثل ادارة العتبات المقدسة فهل يترك حبل هذه المواد على غاربه ام ان المشرع القانوني ملزم باصدار قانون يمثل الالية لتنظيم عملها خشية من الارباك الذي يحصل لو ان الفراغ التشريعي قد تجاهل عمل بعض هذه المؤسسات .
اذن ليس كل مالم ينص عليه الدستور من ان (تنظم بقانون) لايجوز تنظيمه بقانون بل ان المشرع القانوني له الحرية اذا ماوجد ان تدخله اصبح ضروريا ليسد هذا الفراغ الذي تركه الدستور حفاظا على تكامل مؤسسات الدولة وانسيابية عملها ومعالجة العبث والحيرة التي تصاب بها تلك المؤسسات لو تركت بدون الية عمل قانونية تنظم اعمالها .
وعودا على بدء فان المادة – 76- اولا- التي حددت بان يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء ، فان هذه المادة جاءت خالية من عبارة – تنظم بقانون – فماهو الضير والمانع بان ياتي القانون ليحدد وليضع الشروط في هذا المرشح او ذلك خاصة وان المادة كما ذكرنا سابقا من المواد التي تتعرض للاجتهاد والتاويل ، كما حصل سابقا وان قامت المحكمة الاتحادية بتفسير عبارة الكتلة الاكثر عددا .

وهذه الملاحظة انما اوردناها للاجابة التي قد تطرح  ،،، بان المادة اعلاه لايجوز تنظيمها بقانون وتقييدها كونها جاءت خالية من عبارة (وينظم ذلك بقانون ) .

المناقشة الثالثة : 
حدد الدستور ما يشترط فيمن يتولى منصب رئيس مجلس الوزراء بالاحالة الى ما يشترط برئيس الجمهورية، بموجب البند (اولا) من المادة (77 من الدستور) التي نصت (يشترط في رئيس مجلس الوزراء ما يشترط في رئيس الجمهورية)، فما هي شروط رئيس الجمهورية؟
نصت المادة (68)من الدستور (يشترط في المرشح لرئاسة الجمهورية ان يكون: اولا، عراقيا بالولادة ومن ابوين عراقيين. ثانيا، كامل الاهلية واتم الاربعين من عمره. ثالثا، ذا سمعة حسنة وخبرة سياسية ومشهودا له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والاخلاص للوطن. رابعا، غير محكوم بجريمة مخلة بالشرف( 
فهذه المادة هي النص الذي حدد فيه الدستور شروط (المرشح لرئاسة الجمهورية)، واوجب توفر اربعة شروط ليس من بينها ما يوحي بالمنع من الترشح لولاية ثالثة. وهذا هو السند القانوني الذي يستند اليه القائلون بجواز ترشح رئيس مجلس الوزراء لولاية ثالثة. فلا توجد – عندهم– شروط على منصب رئيس مجلس الوزراء غير ما ورد في هذه المادة، اي انهم لا يعترفون باي شروط اخرى ولو وردت في نصوص اخرى في الدستور نفسه.
فاصحاب هذا الرأي يتمسكون بالمعنى الضيق لكلمة (الشروط فيصرون على حصر الشروط فيما ورد في المادة (68) من الدستور التي تحدثت عن شروط المرشح لرئاسة الجمهورية) باعتبارها هي المقصودة بالشروط المطلوبة فيمن يتولى منصب رئيس مجلس الوزراء، ويرفضون اضافة اي شرط اخر ولو ورد في الدستور في نص اخر.
الا ان هذا الرأي محل نظر، فالبند (اولا) من المادة (72) من الدستور التي نصت (تحدد ولاية رئيس الجمهورية باربع سنوات، ويجوز اعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب) جاءت بشرط اخر في رئيس الجمهورية هو ان لا يكون قد رأس الجمهورية لمرتين سابقتين. فهذا شرط اخر في رئيس الجمهورية نص عليه الدستور ايضا خارج المادة (68) المذكورة، لا يجوز –بموجبه – شغل الشخص نفسه منصب رئيس الجمهورية الا مرتين اثنتين فقط، اي لا ولاية ثالثة لرئيس الجمهورية، وذلك يعني – بداهة – ان لا ولاية ثالثة لرئيس مجلس الوزراء، ما دام رئيس مجلس الوزراء بنفس شروط رئيس الجمهورية.
