9 أبريل، 2024 6:53 ص
Search
Close this search box.

قانون المحكمة الإتحادية العليا … بين سذاجة الحاكم والمحكوم ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

القسم الثاني
في سلسلة مقالات ( الزعيق ) وبالرقم (75) في 10/10/2015 ، كتبت بعنوان ( قانون المحكمة الإتحادية العليا ورئاسة السيد مدحت المحمود لمجلس القضاء الأعلى ) ، موضحا أنه وبموجب أمر سلطة ( الإحتلال ) الإئتلاف المؤقتة رقم (35) في 18/9/2003 ، تم تشكيل مجلس القضاء الأعلى ، على أن يكون رئيس محكمة التمييز رئيسا له ، ولما كان السيد مدحت المحمود رئيسا لمحكمة التمييز ، فقد أصبح رئيسا لمجلس القضاء الأعلى إعتبارا من 18/9/2003 ، وإستنادا إلى أحكام المادة (44) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية الصادر في نهاية العام 2003 ، والقسم الثاني من ملحقه الصادر في 1/6/2004 ، الذي أعتبر بالنص على إنه ( القانون الأعلى للبلاد ، ويكون ملزما في أنحاء العراق كافة وبدون إستثناء ) ، مع إستمرار سلطة الإحتلال المؤقتة بإصدار أوامرها خلال المرحلتين المؤقتة والإنتقالية ، التي تبدأ من 30 حزيران 2004 وإلى حين تشكيل حكومة عراقية منتخبة بموجب دستور دائم ، في موعد أقصاه 31 كانون الأول 2005 ، وفي زمن رئاسة السيد إياد علاوي لرئاسة الوزراء صدر قانون المحكمة الإتحادية العليا رقم (30) في 24/2/2005 ، على أن يكون رئيس المحكمة المذكورة رئيس مجلس القضاء الأعلى بدلا من رئيس محكمة التمييز ، ولما كان السيد مدحت المحمود رئيسا لمجلس القضاء الأعلى بحكم منصبه رئيسا لمحكمة التمييز ، فقد تم تعيينه رئيسا للمحكمة الإتحادية العليا المشكلة بموجب قانونها أعلاه ، لغرض إستمراره في رئاسة مجلس القضاء الأعلى ، وبذلك جمع بين مسؤوليته لأكبر ثلاث سلطات قضائية في آن واحد ، إلى حين تعيين رئيس لمحكمة التمييز .

