22 ديسمبر، 2024 10:02 م

قانون المحكمة الإتحادية العليا … بين سذاجة الحاكم والمحكوم ؟!

قانون المحكمة الإتحادية العليا … بين سذاجة الحاكم والمحكوم ؟!

القسم الأول
سباقا مع الزمن . وقبل الدخول في بحث تفاصيل الموضوع ، أعرض الحل لمشكلة الصراع على كيفية تطبيق أحكام المادة (92) من الدستور لسنة 2005 ، حيث النص على أن ( أولا :- المحكمة الإتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا وإداريا . ثانيا :- تتكون المحكمة الإتحادية العليا من عدد من القضاة ، وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون يحدد عددهم ، وتنظم طريقة إختيارهم ، وعمل المحكمة ، بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ) . ودفعا للمخاوف من تشكيل المحكمة الإتحادية على وفق التفسير المطلق للنص المذكورة أعلاه ، نرى أن ينص قانون التشكيل الجديد على عبارة ( مع مراعاة أحكام المادة (140) من قانون الإثبات رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٩ ، فيما يخص مهام الخبراء ) ، أو ( تحدد أو تقيد مهام الخبراء حسب نص المادة (١٤٠) من قانون الإثبات رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٩ ) ، التي تنص على أن ( أولا – للمحكمة أن تتخذ من تقرير الخبير سببا لحكمها . ثانيا – رأي الخبير لا يقيد المحكمة ، وعليها إذا قضت بخلاف رأيه أن تضمن حكمها الأسباب التي أوجبت عدم الأخذ برأي الخبير كلا أو بعضا ) . لأن الخبير لا يعد من السلطة القضائية ، وبذلك يكون له حق إبداء الرأي والمشورة فقط ، ومن غير أن يكون له حق التصويت في إتخاذ القرار ، وذلك ما ذهبت إليه نقابة المحامين العراقيين بشكل مختصر ومن غير الإشارة إلى المادة (140) من قانون الإثبات ، وذلك هو الحل لعقدة التشريع المختلف عليها . حيث لا مناص من الخضوع لأحكام القانون .
ولأن الكل يعرف سيطرة الأحزاب العرقية والطائفية والمذهبية والإثنية الحاكمة بعد الإحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003 ، على مقدرات السلطات الأربع وليس الثلاث ، وتوجيهها حسبما تفرضه الأجندات الأجنبية الخارجية ، أو رؤى النقص المعرفي والثقافي القانوني ، الذي يحيط بعقول ونفوس معظم أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ومنهم على وجه الخصوص السادة أعضاء ( مجلس النواب ) ، فلا أجد غير ما يؤكد عدم الحاجة لأي مبرر لكل هذا الصخب والضجيج السياسي ، سيما وأن بإمكانية تلك الأحزاب العمل بموجب أي قانون أو من غير قانون لتحقيق مآربها ، فما بالكم أيها المطبلون والمزمرون بإسم المدنية والعلمانية ، على صفحات التواصل الإجتماعي ومن على شاشات الفضائيات ، بصفات المحلل السياسي والناشط المدني والمعارض والمتظاهر الشاب الذي لم يكمل مرحلة الدراسة الإعدادية ؟!، تتجاهلون أو تجهلون أن أروع ما في تطبيقات مبدأ الرأي والرأي الآخر ، أن تقدم ما هو أحسن وأفضل مما تسمع أو تقرأ ، وأقل من ذلك أن تكشف مواطن الخلل والخطأ فيما تسمع أو تقرأ بأدلة الحجج والبراهين الرصينة ، عندها سنكون أمام جحافل من أصحاب الآراء السديدة والمتينة القابلة للتطبيق والأكثر خيرا ونفعا للعالمين ، بعد تعزيز الأقوال بمقترحات الحلول والمعالجات المهنية الصحيحة والسليمة لمجموعة المشاكل والمعوقات المستديمة ، بفعل النقد المهني المؤطر بأهداف الإصلاح والتغيير وليس بمزايدات وشعارات الإنتقاد الحزبي والسياسي الموجه لنشر الغسيل والتسقيط منذ الإحتلال ولغاية الآن ؟!.
