22 نوفمبر، 2024 12:56 م
Search
Close this search box.

قانون الاحوال الشخصية الجديد بين “تأنيث الفقر Feminization of Poverty

قانون الاحوال الشخصية الجديد بين “تأنيث الفقر Feminization of Poverty

وانانية المشرعين في العراق
تثار في العراق اليوم نقاشات حادة حول التعديلات لقانون الاحوال الشخصية ، التي اتت في وقت تحتل فيه الكثير من الملفات اهمية كبيرة سواء في الشارع العراقي او على رفوف البرلمان.
وفي الوقت الذي يشكل فيه حجم الايتام و الارامل مايقارب خمس السكان في العراق حسب الاحصاءات الحكومية ، و كذلك تصاعد نسبة السكان دون خط الفقر ليصل الى 35% من حجم السكان الكلي !!! ينبري البرلمان لاطلاق هذه التعديلات المقترحة ليزيد تشابك الملفات و صعوبتها.
مازال 1.2 مليار شخص حول العالم ما زالوا يعيشون تحت خط الفقر، ولا يتجاوز الدخل المالى لأى منهم مستوى الدولار الواحد في اليوم، وأغلب هؤلاء هم من النساء (70%)، الأمر الذي يثبت أن ظاهرة «تأنيث الفقر» لم تأتِ من فراغ
ويساهم الحرمان والظلم الاجتماعى اللذان تواجههما المرأة في تشكيل تجربتها مع الفقر بشكلٍ مختلفٍ عن الرجل، مما يزيد من تعرضها للأخطار ويسلبها أبسط حقوقها، كما أن الأمر يعود بالسلب على المجتمع ونظامه الاقتصادى ككل.
وهناك ملايين من النساء اللاتى يعشن في فقر مدقع، بسبب تعرضهن للتمييز والافتقار للمساواة، وعدم حصولهن على احتياجاتهن الأساسية من صحة جيدة وولادة آمنة وتعليم وتوظيف. وعادةً ما تتحمل النساء، في الأسر الفقيرة، نصيبًا غير متكافئ من العمل، وتأخذ على عاتقها مسؤولية تغذية ورعاية أفراد الأسرة، من خلال العمل المنزلى، غير المدفوع الأجر. وبمواجهة الخيارات الصعبة لتخصيص الوقت، غالبًا ما تضحى هؤلاء النساء بصحتهن وتغذيتهن أو تعليم بناتهن، فعلى الرغم من أن الفقر له تأثيراته السلبية الواضحة على كل من الرجل والمرأة، فإن التمييز بين الجنسين لا يترك للمرأة الكثير من الخيارات لتلبية احتياجاتها.
ووفقًا لإحصائيات حديثة لـ«هيئة الأمم المتحدة للمرأة»، فإن 1.3 مليار امرأة حول العالم لا تمتلك حسابًا مصرفيًا في أي مؤسسة مالية رسمية، بما فيها البنوك والتعاونيات والاتحادات الائتمانية ومكاتب البريد ومؤسسات التمويل متناهية الصغر.
وللفقر انعكاسات سلبية على مختلف نواحى حياة المرأة، إذ تشير بيانات للأمم المتحدة، لعام 2014، إلى أن متوسط عمر المرأة يختلف باختلاف المستوى الاقتصادى للبيئة التي تعيش فيها، ففى حين يبلغ متوسط عمرها في الدول ذات الدخل المرتفع 82 عامًا، ينخفض هذا المتوسط إلى 63 عامًا في الدول منخفضة الدخل.
وتواجه النساء والفتيات اللاتى يعشن في بيئات فقيرة أشكالًا متعددة من التمييز، كما يتعرضن لمخاطر العنف. فالدراسات تظهر أن الفتيات الفقيرات أكثر عرضة للزواج القسرى المبكر بمعدل مرتين ونصف من أولئك اللاتى يعشن في مناطق غنية، كما أن النساء والفتيات الفقيرات أكثر عرضة للاستغلال الجنسى، بما في ذلك الاتجار بالبشر.
مصطلح تأنيث الفقر:
يقصد بمصطلح “تأنيث الفقر Feminization of Poverty”، أن معدلات الفقر وحدَّته لدى النساء أعلى منها لدى الرجال، بسبب انشغال النساء في القيام بالأدوار غير مدفوعة الأجر (الأمومة ورعاية الأسرة)، وفي المقابل اشتغال الرجال بالأعمال مدفوعة الأجر، وهو ما أدى إلى تركز المال في أيدي الرجال، في مقابل فقر النساء!
وقد عرَّفته دراسة لمنظمة العمل الدولية بأنه: «زيادة نسبة الفقر بين النساء عن مثيلتها بين الرجال، وأن حِدَّة فقر النساء أكبر مما هي بين الرجال». وجاء أيضاً تعريفه في تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 1997م بأنه: «فُرَص أقل.. وعدم تكافؤ في فرص التعليم والعمالة وملكية الأصول (للمرأة)، ويعني: إتاحة فُرَص أقل للمرأة، كما أن من شأن الفقر أن يعمق الفجوات بين الجنسين»
وحقيقة “تأنيث الفقر” كما ورد في الاتفاقيات الدولية: إن المراد من قضية تأنيث الفقر هو: معالجة فقر المرأة باعتبارها فردا منفصلا عن تكوينها الأسري, من خلال إشراكها في كل (المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بلا أدنى تمييز بينها وبين الرجل, ودون مراعاة للظروف العائلية أو الاجتماعية أو الدينية المحيطة بها.
فيرى أصحاب القضية أن “استئصال شأفة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة لن تحصل إلا بعد إتاحة الفرصة للمرأة والرجل للاشتراك بصورة تامة وعلى قدم المساواة في وضع سياسات وإستراتيجيات الاقتصاد الكلي والتنمية الاجتماعية.
تشير تقارير دولية إلى وقوع الفقر على كواهل النساء، خاصة اللواتي يتحملن المسؤولية الكاملة للأسرة, وهي مسألة تعانيها معظم الدول خاصة الأقل نموا, حيث تشير بعض الدراسات والتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية أن النساء يشكلن 70% من فقراء العالم، والبالغ عددهم 1,3 مليار نسمة, وينتجن نصف الكمية الغذائية العالمية، ويعملن ثلثي ساعات العمل، لكن ملكيتهن لا تتجاوز 1% فقط من الأملاك في العالم.

