23 ديسمبر، 2024 1:21 م

قانون اعادة المفصولين السياسين رقم 24 لسنة 2005 وتدميره هياكل ومؤسسات الدولة  العراقية

قانون اعادة المفصولين السياسين رقم 24 لسنة 2005 وتدميره هياكل ومؤسسات الدولة  العراقية

لعل من اهم اسباب تدمير البنية التحتية للمؤسسات العراقية الحكومية كافة هي مجئ  موظفين بدرجات عالية جدا كمدير عام او مدير اووكيل وزارة وغيرهم بناءا على قانون الفصل السياسي البغيض الذي اوصل افراد كانوا يعيشون في الخارج او من منسبي الاحزاب السياسية كافة الى مراكز عالية في وزارات ومؤسسات الدولة من دون  الاعتراف بمايسمى بالتسلسل والتدرج الوظيفي في دوائر الدولة . فكما هو معروف ان الموظف عندما يتم تعيينه لاول مرة يعين بدرجة صغيرة ثم تبدا هذه الدرجة بالارتفاع  مع رحلة العمل تدريجيا بالتزامن مع سنوات الخدمة والكفاءة العلمية  وقد تفاجأ الكثير من الموظفين في جميع مؤسسات الدولة بان تم تعيين فلان الفلاني مديرا له او بمركز اعلى منه وهو لم يخدم في الدولة على الاطلاق ولم يتدرج وظيفا وكانت النتيجة انه نشأت في العراق طبقة مدراء عامين جهلة في اعلى الهرم الوظيفي وتحت ايديهم يوجد الموظفون الاذكياء ذوي الخبرة الذين امضوا اعواما طويلا في وظائفهم ولم ياتوا عن طريق الواسطات والمحسوبيات.
لم يكن المشرع العراقي موفقا ابدا باصدار مثل هذا قانون ولو كان يوجد في العراق محكمة دستورية اسوة بباقي دول العالم المتقدم لكان من الضروري ان تقوم تلك المحكمة بنقض قانون الفصل السياسي لعدم دستوريته ولمخالفته احكاما الدستور وقوانين الخدمة المدنية والقوانين الخاصة الاخرى خصوصا تلك المتعلقة بالتدرج الوظيفي، ولان العدالة والمنطق تقتضي ان الشخص الذي تعب وخدم طويلا يجب ان لايكافأ بتعيين مدير عليه لم يخدم في الدولة اصلا ولايعرف ماهي الوظيفة العامة.
ولو عدنا الى قانون المفصولين السياسين  لوجدنا انه متكون من كلمتين  الاولى ( فصل) ومعناها في القانون انه كان هناك  موظف تم فصله من الوظيفة ، اما الكلمة الثانية فهي ( سياسي) اي يجب ان يثبت الشخص انه فصل لانه سياسي معارض لنظام صدام حسين البائد وليس محكوما عليه بجناية او جنحة مخلة بالشرف كجرائم سرقة المال العام والاغتصاب وغيرها.
ولكن تطبيق القانون والواسطات والمحسوبية والمنسوبية  اثبتت غير ذلك ففئة كبيرة من الناس تم تعيينها في دوائر الدولة في جميع الوزارات دون ان يكونوا موظفين سابقين في الدولة بل تم احتساب فصل سياسي لعدد كبير من الخريجين من تاريخ تخرجهم الى تاريخ تعيينهم بعد عام 2003  بحجة انهم كلما كانوا يقدمون على تعيين لايعينون لان لديهم قريب معدوم وغير ذلك من الحجج الواهية  فهل هذا يجوز؟ موظف يخدم طول حياته 40 سنة او 33 سنة ويتدرج وظيفيا يجد فجاة شخص اخر ليس موظفا ولم يعمل سابقا في دوائر الدولة ياتي ويصبح مدير عام عليه هل هذا منطق؟ وكيف تكون مقدرة مثل هؤولاء الاشخاص على العمل وهم لم يعملوا اصلا في الدولة ولاتوجد لديهم خبرة؟
ان النتيجة ستكون كارثية وهي تدمير مؤسسات الدولة وضعف خدماتها للجمهور العراقي وهذا احد اسباب تصنيف العراق من قبل منظمة الشفافية العالمية بانه الاسؤا في مجال الخدمات العامة للجمهور وانتشار الفساد الاداري.
ان قانون الفصل السياسي جرى استغلاله على نطاق واسع فاشخاص يعيشون في اوروبا لانهم اصلا مهاجرين اليها منذ زمن يرجعون ويقولون لقد هربنا من العراق لان صدام كان يطاردنا وباوراق مزورة يحصلون عليها بسهولة من سوق مريدي نجدهم يصبحون وكلاء وزارات ومدراء عامين وهم اصلا لم يكونوا يوما من الايام موظفين في الدولة، هل هذه عدالة يارئيس مجلس القضاء الاعلى؟
هذا التدمير المتعمد لهيكل الدولة بهذا القانون البغيض لابد للقضاء العراقي ان يضع حدا له ونسمع كثيرا عن مجلس شورى الدولة في العراق والمتكون من قضاة مشهود لهم بالنزاهة  ويقع عليهم الان واجب مقدس ومهم جدا ان يبينوا لوزارات الدولة كافة ان قانون الفصل السياسي يشمل فقط من كان موظفا في العراق سابقا وتم فصله باوراق ثبوتية واضحة  وقانونية وان لايكون هذا الفصل قد تم لكون الموظف السابق قد اختلس او اغتصب او قتل وغير ذلك  كما يجب ان يوضحوا بانه لايجوز ارجاع الشخص الى درجة عليا مباشرة بل يبدا من الدرجة التي تركها عندما فصل من الوظيفة  وذلك لان بعض الوظائف تقتضي تقديم خدمات للجمهور تتحتم من صاحبها اكتساب الخبرة بالتدرج الوظيفي فلايجوز ان ياتي شخص جاهل على راس الوظيفة فيدمر البلد والعباد.
[email protected]