اذن لا بد من الاخذ بالمعنى الواسع لكلمة (الشروط) التي اشارت اليها المادة (77/ اولا) من الدستور، فتكون شروط رئيس الجمهورية مطلوبة فيمن يتولى منصب رئيس مجلس الوزراء اينما وردت في الدستور، ولا يقبل حصر الشروط فيما ورد في المادة (68) من الدستور فقط، لان الاخذ بالمعنى الضيق لها (اي لكلمة الشروط) وحصر معناها بما جاء في المادة (68)فقط تبعيض للدستور، واخذ بعضه وترك البعض الاخر، وهو محاولة لتفسير الدستور بطريقة من يأخذون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.
يضاف الى ذلك ان المادة (68) المشار اليها – التي يستند اليها اصحاب الرأي بجواز الولاية الثالثة لرئيس مجلس الوزراء – تحدثت عن شروط )المرشح لرئاسة الجمهورية) (وليس شروط) (رئيس الجمهورية) اذ قالت (يشترط في المرشح لرئاسة الجمهورية) (ولم تقل (يشترط في (رئيس الجمهورية). في حين ان المادة (77/ اولا) اشترطت في رئيس مجلس الوزراء ما يشترط في(رئيس الجمهورية) وليس ما يشترط في (المرشح لرئاسة الجمهورية) اذ قالت (يشترط في رئيس مجلس الوزراء ما يشترط في رئيس الجمهورية) ولم تقل (ما يشترط في المرشح لرئاسة الجمهورية)، لذا فأن الشروط الاربعة الواردة في المادة (68) هي شروط(المرشح لرئيس الجمهورية)، وهي تعد بعض شروط (رئيس الجمهورية) وليس كلها، يضاف اليها- كشروط مطلوبة في رئيس الجمهورية ومن بعده رئيس مجلس الوزراء – ما ورد في نصوص الدستور الاخرى من شروط، منها عدم الولاية لاكثر من مرتين. فهناك فرق بين شروط (رئيس الجمهورية) المطلوبة نفسها في رئيس الوزراء، وبين شروط (المرشح لرئيس الجمهورية) التي نصت عليها المادة 68 من الدستور
والنتيجة النهائية فانه يشترط – وفقا لاحكام الدستور – فيمن يتولى منصب رئيس مجلس الوزراء ان لا يكون قد شغل المنصب لمرتين سابقتين. ولا يجوز ان يتولى الشخص نفسه منصب رئيس الوزراء لاكثر من ولايتين، اي لا ولاية ثالثة لرئيس مجلس الوزراء    .

المناقشة الرابعة :
لايمكن لأي قانوني يبحث عن مآربه في تفسير نص دستوري ان يتغافل عن امرين مهمين يشكلان روح التفسير وحلقة من حلقات الوصول الى التفسير الصائب الكامل للصورة النهائية للنص الدستوري ألا وهما . تاثير العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية على قلم المشرع حينما قنن مواد الدستور وكذلك العامل النفسي الذي صاحب المشرع ساعة كتابته لتلك المواد .
فهذان العاملان مع عوامل ثانوية اخرى يعكسان الصورة الناصعة  للنص المراد تفسيره ويقربانه من الواقعية البعيدة عن الشك والحقيقية المنزهة عن الريبة واتهام الغير، مادامت الجهة المفسرة قد صبت في النص جميع مقدمات اجتهادها ووظفت له جل ملكاتها ولم تترك خيارا واحدا  قد يعاب عليها مستقبلا من انها لو طبقته سيكون الظفر حليفها والنجاح ديدنها، كما ستكون بعيدة عن طعن الطاعنين من انها مالت عن السواء وانحرفت عن القصد ويممت شطر وجهها تارة الى اصحاب اليمين والى اصحاب الشمال تارة اخرى.
