23 ديسمبر، 2024 3:00 م

قانون الأحول الشخصية رقم 188 لسنة 1959 مقارنا بقانون الأحول الشخصية الجعفرية

قانون الأحول الشخصية رقم 188 لسنة 1959 مقارنا بقانون الأحول الشخصية الجعفرية

سنكتفي فقط بإيراد المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية العراقي قم 188 لسنة 1959 م والتي أرى انها تُعد أروع ما أنتجه المشرع العراقي فيما يتعلق كونها استمدت احكامها من الشريعة الإسلامية ولو امعنا النظر في الفقرة 2 من المادة الأولى نرى أن المشرع العراقي ترك مساحة واسعة تبعا للسلطة التقديرية للقاضي في اختيار المذهب الأقرب الى نفسه ولن نسهب في الشرح مكتفين بذكر نص المادة الأولى فقط  لنعرج بعدها للمقارنة :
1.    تسري النصوص التشريعية في هذا القانون على جميع المسائل التي تتناول هذه النصوص في لفظها أو فحواها .
2.    اذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون .
3.    تسترشد المحاكم في كل ذلك بالأحكام التي أقرها القضاء والفقه الإسلامي في العراق وفي البلاد الإسلامية الأخرى التي تتقارب قوانينها من القوانين العراقية  .
في الدولة المدنية دولة المواطنة الكل يأمل بقوانين مدنية لجميع العراقيين بغض النظر عن الانتماء الديني والمذهبي والعقائدي فموضوع الزواج والطلاق والحضانة وحتى الميراث يجب ان تطبق بقوانين مدنية تسري على جميع المواطنين ويمكن للمواطنين الذين يطالبون بالزواج الشرعي الديني اجراء هذه الطقوس عند رجال الدين وتبقى المحاكم لتثبيت حالات الزواج والطلاق بصورة رسمية بعيدة عن الاختلافات العقائدية والتشريعية.
يحتوي القانون على (253) وجميعها مبني على اجتهادات فقهية قد تختلف في المذهب الواحد مع اختلاف أراء المراجع الدينية الشيعية  فلو صحت العلة التي نص عليها القانون من باب حرية التعبير والحرية الدينية كيف لمجتهدي بعض المراجع ان يجبروا على بعض هذه البنود المخالفة لآراء مرجعيتهم مثلا.
 
نورد أدناه  بعض المقارنات ما بين قانون الاحوال الشخصية العراقية 188 لسنة 1959 المعدل وقانون الأحوال الشخصية الجعفرية :
1- البلوغ
الاحوال الجعفرية : المادة ( 16) الفقرة أولاً  تنص على ان البالغ اكمل( 9) سنوات هلالية للإناث واكمل خمسة عشر سنة هلالية عند الذكور او تحقق احد العلامات البدنية المعتمدة لدى فقهاء المسلمين في اثبات البلوغ عند الذكور.
الاحوال العراقية: المادة( 7) الفقرة (1)  تنص :  يشترط في تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشرة . ويستثنى من ذلك المادة( 8) الفقرة 2  للقاضي ان يأذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر اذا ثبت له أهليته وقابليته البدنية بعد موافقة ولي أمره الشرعي.
وهذا يعني ان القانون الجديد يبيح الزواج من القاصرات وفي اكثر من باب يذكر الزواج ممن اكملت التاسعة من عمرها او اصغر من ذلك كما في المادة( 48 ) : يصح التوكيل في عقد النكاح من طرف واحد أو …… كما نصت المادة (50) على زواج القاصرين  : الأب والجد من طرف الأب العاقلان المسلمان  لهما حصراً ولاية التزويج على الطفل الصغير والصغيرة وعلى المجنون المتصل جنونه البلوغ . وأشارت المادة (154) الفقرة ثانياً : الصغيرة التي لم تكمل (9) سنوات هلالية من عمرها .
نصت المادة (43) المتعلقة بشروط صحة النكاح وأوردت في الفقرة خامساً : …….فلا صحة لعقد الهازل والساهي والسكران ونحوهم ممن لا قصد له معتدٌ به ، وهذا ما يتقاطع مع نص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ): ” ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ : النِّكَاحُ ، وَالطَّلَاقُ ، وَالرَّجْعَةُ ” .
نصت المادة (52) :لا تثبت ولاية الأب والجد لأب على البالغ الرشيد ولا على البالغة الرشيدة اذا كانت ثيباً (أي مطلقة أو أرملة) ثم تلتها المادة (54) يسقط اشتراط اذن الأب والجد لأب في صحة زواج الباكر الرشيدة في حال منعاها من الزواج بكفؤها ، أو اذا اعتزلا في أمر زواجها ، أو اذا غابا بحيث لا يعرف لهما مكان ولا عنوان . والمواد المشار اليها آنفاً تتقاطع مع حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) القائل : (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِل (
أيما : صيغة شرط تفيد العموم بمادتها ، و “ما” مزيدة لتوكيد العموم .
امرأة : نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم هي الأخرى ، فأي امرأة : صغيرة كانت أو كبيرة ، بكرا أو ثيبا ……… إلخ ، تنكح بلا ولي فنكاحها باطل .
نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا : قيد له مفهوم ، فالمنطوق : بطلان النكاح بلا ولي ، والمفهوم : صحته بولي .
فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ : ترتيب بطلان النكاح على الشرط في معرض الجزاء ، وهو ، أيضا ، في غاية من الدلالة على العموم مع الفصاحة والجزالة ،
وتكرار الجواب : ثلاث مرات توكيد ، يزيد المعنى قوة .
2- الوصية:
الاحوال الجعفرية: المادة (11 ) : تنص على ان اثبات الوصية يكون بشهادة مسلمين او مسلم ويمين او مسلم ومسلمتين او اربع مسلمات.
الاحوال العراقية: المادة(65) الفقرة  (1 ) :  لا تعتبر الوصية إلا بدليل كتابي موقع من الوصي او مبصوم بختمه أو طبعة إبهامه فإذا كان الموصى به عقارا أو مالا منقولا تزيد قيمته على خمسمائة دينار وجب تصديقه من الكاتب العدل .
 ونصت الفقرة (2) من المادة (65) : يجوز إثبات الوصية بالشهادة إذا وجد مانع مادي يحول دون الحصول على دليل كتابي.
اي ان قانون الاحوال الجعفرية يعتمد على الشهادات دون الاثباتات الرسمية وهذا ينفي الفائدة من الكاتب العدل.
3- الزواج:
الاحوال الجعفرية: نصت المادة (63) :لا يصح نكاح المسلمة من غير المسلم مطلقاً ، ولا يصح نكاح المسلم نكاحاً دائمياً من غير المسلمة مطلقاً والمرتدة عن الدين الإسلامي .
الاحوال العراقية: المادة(17): يصح للمسلم أن يتزوج كتابية، ولا يصح زواج المسلمة من غير المسلم .
أما المادة (18) : اسلام أحد الزوجين قبل الآخر تابع لأحكام الشريعة في بقاء الزوجية أو التفريق بين الزوجين .
4- العيوب :
اي وجود عيب في احد الزوجين يمكن ان يطلب الطرف الاخر التفريق على اساسه
الاحوال الجعفرية: المواد من(78) الى (86) تتحدث عن عيب في الرجل او المرأة قد يكون معه استحالة الحياة الزوجية مثل عدم قدرة الرجل على الانتصاب او عيب فيزيولوجي في الجهاز التناسلي الذكري او الانثوي ويكون اثبات هذا العيب عن طريق إقرار صاحب العيب بوجود العيب مع البينة على اقراره ، أو شهادة رجلين عدلين أو شهادة أربعة نسوة عدلات إضافة الى اليمين الى المُنكِر.