* لقد نصت المادة (3) من قانون المحكمة على أن ( تتكون المحكمة الإتحادية العليا من رئيس وثمانية أعضاء ، يجري تعيينهم من مجلس الرئاسة بناء على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى بالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم ، وفق ما هو منصوص عليه في الفقرة (هـ) من المادة (44) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية ) . وعليه فإن تحديد أعضاء المحكمة بتسعة قضاة وكيفية تعيينهم وبأي صيغة مختلفة . ليس بجديد كما يظن ويشاع ، لسهولة التلاعب بالألفاظ إداريا وبدوافع سياسية ، ولكن الغريب أن تنص أحكام المادة (6/ثالثا) من القانون على أن ( يستمر رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية العليا بالخدمة دون تحديد حد أعلى للعمر ، إلا إذا رغب بترك الخدمة ) ، بمعنى ديمومة بقاء المذكورين في مناصبهم من أجل بقاء المقصود إلى حين تركه للمنصب حسب رغبته الشخصية ، على حد المثل الشائع ( من أجل عين ألف عين تكرم ) ، مع إن نص البند المذكور هو بيت الداء في القانون ، لتعارضه مع عدم إمكانية إستمرار كامل الأهلية المطلوبة في العمل لمدى غير محدود ، خاصة عند إشغال الوظائف أو المناصب المهمة والحساسة في الدولة ، التي يتطلب تأدية مهامها وواجباتها جهدا متميزا وبمقومات صحية صحيحة وسليمة ، لما يتركه تقادم العمر من آثار سلبية على مستوى الأداء الفعلي للإنسان ، خارج حدود إرادته ورغباته وإمكانياته الذاتية ، خاصة بالنسبة للمصابين منهم بمرض جنون العظمة ، والمتشبثين بالوظيفة أو المنصب من أجل الجاه والسلطان وتحقيق المصالح الشخصية على حساب الصالح العام بشكل غير منقطع أو ممنوع ، أو الذين يعتقدون في عدم وجود من يحل محلهم ، وكأني بهم وقول الشاعر أبي العلاء المعري ( وإني وإن كنت الأخير زمانه … لآت بما لم تستطعه الأوائل ) ، أو ممن يعتقدون أن في ترك الوظيفة أو المنصب في الخدمة العامة نهاية لحياتهم الشخصية والعامة ، مثلما حصل للمرحوم جلال الطالباني من سوء الخاتمة المتكتم على تفاصيلها ، إلا إن ما سيحصل للسيد مدحت المحمود المتشبث بالمنصب ، وهو في منأى عن الإبعاد أو الإستبدال أو الإقالة ، إلا إذا رغب بترك الخدمة بناء على طلبه بالإستقالة أو بالتقاعد . قد يكون مشابها ، ولكن أكثر الناس لا يتعظون ؟!.
* كما نصت المادة (6) من القانون موضوع البحث ، على أن ( أولا- يتقاضى رئيس المحكمة الإتحادية العليا وأعضاؤها راتب ومخصصات وزير . ثانيا- يتقاضى كل من رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية العليا عند تركهم الخدمة ، راتبا تقاعديا يعادل (80%) من مجموع ما يتقاضاه كل منهم شهريا قبل إنقطاع صلتهم بالوظيفة لأي سبب كان ، عدا حالتي العزل بسبب الإدانة عن جريمة مخلة بالشرف أو بالفساد والإستقالة من دون موافقة مجلس الرئاسة ) . وهي من الإمتيازات الخاصة التي دأبت حكومات الإحتلال على إعتمادها ، دون وضع الضوابط والمعايير الواضحة واللازمة لها ، ومنها أن من يعين براتب أو بدرجة وزير ليس وزيرا من الناحية البروتوكولية ، وكذلك الحال بالنسبة لمن يعين براتب وظيفة أو منصب أعلى من وظيفته أو منصبه ، بسبب العلاقات الحزبية والسياسية القائمة في ضوء المجاملة والمحاباة ؟!. البعيدة والخالية من الأسس والقواعد المهنية ؟!. إلى حين إلغاء ما يتعلق بالراتب التقاعدي المنصوص عليه في البند (ثانيا) أعلاه ، بموجب أحكام الفقرة (ط) من البند (أولا) من المادة (38) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 ، إن تم وصح تطبيقه فعلا ؟!.

*ولما كان قانون المحكمة الإتحادية نافذا إعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 17/5/2005 ، دون أن يكون هنالك من تحديد لمدة خدمة رئيس وأعضاء المحكمة ، فإن من المعيب أن تحدد مدة الخدمة فيها ب (12) سنة ، كما صرح بذلك السيد مدحت المحمود للأسف الشديد ؟!، وهو إجتهاد شخصي وخاطئ وغير متوقع صدوره منه ، وهو رجل القانون والقضاء الأول في العراق ، لأن القاضي وبموجب قوانين الخدمة العامة أو الخاصة ، تتحتم إحالته إلى التقاعد إذا بلغ من العمر ( 63-70 ) سنة ، وما جواز الخدمة طول العمر إلا بدعة إدارية ومخالفة صريحة لجميع المعايير والقواعد المعمول بها منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 . والغريب أن تؤكد المحكمة الإتحادية ذاتها والمختصة بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة ، ببيانها المؤرخ في 26/10/2019 ، نفي أن يكون رئيسها القاضي مدحت المحمود يشغل وظيفة رئيس مجلس القضاء الأعلى ، الذي يشغله القاضي فائق زيدان رئيس محكمة التمييز الاتحادية منذ بداية عام ٢٠١٧ ولغاية الآن ، وذلك بعد صدور قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (٤٥) لسنة ٢٠١٧ . دون التطرق إلى عدم دستورية قانون المحكمة ، وعدم جواز إستمرارها في عملها منذ 28/12/2005 خلافا للدستور والقانون ؟!. وما هو الموقف من عدم سلامة قراراتها من العيوب التي تؤدي إلى بطلانها منذ التأريخ المذكور آنفا ؟!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب