القسم الرابع والثلاثون
الفصل التاسع- الإجازات والأعياد والعطل الرسمية
المرض من حالات القوة القاهرة , المانعة من مزاولة المهنة بشكل مؤقت أو دائم في غير حالة الإصابة الناشئة عن العمل أو غيره من الحوادث , فإن تعرض العامل للإصابة به بفعل العوامل المختلفة في أي وقت أو مكان , توجب عليه مراجعة الدوائر الصحية الرسمية المختصة , لتقرير ما تحتاجه حالته الصحية من معالجة أو منح إجازة أو إستحقاق تعويض مالي أو راتب تقاعدي ، حسب أحكام قانون التقاعد والضمان الإجتماعي رقم (39) لسنة 1971- المعدل وقانون العمل النافذ موضوع البحث ، حيث ( يستحق العامل إجازة مرضية بأجر تام يدفع من صاحب العمل لمدة (30) ثلاثين يوما عن كل سنة عمل ) ، وهذا لا يعني إستحقاقا ثابتا لمدة الإجازة المرضية خلال كل سنة من مدة خدمته ، وإنما ما يترتب على صاحب العمل من دفع للأجر التام عن الإجازات المرضية الممنوحة للعامل خلال سنة العمل ، والتي لم يحدد القانون مقدار حدها الأعلى في كل سنة ، مما سيترتب على التمتع بما زاد على ذلك سنويا ومن غير تحديد أيضا ، أن تتحمل تكاليفه مؤسسة التقاعد والضمان الإجتماعي للعمال حسب أحكام قانونها المذكور آنفا ، وعليه يتوجب تحديد إستحقاق العامل السنوي من الإجازة المرضية ب (12) إثنا عشر يوما ( بمعدل يوم واحد عن كل شهر في خدمة فعلية ) ، بسبب التطور الحاصل في ضمانات المعالجة الصحية ، إضافة إلى تعدد أنواع الإجازات الممنوحة لمعالجة إنقطاع العامل عن عمله بموجبها ، مع إطلاق المتراكم من غير تحديد لحده الأعلى ، لعدم الحاجة لما يوجب النص على أن ( يجوز تراكم الإجازات المرضية التي يستحقها العامل لغاية (180) مئة وثمانين يوما ) ، بسبب تعدد مدد التمتع بالإجازات المرضية في غير الحالات الإعتيادية ، والناشئة عن إصابة العمل ونتائج الحوادث أو الإصابة بالأمراض المستعصية والعجز الصحي ، وكما هو مقرر في تطبق أحكام قانون التقاعد والضمان الإجتماعي للعمال ، ولا أعتقد في صحة النص على أن ( يرجع صاحب العمل على دائرة التقاعد والضمان الإجتماعي للعمال ، عما دفعه إلى العامل المضمون عن أجور إجازته المرضية التي دفعها إليه بما يزيد على (30) ثلاثين يوما في السنة ) ، وأـحكام المادة (80/أولا وثانيا) لا تنص على ذلك ، ويبدو أن مفهوم المتراكم قد إلتبس لدى المشرع ، عندما لم يحدد فيه إستحقاق العامل السنوي من مدة الإجازة كما أسلفنا ، ومع إفتراض القصد الوهمي كما ذكر ، فإن التمتع بأية إجازة مرضية بأجر تام ، لا يتم إلا بوجود ما يقابله من رصيد الإجازات الناشيء عند مدة الخدمة الفعلية ، بمعنى أن إستحقاق الإجازة لمدة (30) ثلاثين يوما في السنة ، لا يتحقق إلا بتدرج مجموع الإستحقاق بمعدل يوم واحد عن كل (12,5) يوما , ولن يبلغ (30) يوما إلا في نهاية السنة كاملة ، كما لا يبلغ المتراكم لمدة (180) يوما ، إلا بعد إنقضاء (6) ست سنوات في خدمة فعلية ، ولا أريد التوسع في تفاصيل ما يمكن للمشرع والقارئ الكريم معرفتها بعد الإطلاع على مضمون كتابنا الموسوم ( الإجازات المرضية – دراسة تحليلية للنص القانوني والتطبيق العملي ) ، المودع في دار الكتب والوثائق ببغداد بالرقم (345) لسنة 2009
-* من المعلوم بالضرورة أن ( تمنح الإجازة المرضية إستنادا إلى تقرير طبي صادر عن الجهة الطبية المعتمدة لدى صاحب العمل أو عن جهة طبية رسمية ) ، إلا إن التجربة العملية ، أثبتت فساد حالات منح الإجازة المرضية بفعل المؤثرات غير الصحية ، خاصة بعد التوسع في ترخيص المستشفيات الأهلية ، مما يتوجب تحديد منحها من قبل الجهات الصحية الرسمية فقط ، منعا لإستحصال الموظف أو العامل على الإجازة المرضية بفعل حالات التمارض والعلاقات الشخصية ، وللحد من توسع إنتشارها كوسيلة لا تصب في صالح العمل بقدر ما ، ضمانا بذات المقدار في أن ( تعد مدة التمتع بالإجازة المرضية خدمة فعلية لأغراض هذا القانون والقوانين الأخرى ) .
