تؤكد ذاكرة التاريخ جازماً : انه لم تحصل في العراق (قديما أو حديثا) حرب حقيقية بين الشيعة والسنة أو بين الأكراد والعرب أو بين التركمان أو بين المسلمين والمسيحيين أو الأديان والمكونات الأخرى .. والذي كان يحصل إن الحكومات المركزية المتعاقبة كانت تشن الحروب الطائفية أو العنصرية أو ضد العشائر لتقوية سلطانها.. معتقدةً إن هذا الأسلوب هو الحل الأفضل (لتأديب) العشائر المتمردة أو الحركات.. بدل استخدام أسلوب الحوار لحل أية إشكالية .. حتى إن تسفير اليهود العراقيين في خمسينيات القرن الماضي لم يكن لأسباب عنصرية أو دينية .. بل (كما كشفته الوثائق) كان بدفع وضغط الصهيونية العالمية.. التي أرهبت اليهود العراقيين من خلال إلقاء التفجيرات على بيوتهم وأماكن عباداتهم.. ثم سهلت الحكومة العراقية تسفيرهم بقوانين مخالفة لأبسط حقوق الإنسان ..
واليوم إذا استطاع العراقيون وأدً الفتنة الطائفية.. فان بعض نيرانها مازالت تحت الرماد.. واستمرار الفوضى والإرهاب قد يحرق الأخضر واليابس في أية حالة قد تكون بسيطة في النظرة العامة.. كل ذلك يتطلب رص الصفوف وحملة واسعة (شعبية ورسمية) لاجتثاث كل أشكال التطرف الطائفي ..
إن بعض السياسيين.. ومن كل الكتل يثير من خلال الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي محاورات طائفية مقيتة.. كذلك تعمل الدول الإقليمية على تأجيج الطائفية والعنصرية بين مكونات الشعب العراقي.. فمتى يشرع قانون التحريض الطائفي ؟ واعتبار التطرف الديني والعنصري جريمة لا تقل عن جريمة محاربة السماء أو الخيانة العظمى وتحريم ترويج الأفكار المعادية للأديان السماوية أو التشكيك بها أو الهزأ منها ..
إن معظم دول العالم قد شرعت مثل هذه القوانين لترتيب أوضاعها.. وأول مثال على ذلك هو بريطانيا.. التي شرعت قانون (عدم التفرقة في التعامل بين ساكني الجزيرة البريطانية ).. وهو يساوي بين جميع المقيمين على الأرض البريطانية بغض النظر عن انتماءاتهم وطوائفهم.. ويمنع ويحرم التحريض والتفرقة وكل أشكال التمييز ..
فمتى يشرع للعراق قانون يجرم التحريض الطائفي والعنصري ؟؟ .. ولماذا لا نفعل قانون العقوبات البغدادي رقم 111 لسنة 1969.. الذي يجرم إثارة النعرات الطائفية أو المذهبية والتحريض الطائفي بين العراقيين بالحبس المؤبد ..
أين أنتم المنظمات : المدنية والمجتمعية والحقوقية والدينية من الضغط بقوة لتشريع قانون ( التحريض الطائفي ).. كلكم مسؤولون ومدانون أمام شعبكم.. وأمام التاريخ !!