كما ان على المفسر ان يضيف الى ماكنته الاجتهادية عاملا اخرا الا وهو روح الاسترجاع للماضي بكل الوانه فيستحضر الاتجاهات ويستوحي القيم السائدة ساعتها ليتيقن اسباب تأثر المشرع بهذه القيمة او ذلك الاتجاه متوخيا نية المشرع من كل نص ، ماذا اراد ؟ والى اي شيئ يهدف ؟ ولماذا ولمن يخاطب ؟ وماهي زلاته ؟ هل بقصد لحاجة في نفسه ؟ ام انها خدشا في ثقافته ؟ وهل اريد بالنص ديمومته لبناء صرح الحرية والديمقراطية ويؤسس لنظام ثابت لاياتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ؟ ام انه وقتيا زائلا بزوال دواعيه واسبابه ؟
ودستور 2005 – واحدا من دساتير ذهبت به الاتجاهات المتباينة كل مذهب فاصبح هجينا شيئا من هنا واخر من هناك ، مزيجا بين هذه الارادة وتلك ،  توافقيا بين من يُحضر للابتعاد عن المركز قدر الامكان وبين من يريد السطوة بامتياز،  فخرج بهذه الصورة التي هوعليها هزيلا تذره الرياح في كل حين او تهوي به الى مكان سحيق ، متناقضا يضرب بالفكرة غيرها من الافكار ، عجولا لم ياخذ التاني والمهل والروية والاناة منه مأخذا ولو بسيطا
والان نراجع قسما من مواده لنرى صدى تلك العوامل ونمزج بين النص وبين ايحائاته الخارجية المتكررة ، ثم نبين اثرها على موضوع تحديد ولاية رئيس الوزراء ، وهل ان الفكرة العامة لدى اصحاب كتابة الدستور كانت مع الراي الذي يذهب الى فتح الباب على مصراعيه لولايات ثالثة ورابعة وخامسة لرئيس الوزراء ام ان الظروف العامة والمنطلقات التي تم بها تدوين الدستور كانت على غير ذلك .
نصت المادة -43- اولا – اتباع كل دين او مذهب احرار في : أ- ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية .
فالنص هنا غريب لاول وهلة لماذا خص الشعائر الحسينية بالذكر دون غيرها من شعائر ؟ وكان المفروض به ان يذكر (الشعائر الدينية فقط )– وهي تعبير مجمل وعبارة عامة ومصطلح يدخل تحت لوائه كل الشعائر التي تخص اصحاب الديانات او المذاهب او التيارات والفئات صغيرة كانت ام كبيرة تمارس لمرة واحدة في السنة او تتكرر لمرات ، حرمها النظام السابق ام لا .
لكن الغرابة تزول والدهشة تضمحل اذا عرفنا ان النص على الشعائر الحسينية جاء كرد فعل لما عان منه اصحاب تلك الشعيرة المباركة في الايام السوداء ،وكأن صائغ هذه الفقرة اراد (ولسان حاله يقول) ان المحرومية والمحاربة والمنع لتلك الشعائر تحولت الى نص دستوري حالها حال اي مفصل جوهري نص عليه الدستور رغم كيد المحاربين لهذه الشعيرة وهي ماضية في طريقها الى ان [يرث الله الارض ومن عليها]
  اذن نلاحظ هنا حجم التاثير النفسي على صياغة هذه الفقرة بحيث ان واضعيها تجاوزوا اسس الصياغة السليمة لكتابة الدستور وبديهيات تقنينه كما ان المادة المذكورة تقرب في مضمونها من المادة -10- والتكرار يعده العقلاء قبيحا من اهل الاختصاص. 
