23 ديسمبر، 2024 3:52 م

قانون التقاعد اللاموحد

قانون التقاعد اللاموحد

تعود الشارع العراقي على المفاجئات البرلمانية,فقد كتب الدستور بالتوافق بين المكونات الغير متناسبة سكانيا(المكون العربي الشيعي من جهة والمكون العربي السني الثاني من حيث النسبة السكانية,والمكون الاصغر الكردي اضافة الى التركمان وبقية الفسيفساء العراقي),ومع هذا بقيت معارك تفسير مواده مستمرة منذ مايقارب العقد تقريبا,فليس غريبا ان يخرج لنا قانون تقاعدي غير موحد في فقراته ومواده وتعبيراته وتخصيصاته,فقد خالف البرلمانيين القانون مرة اخرى, بعد ان التف عمدا على قرار المحكمة الاتحادية القاضي بالغاء الرواتب التقاعدية المثيرة للجدل والاستغراب,ومع هذا الالغاء اعيد اضافة مادة محشوة عنوة في قانون التقاعد الجديد, تخص امتيازات اعضاء البرلمان العراقي(والرئاسات الثلاث),بينما ترك الكسبة البسطاء المغلوب على امرهم بلا فلسا واحدا من ثروات ابائهم واجدادهم الطبيعية,هذه التصرفات الغير مسؤولة ترجعنا الى المربع الاول,وهو ان طموح المتنافسين في المعترك السياسي لايبتعد عن اللعاب السائل للانتهازيين والفاسدين المتربصين بثروات الشعب(مسؤولين في كل المستويات, رؤساء كتل,مقاولين وشركات وهمية او فاشلة,الخ.),يبحثون عن الامتيازات والرواتب التقاعدية البرلمانية الكبيرة جدا,تماما كتصرفات بعض مسؤولي الحكومات المحلية الذين يبذرون وينهكون ميزانية محافظاتهم في سفرات ترفيهية سياحية خارجية (دبي ولواحقها),بحجة اعداد تصاميم المشاريع (مع ان مبالغ تنفيذ المشاريع غير مرصودة اصلا,ثم هل تحتاج التصاميم كل هذه السفرات, ام التكنولوجيا والانترنت تكفلت بهذه المسائل),وهكذا لبقية سفرات ورحلات رئيس مجلس النواب واعضاء البرلمان ,وكذلك بعض الوزراء والمؤتمرات المنعقدة خارجيا(كانت تعقد مؤتمرات لاعادة اعمار العراق في الخارج تحت عنوان حث الشركات الاستثمارية على المجيئ الى البلاد,بينما انتم تقولون لهم بطريقة غير مباشرة  لاتأتوا الى بلادنا لاننا لانستطيع عقد مثل هذا المؤتمر فيه),هذه الفوضى السياسية المؤثرة بالطبع بشكل مباشر على الوضع الامني والاقتصادي ,اصبحت حجر عثرة في طريق اعادة بناء هذا الوطن البائس بسياسييه وبنتاجهم السيئ,ولعلي اقدم تحديا لجميع اعضاء البرلمان العراقي, وكتاب الدستور السابقين, ان يقدموا للشعب قانونا واحدا متكاملا وبدون اخطاء ,تم سنه او تشريعه من قبلهم حتى الان!
عندما يشرع اي قانون في الدول المتحضرة تنظر الى الطبقات الفقيرة ثم تصعد بتقديراتها الى الطبقة المتوسطة وهكذا,علما انها تحرص الى الان على الاقل ان تجعل من الاسر المشمولة بالضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والتعليمية المجانية الى    ان تصل الى درجة الطبقة المتوسطة في المجتمع,اي انها تبحث دائما في سبل تقليل نسبة الفقر في مجتمعاتها,اما في العراق تحديدا فعندما ترى تشريعا برلمانيا يصنف السجناء السياسيين على انهم طبقة فقيرة تستحق ثلاث اضعاف راتب الطبقات المسحوقة, اي التي هي تحت خط الفقر,تعرف النفسية والعقلية والكيفية التي يفكر بها المستحوذين على الحكم في العراق بأسم الديمقراطية,فجماعة اوربا الممثلين للمكون الشيعي في البرلمان يعرفون قبل غيرهم ان الرواتب التقاعدية تحسب لاي شخص تجاوز سن التقاعد العام(63-65)بغض النظر كونه موظف سابق او كاسب,وهم يعلمون جيدا ان الجنوب المنكوب اغلب ابنائه حرمهم النظام البائد من التعليم وحاربهم في رزقهم,فصاروا يسمون قطاعا خاصا ولكن بعربات الحمص والباقلاء وبيع الحلاوة, الخ.
اعتقد جازما وبدون الرجوع الى مفسري كتاب الله العزيز القران الكريم,ان الله سبحانه وتعالى وضع في محكم كتابه(انا لا ادعي اني ذو توجه اسلامي مطلقا) ايات قرآنية فيها قواعد الهية, سبق لي ان ذكرتها,لاتقبل الخطأ اطلاقا”قال تعالى.”ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”الانفال اية30
