19 ديسمبر، 2024 12:56 ص

قانون العمل النافذ في الميزان

قانون العمل النافذ في الميزان

القسم الثاني والعشرون
الفصل السابع
الفرع الأول – الأجور
الأجر هو كل ما يستحقه العامل من مال على صاحب العمل الذي إستخدمه ، أيا كانت طريقة إحتسابه , لقاء عمله من تأريخ مباشرته العمل . وهو وفقا لمفهوم الإقتصاديين الليبراليين عائد العمل . والأجير أو العامل في الإقتصاد الرأسمالي هو الشخص الذي يبيع قوة عمله لرب العمل مقابل شراء قوة العمل ، وفيه تعتبر قوة العمل أو القدرة عليه سلعة تباع وتشترى ، ولها قيمة مبادلة معينة ، أو ثمن معين يتحدد طبقا لنفس القوى التي تحدد قيم أو ثمن أي سلعة أخرى ، وقد أوضح الإقتصاديون الليبراليون الذين وضعوا أسس الفكر النظري للإقتصاد الرأسمالي ، أن العمل شأنه في ذلك شأن كل سلعة ، تتحدد له قيمة مبادلة معينة ، وهذه القيمة يسمح بها فقط بالمحافظ على حياة العامل وحياة أسرته ، لأن الأجر الذي يناله هو مجموع قيم السلع اللازمة للإستهلاك البشري الضروري لإدامة الحياة المعيشية له ولعائلته ، ولأن الأجر الذي يناله العامل يميل دائما إلى التساوي مع هذه القيمة . لقد لاحظ بعض الإقتصاديين المعاصرين أن هناك تطور قد حدث في سوق العمل في البلاد الرأسمالية المتقدمة ، حيث لم تعد سوقا حرة ، بل أصبحت تتميز بالتنظيمات الإحتكارية من جانب أرباب العمل ، وبالتنظيمات النقابية الضاغطة من جانب العمال ، مما جعل الأجر يتحدد طبقا لنظرية الاحتكار من جانبين ، حيث يميل الأجر إلى أن يتحدد في صالح الجانب الذي تكون له قوة ضغط أكبر على الجانب الآخر، ويقوم هذا الصراع في تحديد الأجر، على فرضية أن الأجر يجب أن يعكس الإنتاجية الجدية للعامل ، بينما يحاول صاحب العمل إعطاء العامل أجرا أقل من الإنتاجية الجدية في أغلب الأحيان ، لكي يحقق نسبة أكبر من الأرباح لنفسه ، مما يشكل ما يعرف ب ( فائض القيمة ) الذي ينتج عن تراكم رأس المال . أما في الإقتصاديات الإشتراكية فالدولة هي التي تتولى تحديد الأجور، وهي تراعي في ذلك تحقيق مستوى إنساني لائق لحياة العامل ، كما تراعي كذلك عن طريق نظام الحوافز مكافأة العامل ذي الإنتاجية المرتفعة ، طبقا لما تضعه خطة الدولة من أهداف وأسس ومعايير. أما الراتب فهو الأجر أيضا ، الذي يتقاضاه الشخص العامل من الجهة التي يعمل بها ، سواء كان العمل في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص ، وتختلف الرواتب من دولة إلى أخرى ، حيث يلعب إقتصاد الدولة دور مهم بقوة الرواتب وضعفها . وكذلك الشركات والمؤسسات العاملة في دولة ما ، إذ تخضع للإقتصاد وقوته . وعادة ما يصرف الراتب للعاملين في القطاعين الحكومي والخاص بعد مضي ثلاثون يوما ، وتوجد دول قليلة تمنح موظفيها رواتبهم بصورة يومية أو بصورة أسبوعيه . وفي أغلب الدول يزيد دخل الموظف ( الراتب ) كل عام ، كما يزيد الراتب أيضا حين تتم ترقية الموظف للمرتبة التي تلي مرتبته . أما الحد الأدنى للأجور ، فهو أدنى مبلغ من المال يتقاضاه العامل في الساعة أو اليوم أو الشهر بحكم القانون ، وهو أيضا أدنى مبلغ يجوز فيه للعامل أن يبيع جهده به ، وقد يتحدد هذا المبلغ لتغطية أجور كل العمال أو مجموعة منهم يعملون في صناعات معينة ، إلا أن قوانين الحد الأدنى للأجور كثيرا ما لا تغطي أجور الأشخاص الذين يعملون في حرف أو صناعات يمتلكونها ، وكذلك الحال بالنسبة للأشخاص الذين يعملون موظفين في الشركات والمصانع الصغيرة ، ويوضع الحد الأدنى غير الرسمي للأجور في بعض البلدان الأوروبية ، من خلال الإتفاقات المتبادلة بين النقابات وأصحاب الأعمال . كما إن التوزيع المتساوي للأجور طبقا لطبيعة العمل المتساوية هو أحد مباديء حقوق العمال ، التي يتساوى فيها أجر من يعملون في نفس مكان العمل في الأجور ، وهو قضية شائعة جدا عند الحديث عن التمييز الجنسي فيما يتعلق بفجوة الأجور بين الجنسين . فالأجر المتساوي يشمل جميع مستويات الأجور والحوافز ، وهي الراتب الأساسي ورواتب الأجراء والمكافآت والبدلات . حيث تمت معالجة المشكلة بأشكال متفاوتة حسب البلدان ، ففي أميركا وضع قانون العدالة في الأجور عام 1963، عنده أصبح من غير القانوني في الولايات المتحدة الأمريكية أن يتم التفرقة بين أجور النساء والرجال في نفس الوظيفة وفي نفس مكان العمال ، فمع التوسع في تقنين أجور العمال إبان الثورة الصناعية ، كانت المرأة دائما ما تتقاضى أجورا أقل من نظرائها الذكور في نفس العمل ، سواء بسبب أنهم نساء في الأساس أو تحت أي ذريعة أخرى ، في نفس الوقت ظهر مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي كجزء من الموجة الأولى للتسوية ، مع الجهود المبكرة المرتبطة بالنشاطات النقابية في الدول المصنعة في القرن التاسع عشر، ومنها سلسلة الإضرابات التي نظمتها النقابات النسوية في المملكة المتحدة عام 1830. لكن الضغوط التي مارستها النقابات العمالية كان لها آثار متفاوتة ، ولكن وعلى الرغم من ذلك ، فإن النقابات والمجالس التشريعية للدول الصناعية بدأت بالتدريج بتبني مبدأ الأجر المتساوي للأعمال المتساوية ، فكانت مقدمات قانون الأجور في المملكة المتحدة عام 1970 إستجابة لإتفاقية روما وإضراب مصنع فورد للحياكة عام 1968، وفي السنوات الأخيرة فإن النقابات الأـوروبية تمارس ضغوطها المتواصلة على الدول وأرباب العمل لإنجاز هذا التوجه .