اما المادة -112- وهي بصدد معالجة ادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية فقد ذكرت المادة اعلاه (مع تحديد حصة لمدة محددة للاقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق والتي تضررت بعد ذلك ) فهذه المادة لاتفهم بمعزل عن فهم تنازع الارادات ساعة كتابة الدستور وهنا تدخل العامل الاقتصادي للكرد في ترسيخ هذه الفكرة وفرضها فرضا دون موجب لها فالكل تضرر اقتصاديا من النظام السابق والكل يعلم حجم المصروفات على رغبات النظام الدموية منها والشخصية قياسا بتلك التي تنفق على الشعب، فلماذا تستاثر فئة دون اخرى ؟ ولماذا تميز جهة دون اخرى؟ وهل يحق لاحدى المحافظات ان تطالب الكرد كما يطالبون الان بنسبة من واردات السياحة المتحصلة للاقليم في تلك الايام السوداء على اعتبار ان الثروات كانت ملكا عاما للشعب لايكون معها الامتياز لفئة دون اخرى ،فاذا كانت قسما من المحافظات تستفيد من الواردات ايام الهدام فان محافظات الاقليم كانت ايضا تستفاد من جهة او جهات عدة فلماذا يخصص نسبة لهم ولايخصص نسبة للمحافظات ؟؟؟ وبعد ذلك أيصح على اخواننا الكرد أن يؤمنوا ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه الاخر ؟؟؟
اما المادة -9- اولا – د- فهي الاخرى تعرضت الى جهاز المخابرات الوطني العراقي ولعبت العوامل النفسية دورها البارز في قيام تفاصيلها ، فهي اكدت على جوانب كان النظام السابق يسخر نقيضها لنفسة واتباعه ،ومن هذه الجوانب التي اكد عليها النص ان هذا الجهاز يكون تحت السيطرة المدنية ويخضع لرقابة السلطة التشريعية ويعمل وفقا للقانون وبموجب مبادئ حقوق الانسان المعترف بها . وكل هذه الجوانب بالتاكيد سليمة ومهمة لكنها لاترقى الى مستوى النص الدستوري وخاصة عبارة يعمل وفق القانون فهو بالتاكيد يعمل وفق ذلك سواء نص عليه ام لا ، كما ان عبارة – وبموجب مبادى حقوق الانسان المعترف بها – هي الاخرى لايمكن فهمها الا من خلال استعراض ايام الممارسات الغير انسانية لهذا الجهاز في ذلك العهد . ومحاولة تجاوزها في هذا العهد الجديد وعدم السماح مطلقا بان توظف وتجير مهام الجهاز الى الغير ويعيدها جاهلية بعد اسلام .
اما المادة -45- ثانيا – فقد عرجت على القبائل والعشائر العراقية وعلى الدولة ان تحرص على الاهتمام بشوؤنها بما ينسجم مع الدين والقانون وتمنع الاعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الانسان . فهذا النص ولد منذ لحظته عقيما بل ميتا ، فلو اجتمعت دولا وليس العراق بمفردة  على ان تلغي تلك الاعراف ماهي بقادرة على ذلك ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . ثم كيف يمكن الاهتمام بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون وهما نقيضان لايجتمعان في غالب الاحيان ؟ اذن لماذا ثبت هذا النص؟ واين ثبت ؟ قطعا في الدستور . والذي يفترض بواضعيه ان يرتفعوا عن هذه السفاسف وهذا الهذر من الكلام  . فهذا النص لايمكن تفسير وضعه الا بانه كتب املاءا من بعض الذين رسخت في اذهانهم تلك القيم والاعراف او بتأثير الحنين الى الماضي فارادوا ان يعكسوا كل ذلك في الدستور . او ان واضعيه ارادوا من العشائر ان تكون بالفعل على قدر المسؤولية وتتبنى مفهوم تمجيد الوطن ورفعة شانه  وتبتعد عن السمة العامة لهم وهي القربى من القوي تميل معه حيث يميل، وتتزلف الى صاحب السلطة بغض النظر عن القيم والمبادئ التي تحكم صاحب السلطة. فوضع مثل هذه المادة تحفيزا لعزائمهم واستنهاضا لحاضرهم خاصة وانهم قد غيروا وسيغيرون الكثير من المعادلات للقاعدة العريضة التي يتمتعون بها  وان الذي يستميلهم فقد استمال جزءا لايستهان به    .