ماذا سينتج من هذا القانون الجديد؟؟

1- الاضطهاد والتهميش للمرأة العراقية، بسبب سياسات التمييزالواضحة ضد المرأة.
2- تحكُّم الرجل بمقاليد الاقتصاد وتسيُّده علـى المرأة.
3- اقتصار دور المرأة على الجانب المنزلي والإنجابي واهتمامُها بشؤون الأسرة.
4- حرمان المرأة من التعليم.
5- حرمانها من تملُّك الأراضي والموارد المالية والعقارات.
6- حرمانها من حقها في الميراث.
7- هناك علاقةً بين زيادة عدد أفراد الأسرة المعالَة من قِبَل المرأة وبين الفقر.
8- هناك علاقةً وثيقة بين الزواج المبكر وبين الفقر ” وهذا مايؤكده و يسن عليه القانون الجديد”.
9- الارتباط الواضح بين ظاهرة تأنيث الفقر بارتفاع معدلات الخصوبة، و هذا يخلق مشكلة جديدة في زيادة فجوة الموارد امام الاعداد المتزايدة للسكان و لاسيما للطبقات الفقيرة.

ان كل ذلك سيؤدي الى ترسيخ نظام لتقسيم العمل يقوم على اضطهاد المرأة و تثبيتها ككائن من الدرجة الثانية و من ثم سيخلق مجتمعا جديدا مشوها هيكليا و هذا الامر يؤثر على سياقات عملية النمو الاقتصادي و تراجع معدلات التنمية المستدامة، من جهة، و من جهة اخرى الى اعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية و الاسرية تحديدا بطريقة تؤثر على نمط توزيع الثروات القومية.

المعالجة:
عدم اقرار هذا القانون و من ثم على الحكومة إشراك المرأة في سياسات الاقتصاد الكلى، والسياسات الاجتماعية بشكل كامل، وتوزيع الثروة، والفرص، والدخل، والخدمات بصورة أكثر إنصافًا، فضلًا عن تلبية الاحتياجات الأساسية للمرأة في المجالات الاجتماعية والتعليمية والصحية، و هذا بالضرورة لن يتم في ظل القانون المقترح الان من قبل البرلمان العراقي.
أما المهام التي تتحملها المنظمات غير الحكومية، فتتمثل في تعبئة جميع الأطراف المشاركة في العملية الإنمائية، بما فيها المؤسسات الأكاديمية، والجماعات الأهلية والنسائية، من أجل تحسين برامج مكافحة الفقر الموجهة للنساء اﻷشد فقرًا، وإنشاء آليات للرصد على النحو الملائم، و الانطلاق الى ارضية واقعية شفافة لانقاذ المجتمع العراقي من دوامة الصراعات الحالية التي تحول دون تحقيق التنمية المستدامة سواء قبلنا بذلك ام لم نقبل.

 

أحدث المقالات