23 ديسمبر، 2024 6:17 ص

قانون العشائر يتعارض مع أحكام الدستور

قانون العشائر يتعارض مع أحكام الدستور

اعتمد واضعو وصائغو  قانون  العشائر طريقة ملتبسة وملتوية  لإسناد وشرعنة القانون لفقرة دستورية هي المادة (45) من أحكام الفقرة (ثانياً)  والتي تنص على أن “تنهض 
الدولة بالقبائل والعشائر العراقية، وتهتم بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون، وتعزز قيمها الإنسانية النبيلة، بما يساهم في تطوير المجتمع، وتمنع الأعراف العشائرية التي 
تتنافى مع حقوق الإنسان”.
والمآخذ على هكذا قوانين ان يتم العمل على تشريعها او إقرارها بالاتفاق مع رؤساء بعض الكتل ووجوه اخرى دون دراسة او الأخذ بوجهة نظر الأطراف المختصة وكذلك عدم 
عمل استبيانات شعبية وبالنتيجة فأن  النواب التابعين لتك الكتل مطالبون بالتصويت عليها في قاعة البرلمان .
 وان المادة الدستورية في تفسيرها لم تنص على تشريع قانون عشائري لأنه يتعارض مع أحكام الدستور الذي يشير الى قيام دولة مدنية الأمر الذي يتطلب تفسيرا حول هل إن 
العودة الى قرار سنه النظام السابق بالاعتماد على قانون ملغي منذ خمسينيات القرن الماضي  يساهم في تطوير المجتمع لاسيما ان من يسعى لإقراره سياسيون حاربوا وجرموا 
النظام السابق وخاصة ان الظرف العراقي يشهد من الناحية المجتمعية تسلط القرار العشائري في العديد من القضايا ذات طابع الثأر الشخصي.
ومن ناحية أخرى يشير القانون العشائري في إحدى فقراته الى تأسيس مجلس قبائل وعشائر العراق (يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري وله مجالس محلية في 
جميع مراكز المحافظات)، وهذا المجلس يشكل عبئا ماليا يرهق كاهل الدولة وهي تمر بأزمة مالية وترهل حكومي ووظيفي ويضعها أمام واقع اقتصادي تم تصنيفيه بالصعب، 
بسبب سوء الأوضاع السياسية والخلافات بين الكتل،  وأيضا التوترات الأمنية كما ان  الحرب ضد داعش استنزفت جزءا مهما من ميزانية الدولة جميع تلك الأسباب أدت الى 
زيادة العجز في ميزانية الدولة والناتج المحلي، ما اضطر العراق الى اقتراض مليارات الدولارات من البنوك العالمية لسد العجز لديه كل هذا يضاف له مجلس عشائر!! هل 
يصوت البرلمان لإقرار هكذا قانون مكلف حين تفلس البلاد و تقر باستقطاع ما يقارب 4 بالمائة من إجمالي رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين؟ وهل ستسد الاستقطاعات 
تكاليف إقرار القانون؟.
اما إذا ترأس كل فرد من عائلة او إذا أُعطي حق الكوتا كما طالب بعضهم للنساء فسيصبح لدينا شيوخ وشيخات!! وسيحتاج العراق الى مصادر غير متاحة لتمويل مرتباتهم.
ان العشائر لا تحتاج الى قوانين كونها تعتمد في قوانينها على “السنينة” وهي أحكام وقرارات تستنبط من تقاليد العرف السائد في المناطق التي تقطنها العشائر، والقانون عادة 
يهذب ويشذب هذا العرف لصالح قوة الدولة التي تنعكس إيجابا في ترسيخ قوة المواطنة.
ولا يوجد مسوغ او ظرف يدفع البلاد الى تشريع قانون قبلي سوى انه خطوة دبرت عن دراية  لفتح مزيد من الفجوات وشرعنة خطوات مستقبلية  تؤدي للإجهاز على مفاصل 
الدولة لتبقى بيد  ثلة تحاول تفعيل  مشروع يقضي  بتغليب الهويات المذهبية والعرقية  والمناطقية لتطغى على الهوية الوطنية وتشظيها ويمكن اعتبار قانون العشائر هو الخطوة 
الأولى والخفية لهذا المشروع.
سؤالي في ما يخص المواطن اذا سن هذا القانون لمن يلجأ ؟؟ ..اذا حكمت المحكمة بقرار هل سينقضه شيخ العشيرة !!!! وهل سأعامل كمواطنة اعتيادية ام اجنح تحت سلطة 
عشيرتي !!!
لذلك يحتم الوضع الراهن على ممثلي البرلمان ترك أساليب الكسب الانتخابي المكشوفة والتفكير بحجز مقاعد عشائرية للصالح الشخصي وعليهم الابتعاد عن المجتمع وقوانينه، 
فلا يمكن إقامة دولة عدالة وقانون مدنية  متقدمة باللجوء الى القبلية والسير بهذا الاتجاه يدفع بالبلاد بالى رجوع للقرون المتأخرة، وعلى الجميع ترك القضاء والقانون يتولى 
مهمته الأساسية بعيد عن التخبط والحملات التي تهدف وتخدم مصالح شخصية وحزبية ولا علاقة لها بالمجتمع وتطويره.