عشر سنوات من منجزات جرداء لا لون فيها ولا طعم ولا رائحة ودورتان ونصف من حلقتان مفرغتان تماما من محتواهما تحت قبة أُسست للتشريع والرقابة ومحصلة بات ضررها أكثر بكثير من نفعها وبعد كل تلك الاشواط من النزالات والضربات الموجعة والقاضية نرى ان النتيجة الوحيدة التي تعلن في النهاية مهما أختلف ميدان الصراع ومكانه وزمانه هي المصالح لاغير , فكل القوانين التي شرعت كانت سطحية ولايمكننا وصفها بالمنجزات التفاعلية مع المتطلبات الواقعية والشعبية وضمن مستوى طموح المرحلة على عكس الخطابات والبيانات التي تصف تلك القوانين بكونها الاحسن وليس كمثلها شئ كما يُعلن على الملأ وكان أغلبها يدور في أكثر التطبيقات أستحباباً لدى جمهور القبة وهو تطبيق الامتيازات الذي لاغنى عنه في كل دورة بدءًا من تحسين المعيشة الى المعالجات الصحية والتجميلية والنفسية وصولاً الى الايفادات وما يتبعها من مسرات ومقبلات أشكال والوان قبل تقديم الوجبة الرئيسية التي تعد خصيصا بما تشتهي الانفس وبمقدار ما تستطيع البطون الكبيرة ان تحوي , كل هذا والموازنات السنوية والمخصصات والرواتب أعتيادية كانت أو تقاعدية محفوظة لا يمكن التقرب منها فأن مسّها سؤال قامت القبة ولم تقعد فتراهم متحدين صائحين باعلى أصواتهم تلك حدود القبة فلا تقربوها وتكون قلوبهم بالظاهر معنا وسيوفهم الصخباء علينا .
وبالمعايير العالمية وعلى مدى التاريخ فقد أرتقت القبة البرلمانية الى أن تتصدر القائمة لأسوأ مؤسسة في العالم كما جاء في صحيفة الديلي ميل وبالخط العريض وعلى صفحتها الاولى وأما بالمعايير المحلية وبالعراقي وبالحسابات النقدية لنضع كل ماقدمته القبة في كفة ميزان وما صرف عليها من موازنات خارقة حارقة في الكفة الاخرى ولنتبصر ونستقرأ أهمية القوانين التي أنطلقت بأنتقائية حزبية وكتلوية , ماذا غيرت تلك القوانين وما هو المتحقق فعلا من الانجازات وعلى أي صعيد , كل تلك السنوات العشر لم يقر قانون واحد له فعاليته المؤثرة وعلى عكس المطلوب فقد أُقرت قوانين خرقاء بلهاء لانفع فيها إلا لقضاء وقت الفراغ , فما نفع قانون يحظر الضوضاء التي تنبعث من المولدات الاهلية في ظل التدهور الكبير في أنتاج الطاقة الكهربائية بالرغم من المليارات الثمانية والاربعين التي أُنفقت على هذا القطاع , وما نفع قوانين تخص الموافقة على أتفاقيات لانعرف مضامينها قد أكل الدهر عليها وشرب مع دول بالكاد نسمع بها , قد كان الامر واضحا وجليا منذ أن بدأت المساومات على المناصب بعد أنتخابات عام 2014 وكان أول المخرجات من القبة التشريعية هي التصويت على ثلاث وثلاثين وزراة في الوقت الذي كانت فيه خزينة الشعب ” وليس الدولة ” فارغة خاوية بلا درهم ولا عانة , ثم تلى ذلك التصفيق الحار وهم قائمون لما أعتبروه أنجازا قد تخطى الابعاد التشريعية في العالم وهو الموافقة على موازنة بها عجز 25% وكان هذا بعد أن تلقوا مخصصات تحسين معيشة وقدرها حفنة من الدولارات هذه المخصصات التي عجز الباحثون عن أن يجدوها في أي قاموس تشريعي حتى في الدول الثرية والعريقة في الانظمة الديمقراطية .