واذا عدنا الى المواد ( 4- 7- 9- 18 ثانيا- 84- 119-) نجدها تسير في نفس الطريق التي سارت به المواد اعلاه متاثرة بمزيج من قيم ومفاهيم ، خليطا من عوامل شتى ، ساعدت على ظهور النصوص بالتي هي عليه ولولاها لكتب النص بصيغة اخرى او على الاقل لم يظهر بهذا المظهر الذي هو عليه الان .
هذا اعلاه نماذج وهي كثيرة في دستور2005 لم نحبب الاطالة والسرد فيها . لكن غايتنا وكما قلنا سابقا ان بعضا من نصوص الدستور كتبت بتاثير عوامل كثيرة منها اجتماعية واقتصادية ونفسية . كتبت  بقضها وقضيضها . بغثها وسمينها . مراعية احلام وميول وعواطف بعض الاطراف بغض النظر عن الاصول المرعية في كتابة كل دستور .
لذلك فالمحكمة الاتحادية الموقرة صاحبة التفسير الدستوري ملزمة بان تتبع في تفسيرها لقانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاث وهوسيعرض عليها اكيدا بان تستحضر جوهر الدستور وان تستشف النفس الوطني الذي كان يمر به اعضاء لجنة كتابة الدستور بل نفسية الشعب العراقي قاطبة وان تحارب وتضع حدا لذلك الهاجس المقيت المعشعش في نفوس الشعب من رؤية حاكما تتكرر صورته لاكثر من ثمان او عشر سنوات .

المناقشة الخامسة :
تناقلت الفضائيات مجموعة من اراء السادة الافاضل اعضاء مجلس النواب حول هذا القانون ولايهمنا هنا التعرض الى اراء المؤيدين للقانون بقدر مايهمنا ان نستعرض اراء المعارضين له ، وان جملة من اعتراضاتهم المحترمة قد تم الاجابة عليها في المناقشات اعلاه ، وبقيت ملاحظة واحدة كانت ايضا محل اعتراضهم على القانون وهي .
ان الانظمة البرلمانية المطبقة في كل دول العالم لم تنص دساتيرها على تحديد ولاية رئيس الوزراء وانما اوكل ذلك الى صناديق الاقتراع فهي الفيصل في هذا الامر وبالتالي فلامانع من أي يكون لرئيس مجلس الوزراء اكثر من ولايتين كونه التعبير الحقيقي عن الارادة الجماهيرية وان تحديد هذه الولاية خلاف مطالب الجماهير !
والاجابة على هذا الاشكال والاعتراض ، نقول نعم ان هذا الاعتراض وجيها ومقبولا فيما لو كان النظام السياسي في العراق سائرا وفق الثوابت التي هي عليه في دساتير العالم وانظمتها البرلمانية ، لذلك علينا النظر اذا مااردنا المقارنة بين دستور العراق وباقي الدساتير ، ان ننظر الى دساتير العالم ونرى ! ان النظام البرلماني في كل دول العالم له ثوابت ومقيدات ، له اصول واعتبارات ، له قواعد منظمة مستقره لمئات السنين ، له الية عمل متناسقة ، وله محددات غير متناقضة ، لاترى الاختلاف في هذه الدساتير بين نص واخر ، ولاتشاهد الارباك والتشويش فيها ، بل يتعامل مع النظام السياسي على انه نظام واحد ، ويتعامل مع كل سلطة على انها سلطة هي بالفعل مستقلة مع الانصهار النهائي في الفكرة العامة الاوهي هيمنة ارادة الدولة على باقي الارادات .
