منذ فترة ليست بالبعيدة بدأت تحركات السيد المالكي وخطواته وقراراته التي وصفت بالتصاعدية وعدّها الكثير من المراقبين والمتابعين على انها تسير في فلك الدعاية الإعلامية والترويج الانتخابي الا ان اللافت في هذه التحركات التي بدت غير متزنة وخارجة عن المألوف من خلال اتجاهها وشروعها باتخاذ بعض القرارات الغير منسجمة مع الصلاحيات وغير متوافقة مع الثوابت الدستورية وكذلك التأثيرات على السلطة القضائية , بحيث ابتدأت هذه التحركات بالتهجم الاعلامي الغير مسبوق على من يعتبرهم خصوم ومنافسين مرورا بالتحريض على مقاطعة البرلمان والتلويح باتخاذ قرارات فردية من دون موافقته , ربما كل هذا لا يعتبر شيئا امام ما يسعى اليه السيد المالكي وائتلافه امام تشريع قانون “السلامة الوطنية ” الذي يذكر العراقيين بالحكم الدكتاتوري والعرفي الذي جثم على صدورهم عقود من الزمن. على ما يبدو بعد ادراك السيد المالكي ان غالبية المواطنين عازمون مصرون على التغيير تعبيرا عن تطلعاتهم واستجابة لنصيحة لمرجعياتهم الدينية والقيادات الوطنية وخصوصا بعد ارتفاع نسبة الذين قاموا باستلام بطاقاتهم الانتخابية عندما دعوتهم الى ذلك والكل يعلم قبل تلك الدعوة كانت نسبة الاقبال على استلام البطاقة قليل جدا. ثم بدأت تتلاشى سحب الوهم التي كانت تنطلق من الحالمين ببقاء الوضع سائرا حسب ما يرام حيث بدأت تتضح ملامح خارطة مجلس النواب القادم والحكومة المنبثقة منه ,عندها فقط ادرك المالكي وائتلافه ان رياح التغيير قد هبت نسائمها وامال الديمقراطية باتت على المشارف فلم يجدوا طريقة لتشوش الصورة غير الهجوم الى الامام من خلال افتعال ازمة هنا وتشنج هناك ومعركة في هذا المكان بعد ان تم تأخيرها مما ادى الى زيادة عدد الضحايا علما انه قد اختير وقتها بعد فوات الاوان لكي تقترب من موعد محدد , في الواقع ان اكبر تحد يواجه العملية الديمقراطية في العراق هوسعى المالكي وائتلاف دولة القانون الى اقرار قانون السلامة الوطنية “الأحكام العرفية” ربما ستكون هناك عدة ضغوط على مجلس النواب من اجل اقراره و بعدة اساليب لعل اليسير منها التخوين الطائفي او الابتزاز القضائي او التهم التلفيقية وغيرها . لان قانون السلامة الوطنية الامل الاخير في ضمان بقاء الرئيس على سدة الحكم وضرب واضعاف الخصوم ايا كانت دينية او سياسية او غيرها بحجة السلامة الوطنية . في المقابل تشعر بقية الاطراف بحجم هذا الخطر فان اقراره لا يعني فقط الاجهاز على مشروع التغيير الذي ينتظره الشعب العراقي بل سيكون قانون الندامة التاريخي بل سينسف اصل الديمقراطية في البلد ويكون مقدمة حقيقية للتقسيم على اسس طائفية وعرقية وخصوصا نحن نعيش مرحلة مخاض لولادة شرق اوسط جديد من رحم طائفي وعرقي بامتياز يتأكد ذلك مع ملاحظة التحركات الاقليمية والدولية على قدم وساق فكل يريد ان يشق طريق هذا المشروع على الكيفية التي يراها .ويفصّل الخارطة الجيوسياسية وفق مقاساته في ظل ابتعاد الغالبية عن المشروع الوطني وعدم فسح المجال للإعلام الحر ليأخذ حيزه وتبيان مخاطر هذا المشروع الذي تسعى احزاب سلطة واحزاب طائفية لفرضه امرا واقعا , لذا يجب ان يكون التماسك الوطني اكثر صلابة ونامل ان يتحطم فأس هذا المشروع بصخور اللحمة الوطنية العراقية وبعمقها الجماهيري نواته الحوزة الشريفة والعشائر الغيورة والشعب الكريم فهذه الثلاثية لها تاريخ وحاضر ومستقبل سوف تصنعه.