الفساد هو الشرعنة الجديدة التي اضيفت الى مكنونات الحياة السياسية في العراق والذي فاقت تاثيراته ليهدد وجودنا كشعب و كوطن وقد أصبح من المفردات المعتادة والتي لاتفارق أي حديث اعلامي وعلى كل المستويات بغض النظر عن معتقداتها ومرجعياتها ومفاهيمها وعلى الرغم من تعالي الاصوات الشعبية والتي كانت لها السبق بالمطالبة بعميلة أصلاح جامعة شاملة في هيكل الحكومة المتهرئ أصلا ألا أنها لم ُتسمع ممن يجلسون على الكراسي بصفة ممثلين عن الشعب وكان الاولى أن تؤجل كل القوانين والتعليمات والقراءات وأن يُعد برنامجاً خاصاً وبفترة زمنية قياسية لمراجعة جميع الملفات السابقة والحالية ثم أقرار قانون أو مجموعة من القوانين الاستثنائية التي تمنح الصلاحيات المناسبة للجهات التنفيذية لتفكيك أجهزة الفساد قبل أن تتضخم ويصبح الفساد منهجا متعارفا علية في الاوساط السياسية بلا خجل ولا أستحياء وحيث أن الفساد أتى بمعظمه من كيان الحكومة باحزابها وكتلها و مكوناتها كان لابد من أن تُسن روادع أستباقية تحظر على الاحزاب المشاركة في العميلة السياسية وبكل مفاصلها ومؤسساتها في حال أثبات أي تهمة فساد أو أهدار بالمال العام أو سوء أدارة لأي مرشح من تلك الاحزاب مهما كانت الدرجة الوظيفية التي يعمل بها على الاقل لما تبقى من عمر الحكومة أو بالدورات اللاحقة , ومنع تلك الاحزاب أو الشخصيات على أختلاف عناوينها من الاستحواذ على المقرات التي تعود بالاصل الى الشعب وأخلاءها على الفور والاخطر من ذلك تلك القصور والاقطاعيات التي أصبحت مركزا تنطلق منه كل التصارعات بين المسميات التي تكالبت على العراق , وسيؤدي هذا بطبيعة الحال الى الحد من النفوذ المتنامي على مؤسسات الحكومة المركزية ومقدرات المحافظات تحت ظل سيطرة الاحزاب المتنفذة فيها التي استطاعت أن تبلع ثروات تلك المحافظات وترميها عظماً , وهذا بالطبع ليس بالشئ العظيم ولا المستحيل أذا ما توفرت الارادة الوطنية واصبحت البواعث التي تنطلق من الضمير حاضرة بدلا من اللغط والهذر الذي يصدعنا على مدار الساعة حين يتهافتون على التحليق بين أثير فضائيات تعود لاحزاب لايُعرف مصدر تمويلها وأغلب الظن هي تلك الهيئات الاقتصادية التي أنهكت كل مقدرات الشعب وهي منهم وفيهم واليهم .
أما الدور الرقابي فلا يستحق حتى أن يذكر في كراريس محوى الامية السياسية لضئالته وسذاجته وتوزيعه على لجان يصبح أعضائها ابطالا في عيون الناعقين ومن يتبعهم من السذج من الرعية وهم ومع الاسف الغالبية العظمى, حيث تدور الاحداث في دوائر لا نهائية من الاجراءات ومن اللعب بكرات ترمى بين الحين والاخر في ملعب من هنا أو من هناك , وكان الاولى أن يتكامل دور الرقابة مع المعركة ضد الارهاب بتفعيل المقومات الاساسية لمكافحة الفساد , ولاحاجة لذكر
الموسوعة الاكبر للملفات التي ينطبق عليها المثل الشعبي ” نگعها واشرب مايهه ” والتساؤل الاكثر بلاغة الذي يوجه الى من يهمه الامر ومن يحسب نفسه قادرا على ان يغير المعادلة بزاوية تعاكس الواقع مقداراً واتجاهاً الم يحن الوقت لمن يعتبر نفسه نائبا عن تطلعات واحلام شعبه أن يغادر تلك القبة التي لم تقدم أي شئ يذكر عدا مسرحيات ومسلسلات هزلية وان تأخذه الغيرة العراقية ليصارح الشعب وبفم مليان ويعلن بأن الاموال قد أُهدرت قصداً ام من غير قصد وان استردادها قد يكلف أضعاف قيمتها ويرفع شعارا صريحا جديدا في الانتخابات القادمة يا شعب العراق ” أقبض فلوسك من دبش ” وقد يضاف هذا الشعار الى القاموس السياسي العراقي الذي حوى كل المفردات والمصطلحات والجمل والتراكيب والتعابير على مختلف درجات السوء والترقيع فيها وضم كل التعاريف والعناوين المعروفة على الساحة ولكن وفي بحث مكثف وبعد جهد جهيد عن تساؤل يشغل بال الجميع عن السبب الحقيقي لما نحن فيه وجدنا أن ذلك القاموس يخلو تماماً من مفردة أو مصطلح يصلح ان يكون قانونا قادماً لو طبق لأغنانا عما سواه وهو قانون ” الخجل والاستحياء ” .