لقد صعقت عجبا من تبادل التهاني وادعاء النصر ؟!، عن أمر محسوم بموجب قانون الإثبات رقم ١٠٧ لسنة ١٩٧٩ ، فقليل من الثقافة القانونية لدى الشعب كفيلة بمعرفة الحل المطلوب ، ودحض نوايا ورغبات أطراف الصراع على السلطة ، بمشاركة الخبراء للقضاء في إصدار قراراته خلافا للقانون ، ففشلوا أو تمكنوا من تمرير مسودة قانون للمحكمة الإتحادية العليا حسبما نسمع ، لأن القانون لم يصدر ولم ينشر في جريدة الوقائع العرقية ؟!. ليتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود من الفجر ، وما تلك المسودة التي بيمينك أيها ( النائب ) الفائز بإشغال المقعد النيابي زورا وبهتانا ومن غير مؤهلات الإستحقاق المهني التشريعي ، إلا مشروع القانون الجديد الذي تم تسريبه للتداول ، والذي لم نجد فيه إلا الضحك على الذقون ، حيث المرة الأولى التي أقرأ فيها مسودة قانون بدون سند من الدستور ، ثم ماهو رقم وتاريخ قرار المحكمة الإتحادية العليا القاضي بعدم دستورية المادة (3) من القانون رقم (30) لسنة 2005 ، ولماذا الآن وقد ألغي السند القانوني لتشكيل تلك المحكمة بعد عشرة أشهر من صدوره بموجب الدستور ؟!، حينها فقدت المحكمة الإتحادية العليا شرعية وجودها ، خاصة منذ وافق الشعب على الدستور في ٢٥/١٠/٢٠٠٥ ، ومنذ أن شكلت الحكومة في ١٥/١٢/٢٠٠٥ ، ومنذ نشر الدستور في جريدة الوقائع العراقية في ٢٨/١٢/٢٠٠٥ ، فبأي الآلاء تحكمون وإلى أي منها تحتكمون ، فما لكم لا تقرأون ووراء كل أساطير الخرافة وجهل المطبلين والمظلين تركضون ، إلا تعلمون أن إعادة تشكيل المحكمة خارج نص المادة (92) من الدستور باطل أيها المشرعون . وربما لا يخطر على بال معظم المتابعين ، أن سبب ذكر الأحداث الثلاثة لفقدان المحكمة الإتحادية العليا لسند تشكيلها القانوني ، هو الطلاق البائن بالثلاث لقانون إدارة الدولة بنص المادة (143) من الدستور على أن ( يلغى قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية وملحقه عند قيام الحكومة الجديدة ، بإستثناء ما ورد في الفقرة (أ) من المادة (53) والمادة (58) منه ) ، وبنص المادة (144) من الدستور أيضا ، على أن ( يعد هذا الدستور نافذا ، بعد موافقة الشعب عليه بالإستفتاء العام ، ونشره في الجريدة الرسمية ، وتشكيل الحكومة بموجبه ) . وهذه هي الثلاثة الموجبات لمن يريد الكتابة والكلام بسند معتمد ونافذ المفعول . ومن ثم لماذا القانون المقترح والجديد نافذ لغاية 1/4/2023 ومهام المحكمة دائمية ، ومحددة بالدستور ولا حاجة لتكرارها ذرا للرماد في عيون أصابها الرمد منذ سنة 2003 ، ليصبح في عداد أمراض الفشل والفساد المستعصية وغير القابلة للعلاج وللأسف الشديد ؟!. ولربما يكون وراء كل ذلك ما ستكشفه قابل الأيام ، ولسنا من ذلك وغيره بمستغربين ؟!.