فلو راجعت اذن هذه الدساتير وراجعت الدستور العراقي لوجدت البون الشاسع والفجوة المتسعة ثم لحكمت بان اوجه المقارنة بينهما سوف يولد الكثير من التساؤلات قد لاتجد الاجابة عليها ، وقسما منها قد تجد الاجابة عليها سريعا وهو ان الدستور كتب بايادي غير مختصة ولاعلاقة لها من قريب او بعيد باصول الدساتير ولو سلم الامر الى اهل الاختصاص لكان خيرا واجدى ، ثم لتصح المقولة (ان دستورا بهذه التناقضات لجديرا بان ننبذه خلف ظهورنا ونتخذه سخريا )
فكل الانظمة البرلمانية تنص في دساتيرها على ثنائية المجالس التشريعية وان تنظيم عمل هذين المجلسين يوكل امره الى الدستور فقط لخطورة اعمالهما ، ودستور العراق هو الوحيد الذي اكد على ان المجلس الثاني وهو مجلس الاتحاد ينظم عمله بقانون مخالفا ثوابت واحكام الدساتير .
وكل الانظمة الاتحادية في دول العالم عندما توزع الاختصاصات بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية فانها تنص في دساتيرها على الاختلاف بين القانون الاتحادي والقانون المحلي فان القانون الاتحادي هو الذي يغلب على القانون المحلي ، كما نص على ذلك الدستور الامريكي في المادة (6-فقرة 2) ، لكن دستور العراق خالف كل ذلك واكد على غلبة القانون المحلي على القانون الاتحادي عند الاختلاف في الصلاحيات المشتركة وهذه المادة -115- خير شاهد على ذلك .
يقول الدكتور منذر الشاوي في كتابه – فلسفة الدولة – ص 177- (فليس من المنطق الفدرالي ولامن الواقع الاجتماعي والسياسي ان تكون اختصاصات السلطة المركزية استثناءا من سلطات المناطق المحلية في دولة كانت سلطتها الواحدة في الدولة الواحدة قائمة من ثمانين عاما .فتقاسم السلطات بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية وتصميم النظام الاتحادي في العراق سار بخلاف المنطق الفدرالي وضد توجهات المسيرة الفدرالية التي عرفتها الكثير من الدول ).
وكل الانظمة البرلمانية في العالم مثل امريكا وسويسرا والمكسيك والارجنتين واستراليا والاتحاد السوفيتي سابقا ، عندما توزع الاختصاصات فانها اما تنص على اختصاصات الحكومة المركزية والباقي تمنحه الى المحلية ، او بالعكس ، او تحدد على وجه الدقة والحصر اختصاصات كل منهما ، والدستور العراقي اوجد نظاما استثنائيا بجعل بعض الصلاحيات مشتركة بين هذا وذلك .
كذلك فان كل الانظمة الاتحادية الفدرالية كانت نتاج لظروف سياسية واجتماعية واقتصادية اقتضتها ظروف معينة ان تنتقل من الحكم الكومفدرالي الى الفدرالي ، أي انها لم تصنع صنعا من قبل المشرع الدستوري ، لكن دستور العراق قد اوجد النظام الاتحادي الفدرالي بجرة قلم من المشرع أي انه  (خلقه خلقا)  دون ان يكون استسلاما قهريا لظروف اوجبت الحاجة ان يكون النظام اتحاديا فدراليا .
وايضا فان الدساتير في العالم عندما تمنح ولاياتها نظام اللامركزية السياسية فانها تسمح لها بايجاد مجلس تشريعي في هذه المناطق المحلية ، ودستورالعراق قد اعطى المحافظات اللامركزية الادارية ومنحها حق التشريع ولم يفرق بين اللامركزية السياسية والادارية . 
اذن وبعد كل هذا الطرح كيف لنا ان نقيس دستورنا على دساتير العالم ونقول بان الانظمة البرلمانية لاتتطلب تحديد ولاية رئيس الوزراء ، فالذي يخالف كل تلك الثوابت لماذا لايخالفه في موضوع ولاية رئيس الوزراء ، وماهي الغضاضة في ان ياتي القانون ليصلح ماافسده الدستور وان يكون مثل مااراده العراقيون معبرا بالفعل عن احلامهم وتطلعاتهم مستحضرا معاناتهم في سنوات الاستبداد والاقصاء والتهميش .