-* ليس مستغربا في أن نجد تشريعا غريب الأطوار بعد الإحتلال ، حين يشيع ما ليس فيه من مسوغات الموجبات ، بعد أن يحدد إستحقاق العامل من الإجازات الممنوحة بناء على طلبه ، لتلبية مقتضيات ومتطلبات حاجاته الشخصية , ومنها ما يجب إلغاؤه بسبب الغلو والتطرف في المنح غير المستوفي لشروط أسس وقواعد الإستحقاق المهني ، خاصة وأن المشرع لم يوضح فيما إذا كانت تلك الإجازات خاصة وبأجر تام ، كما لم يحدد مدة قسم منها ومن غير إطلاق ، أو أن يتم منحها من رصيد ما خصص للعامل من الإجازات وحسب الإستحقاق ( براتب أو بدونه ) ؟!. وهل على صاحب العمل دفع تكاليفها أسوة بغيرها ، إذ كيف ( يستحق العامل إجازة بأجر تام لأسباب شخصية عند ( زواج العامل (5) خمسة أيام – زواج إبن أو إبنة العامل (1) يوم واحد – وفاة الزوج او الزوجة او الاب او الام او الابن او الابنة او الاخ او الاخت او احد والدي الزوج او الزوجة (5) خمسة ايام ) ، ولربما نسي المشرع النص على أن يقدم صاحب العمل هدية مناسبة تتلائم ونوع المناسبة وأهمية العامل ومكانته بين العمال ؟!.
-* لا بد من النص على تحمل المؤسسة تكاليف الإجازات الخاصة للعامل وما يتوجب دفعه لصاحب العمل حسب نسبة الضرر المتحقق عن ترك العامل لساحات العمل وجوبا ، مثل ( للعاملة المضمونة المتوفى عنها زوجها التمتع بإجازة لمدة (130) مائة وثلاثون يوما بأجر تام للعدة التي تقضيها وفق القانون ) ، وفي أن ( يمنح العامل إجازة حج بدون أجر ولمرة واحدة طوال خدمته وحسب طلبه ) ، على أن لا تزيد مدتها على (20) يوما كما هو سائد في العرف الإداري ، كما لا يجوز النص على أن ( يستحق العامل إجازة باجر تام للقيام بالواجبات الرسمية أو العامة ، لممارسة حق الإنتخاب أو للحضور أمام المحكمة كشاهد أو خبير ، وفي الحالات الأخرى المنصوص عليها في القانون أو في عقد العمل الجماعي ) ، لأن في الحالات المذكورة ما لا يصح بمعالجته بإستحقاق الإجازة ومنحها ، فلكل حالة أسبابها والمدة اللازمة لها ، وهي من الحالات العامة والخاصة التي تحكمها القواعد العامة ، كما لا نجد في أن ( يستحق العامل إجازة بأجر تام للقيام بالواجبات النقابية ، على أن ينص على ذلك في الإتفاق الجماعي المطبق ) ، إذ على العامل التفرغ للعمل وإنفاق ساعاته كلها خلال أوقات الدوام الرسمي ، لإمكانية القيام بالواجبات النقابية خارج أوقات العمل الرسمي . بدلا من ممارستها على حسابه أو على حساب ساعات العمل ، مما قد يلجأ ( صاحب العمل ، عند الضرورة ، منح العامل بناء على طلبه إجازة بدون أجر ) ، ليأت النص المكرر عند بحث كل حالة ، في أن ( يعاقب كل من يخالف الأحكام المتعلقة بساعات العمل والإجازات المنصوص عليها في هذا القانون ، بغرامة لا تقل عن (50,000) خمسين ألف دينار ولا تزيد على (100,000) مائة ألف دينار ، وتتعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت المخالفة في شأنهم .