الاحوال العراقية: المادة (43)  الفقرة أولاً (4)  اذا وجدت الزوجة زوجها عنيناً أو مبتلى بما لا يستطيع معه القيام بواجبات الزوجية ….. يكون اثبات العيب عن طريق اللجان الطبية الرسمية.
5- المادة  (97) من القانون الجعفري :
 تتحدث في حالة اختلف الزوجان في تحقق الدخول فادعته الزوجة وانكره الزوج فالبينة على المدعي واليمين على المنكر… وواقع الحال في ظل تطور الطب أصبح اثبات ان الزوجة تم الدخول بها من اسهل ما يمكن عند اي لجنة طبية ذات اختصاص.
6- حق الزوج على زوجته :
القانون الجعفري: في المادة (101) من حق الزوج على زوجته  أمران هما الاستمتاع بها في اي وقت يشاء وثانيهما أن لا تخرج من بيت الزوجية الا بأذن الزوج .
القانون العراقي: لم اجد اي مادة تجبر الزوجة على ذلك.
7- تعدد الزوجات:
الاحوال الجعفرية: يثبت القانون حق الرجل في تعدد الزوجات (أربع زوجات ونصت المادة 62 لا يصح نكاح المرأة الخامسة ما دامت الأربع باقية في عصمة الرجل ) وللزوج أن يحدد طريقة المبيت مع زوجاته في المادة  (104) حيث يفضّل في حال وجود 4 زوجات يبيت عند كل واحدة ليلة وفي حال 3 زوجات يبيت مع كل واحدة ليلة وله الحق في اختيار واحده يبيت معها مره اضافية… الخ.
الاحوال العراقية: يمنع القانون تعدد الزوجات كما نصّت عليه المادة الثالثة  الفقرة (4) : لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة إلا بإذن القاضي ويشترط لإعطاء الإذن تحقق الشرطين التاليين‌ :
 أن تكون للزوج كفاية مالية لإعالة أكثر من زوجة واحدة .
أن تكون هناك مصلحة مشروعة
ونصت الفقرة (5) من المادة الثالثة : اذا خيف عدم العدل بين الزوجات فلا يجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي .
ونصت الفقرة (6) ، (7) يعاقب بالحبس والغرامة من يخرق هذا القانون واستثنى الزواج من ارملة في اخر تعديل للقانون .
8- اثبات النسب :
 في الاحوال الجعفرية يكون عن طريق البينة على من ادعى واليمين على من انكر والدخول والانزال او احتماله  وحسب المواد (110) , (111) , (112) وهذا ما يخالف المنطق العصري الحديث الذي يعتمد على التحليلات النسيجية الدي ان أي خاصة وأن العالم يشهد النهضة العلمية في ميدان الطب وغيره من الميادين .
9- تنص المادة  (126) على عدم وجوب النفقة من الزوج اذا كانت زوجته صغيرة او كبيرة غير قادر الاستمتاع بها اي ان النفقة تكون مقابل الاستمتاع بالزوجة.
10- تثبت المادة (244) مجلس جديد للمحاكم تسمية المجلس الاعلى للقضاء الجعفري .
11- بينما المادة  (247) تطلب من المحامي ان يكون عارفا بالأحكام الفقهية الجعفرية ومجاز بممارسة اعمال المحاماة من المجلس الاعلى للقضاء الجعفري. وتؤكد المادة (251) خامسا على ان هذا المجلس هو من يعطي اجازة المحاماة وهذا يعني خلق طبقة جديدة من المحاميين ليس من الضروري الحصول على الشهادة الاكاديمية في القانون, او الانتماء الى نقابة المحاميين العراقيين.
12- وتعطي المادة (248) حصانة للعراقيين الذين يتعاملون مع هذا القانون من اي نصوص قانونيه اخرى في القوانين العراقية قد تتعارض مع هذا القانون.