المناقشة السادسة :       
اما مناقشة الموضوع من الناحية الشكلية ، فان الموضوع غاية في البساطة لانه يمكن الطعن بعدم دستورية القانون كونه لم يتخذ الشكل الدستوري الذي نص عليه الدستور في مادته -60- اولا- التي اكدت على ان مشاريع القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومادام هذا القانون لم يقدم من كليهما فان الطعن بعد الدستورية وارد بل وارد جدا .
وهنا يثار السؤال التالي :
ماذا لو رفض مجلس الوزراء ان يقدم مشروع قانون حيوي وخطير الى مجلس النواب ، وماذا لو قدم مجلس الوزراء قانونا ولم يقدم سوية من قبل رئيس الجمهورية ، او قدم من رئيس الجمهورية ورفضه مجلس الوزراء ،  كون النص ذكر (من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ) أي يشترط ان يقدم القانون من كليهما سوية ، فالدستور لم يذكر – من رئيس الجمهورية او مجلس الوزراء – بل ذكر عبارة (و) وهذه تفيد الارتباط والمعية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لم نجد جوابا شافيا قاطعا لهذا السؤال !!! سوى ذلك الجواب الروتيني القديم المخيب للامال الذي يقول ، ان مجلس النواب من الممكن له ان يستجوب رئيس مجلس الوزراء عن كل المخالفات المتعلقة بواجباته وبالتاكيد ان من واجباته ان يقدم مشروعات القوانين ، وهذا الجواب هو بالتاكيد عقيما كون المحاصصة والفئوية تجعل من هذا الامر مستحيلا .
ومما لاريب فيه فان المشرع الدستوري كان الاولى به ان يعالج هذا الداء الوبيل والمعضلة الكبرى ، بايجاد نص يلزم مجلس الوزراء وخلال مدة معينة ان يقدم مشاريع القوانين المرسلة اليه من احدى لجان مجلس النواب وان بفوات المدة المعينة يسقط حق مجلس الوزراء بالطعن في هذا القانون او ذلك .
كذلك فان مبدا الفصل بين السلطات الذي جاء به الدستور يابى هذا الامر وان كنا نذهب كما ذهب الدستور الى ضرورة ان تقدم مشاريع القوانين من السلطة التنفيذية لكن غاية الامر تتوقف على موضوع تنظيم هذا الامر بنصوص دستورية او قانونية حتى ياخذ كل ذي حق حقه ويعرف كل ذي اختصاص اختصاصه وحتى لاتتغول سلطة على اخرى ولاتكون كل سلطة رهن شقيقاتها بقية السلطات الاخرى .
 لذلك يجب صدور قانون يحدد الالية التي تقدم بها مشاريع القوانين والمدد الزمنية لذلك وتبيان وجه العلاقة بين البرلمان ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء حتى لاتكون البلاد عرضة للجهل والاستخفاف بالاوامر التنظيمية والتي يقف على راسها واخطرها وهي (القوانين) .
ونستنتج مما ذكر اعلاه :
ان القاعدة القانونية تقيد القاعدة الدستورية في النصوص القابلة للاجتهاد والتاويل ، ويمكن للمشرع الدستوري ان يتدخل في كل المفاصل التي غفل عن ذكرها الدستور بشرط ان تكون سائرة في ظل هذا  الدستور وان لاتخالف ثوابته ، وان الشروط الخاصة برئيس الجمهورية هي نفسها التي تنطبق على رئيس الوزراء ، وانه لايمكن تفسير أي نص دستوري بمعزل عن عوامل انشائه والغاية النبيلة التي من اجلها وضع .

واخيرا :
فهذا حدود فهمنا للموضوع فان وفقنا فالله الموفق وان اخطانا فالخطائون كثر …………. تقديري للجميع .

[email protected]
07812148004

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب