19 ديسمبر، 2024 12:58 ص

قانون اجتثاث العركـ !

قانون اجتثاث العركـ !

لا أفكر بشربه يوما من الأيام ما دام محرماً بنصٍ قرآني صريح , حتى وان وصل الحال الى ان ينصحني الأطباء بكأس منه , إذا كان فيه علاجا لبعض الحالات المرضية التي قد أصابُ بها مستقبلاً , و رغم ان الكثير من أصدقائي الذي أتعامل معهم في الدراسة و العمل الصحافي في بغداد يشربون و يدعوني في لقاءاتنا المبكرة و قبل التعرف على شخصيتي بعمق للذهاب معهم إلى بعض الأماكن فأرفض دعواتهم تلك مع بقاء زمالتنا و عملنا على حاله , فلهم آرائهم الخاصة ولي معتقداتي و رأي الخاص أيضا و كثيرا ما ادخل معهم بنقاشات معمقة يسندني بها المنصفون و المعتدلون فأتغلب عليهم بالحوار و المناقشة فقط لا بالعصبية و القوة ..
لكن .. يبدو ان الأحزاب التي جاءت بمبادىء إسلامية و إنسانية و اجتماعية كما ادعت بها , لم تفلح في كسب الشارع و تغيير سلوكه و عاداته كما تُريد بعد عدم جنيه من خيرها شيئاً , لذا لجأت لتشريع قوانين بالقوة تخدم مصالحها و تتنافى مع الديمقراطية و التعددية التي تنادي بها لتفرضها على الواقع و سط سخرية و استياء عارمين من تلك القوانين .
تهنئة نائبٍ عبر صفحاته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي الشعب العراقي والمرجعيات الدينية بالنصر الذي تحقق تحت قبة البرلمان بالتصويت على قانون حضر بيع الخمور , لاقا استهجاناً و سخريةً من قبل المستخدمين لتلك المواقع و الشارع معاً . متسائلين . لماذا لجأت الأحزاب إلى تشريع هذه القوانين ؟ و لماذا لم تكسب الشعب بمناهجها و برامجها و مبادئها الإنسانية و الاجتماعية و الدينية و تولي اهتماماً خاصا به خارج دائرة فترة الانتخابات , كما اهتمت بصراعاتها و مصالحها الشخصية . هل لان الشعب قد فقد الثقة بها بعد ان سادت الفوضى جميع مجالات الحياة و أصبحت محلات بيع الخمور و الأندية الاجتماعية والترفيهية والملاهي و المقاهي في بغداد و بعض المحافظات ضمن دوامة تلك الفوضى العارمة التي تجتاح البلاد , فلا قيود تفرض على تلك الأندية و المحلات سوى
الشكلية و الروتينية منها و لا تحصين للشباب من مخاطرها على أنفسهم و على المجتمع , ما دامت آفة الفساد قد نخرت كل شيء . فنفس النائب الذي هنئ الشعب بهذا القانون قد خدعهم فيما مضى بسندات قطع أراضي وهمية كان الفقراء قد بنوا عليها أمالهم و هم يعتقدون أن الأحزاب الحاكمة و رجالاتها لا تكذب ! . فالتقارير تشير إلى إن نسبة المسلمين في العراق هي الأكبر بين شاربي الخمر و متعاطي الحبوب و المخدرات . فأين دور الأحزاب و رجال الدين في ذلك ؟..
لا اعتقد أن قانون حضر الخمور او اجتثاث (العركـ) سيُطبق على ارض الواقع , فكما اجتثاث (البعث) مطبقاً منذ العام 2003 و حتى اليوم , بينما وزارات ومؤسسات الدولة المدنية و العسكرية يملؤها الرفاق البعثيون الذين تسببوا بسقوط الموصل بيد داعش . سنواجه فوضى من نوع أخر وهي انتشار بائعي و متاجري الحبوب و المخدرات إضافة إلى التستر على بيع الخمور و بكميات اكبر فكل ممنوع مرغوب في المجتمعات كما يقال .. أنا لستُ مع تقييد الحريات فالدين لله و الوطن للجميع ولكني ضد الفوضى العارمة بانتشار المقاهي و الملاهي و البارات و الأندية الاجتماعية و الترفيهية التي تملئُ شوارع بغداد بلا قيود و لا رقابة حقيقية و لست مع إغلاقها بالكامل لان البلدان و الأوطان لا تبنى هكذا فنتائج ذلك ستكون وخيمة على الجميع ..
فالله الذي انزل نصوصه الصريحة في القرآن على رسوله الكريم محمد لهذه الأمة ليهدي و ينهى الإنسان فيها عن الفسق و الفجور والسرقة و الزنا و الميسر وشرب الخمر , لكنه لم يمتنع و إلى يومنا هذا , فأكل حقوق الفقراء و التمايز بين طبقات المجتمع و انتشار الجوع و الحرمان ما زالت قائمة و هي نتيجةٌ حتمية لفساد قادة المجتمع وليس المجتمع نفسه . فإنسانية محمد و عدالة علي شعارات فقط يرددها المسلمون بلا عمل جاد ..