هذه الاية تفضح كل عمل ماكر القصد منه خداع الناس والالتفاف عليهم وعلى الحقائق,وحتى اكون اكثر صراحة فمحاربة رئيس الوزراء الارهابيين في الانبار ضرورة وطنية ملحة,وقد وقف الشعب وساندها, بل عدها متأخرة كثيرا,لكن لا تقل لي ان المكر لم يظهر في هذه العملية المؤجلة منذ اكثر من عام كما يدعون,فالجميع سمع تصريحات القادة العسكريين الميدانيين بأنهم على علم بوجود الارهاب في ساحات الاعتصامات وفي مدينة الانبار والفلوجة والموصل وديالى,لكنهم لم يذكروا لماذا لم يعلجوه قبل عام او اكثر,ولماذا توقيت الضربة الان,لان دولة القانون تنظر الى استثمار تلك العمليات لصالحها في الانتخابات القريبة(حتى توقيت توزيع قطع الاراضي على الفقراء التي كان المفروض ان تكون بيوت او شقق وليس تراب في عرض الصحراء),هذا العمل كان يمكن ان يكون اكثر مصداقية وقبول عندما يكون في بداية تشكيل الحكومة,وضمن برامجها التي من المفروض ان تكون معدة سلفا,بل اليوم من حقنا نسأل الكتل المتنافسة في الانتخابات القادمة ماهي برامجكم القادمة حول الامن, البطالة, الخدمات التعليم, الصحة ,خلق فرص عمل ووظائف جديدة,اساليب محاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين,الخ.
هكذا على الشعب ان يعرف ان تطبيق هذه الاية على اي فعل او عمل فيه رائحة المكر والخداع ,سوف يرى الوجه الاخر للحقيقة,تماما كماحصل من حشر لبعض مواد التقاعد الجديد كالخدمة الجهادية,حيث دائما نجد فقرات وعبارات ومواد مشرعة لكنها ضبابية غير واضحة,نسأل اولا عن تعريف المجاهد من هو(اتصل مرة احد قادة المعارضة الاسلاميين بالسيد خضير الخزاعي نائب رئيس الجمهورية الحالية, وطلب منه عندما كان وزيرا للتربية اضافة خدمة الفصل السياسي لاحد مجاهدي قوات الشهيد الصدر منذ ثمانينيات القرن الماضي وعضو في حزب الدعوة ثم هاجر الى الدول الاسكندنافية كما هاجر الخزاعي الى كندا,فقد عين معلما على ملاك وزارته ,رد الوزير هل طلب لجوء انساني في اوربا ثم همش على كتابه واهمل في المهملات,بل طلب ايضا من احد اعضاء مجلس شورى الدعوة, وقيادي بارز في قيادة اوربا ان يثبت لهم انه مهاجر سياسي(بينما كان صدام يقول من يغادر العراق لاكثر من سنتين يعتبر خائن ومشبوه من وجهة نظره,وكانت تأتي لبيوتنا استمارة المعلومات البعثية, تقول هل لديك احد افراد عائلتك خارج البلاد لاكثر من سنتين) ,بل حتى دمج المليشيات تم التلاعب بها اهمل المجاهدون,(اضيفت اسماء كانوا صغارا في فترة الثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي),نحن نعلم ان الارهابي عرفه قانون اربعة ارهاب,
لكن كيف تعرفون المجاهدين, من هم?
, الذين عاشوا في اوربا الجميلة الهادئة,ام الذين ساهروا في الجهاد, واكلتهم سنينها وحشرات الاهوار,بالامس انتم تخليتم عن ثوار انتفاضة15شعبان 1991 ,وذهبتم الى اضافة لاجئي مخيم رفحاء الى امتيازات السجناء السياسيين, مع ان اكثر من نصفهم لم يشترك في الانتفاضة, ولايعرف بعضهم شيئا عن السياسة, وانتقل جميعهم تقريبا الى اوربا منذ اكثر من عقد من الزمن(الغاية كسب اصواتهم في الانتخابات لضمان مقعد لكم),ان الفوضى لاتبني دولة,ولاتعمر شيئا,الشارع والرصيف والمدرسة والمستوصف والمؤسسة التي يبنيها الفاسدون ستتحول الى شواهد حية على مكرهم السيئ,وهكذا المشرعون المؤتمنون على ثروات وحياة ومقدرات بلدهم وشعبهم,سيفضحهم مكرهم ان كانت نواياهم السيئة مقدمة على النيات الحسنة.
قد لاتكون موازنة الدولة تكفي لتغطية كل احتياجات المواطنين,ولكن مايرى من مصاريف هائلة تخص الرئاسات الثلاث,والامتيازات والرواتب والتعيينات الخاصة بتلك المؤسسات تقول ان الموازنة تخص دولة غنية تفوق ميزانة اكثر من دولة محيطة بنا,انظروا الى المنافع الاجتماعية الخاصة بالوزارات,بالسفرات الخارجية ,كل مانراه من صرفيات حكومية لاتقول نحن بلد موازنته لاتكفي لاعادة حقوق الشعب التي سرقها البعث على مدى اكثر من اربعة عقود ,بل نفسهم البعثيين وعلى لسان الارهابي الهارب عبد الباقي السعدون يقول ان جماعة عزت الدوري لازالوا يسمون الجنوب بالشروكية,ترى منذ متى ونحن نهان بمثل تلك العبارات,من العهد الملكي الطائفي او منذ مجيئ البعث,انا لم ارى ان الشعب والشيعة تحديدا قد عوضتهم الديمقراطية شيئا,بل اخذت منهم ابنائهم في محرقة الارهاب.