بداية وقبل الولوج في مضامين ومحتوى مقالنا هذا ومالاته، نؤكد اننا مع ابطال الحشد الشعبي الذين لبوا نداء المرجعية كونهم ضحوا بدمائهم لأجل الدفاع عن العراق، ونسعى بان نوجد اطر صحيحة تؤطر عملهم قانونا، وبمناقشة قانونية هادفة بعيدة عن أي صبغة سياسية قد تُقولنا ما لم نقل، وما دعاني للكتابة، امرين، الأول: تصريحات السيد العبادي رئيس الوزراء والثاني: انعقاد مؤتمر في 1/7/2016 في محافظة واسط /كلية القانون برعاية وزير العدل حول الإبعاد الشرعية والقانونية والدولية للحشد الشعبي وسن قانون لهيئة الحشد الشعبي، وقد دعاني احد اخوتي الأعزاء جدا اليه؛ لوجود لدي دراسة حول دستورية هيئة الحشد الشعبي نشرتها سابقا، لكني لم احضر لدواعي امنية، ولكوني منشغل في وضع اللمسات الأخيرة لكتابين جديدين في القانون، ونقول:::::
صرح السيد العبادي بعد معركة تحرير الفلوجة، (لا يمكن وصف قوات الحشد الشعبي بالمليشيا، ولا يمكن الطعن فيها لأنها ترتدي زيا عسكريا رسميا وتشكلت بقرار من مجلس الوزراء وهي جزء من المنظومة العسكرية ويعمل تحت أمرتها….).وقبلها صرح في 26/5/2016 (….الحشد الشعبي في العراق يتشكل من مجموعة فرق مقاتلة ..أنشأت بقرار من مجلس الوزراء وهي الآن تتبع إلى القائد العام للقوات المسلحة ولرئيس مجلس الوزراء نفسه …هي أصبحت جزء من المنظومة العسكرية العراقية في هذا الجانب لأنها منظومة شعبية بشكل عام يوجد عدم انضباط عند البعض .. توجد بحدود 100 فصيل في بغداد يدعي بأنه حشد شعبي وهو ليس حشد شعبي والآن دا نحاول نغلق كل المقرات هؤلاء لهم أسماء ويدعون بأنهم من الحشد الشعبي ولهم هويات ..)…ولنا على ذلك عدة استدراكات وملاحظات أهمها::::
أولا- جاء تأسيس الحشد الشعبي على أثر الفتوى التي أصدرها السيد السيستاني في 13/6/ 2014 بعد أيام قلائل من احتلال الموصل وصلاح الدين من قبل تنظيم داعش الإرهابي( بالرغم من ان تصريح السيد هادي العامري مؤخرا يؤكد ان من شكل الحشد الشعبي هو السيد المالكي وهذه مصادرة لفتوى السيد السيستاني..)، والفتوى كانت تتحدث عن متطوعين ينضون تحت امرة الجيش العراقي وليس تشكيل هيئة، لكنها استخدمت سياسيا، وعلى إثر هذه الفتوى أعلن عشرات آلاف المتطوعين من كل الأعمار تطوعهم وهو ما حمل الحكومة العراقية آنذاك إلى تشكيل لجنة الحشد الشعبي من خلال الامر الديواني المرقم 47 لعام 2014، وبعدها اعلن مستشار الامن الوطني(السيد فالح الفياض) تشكيل مديرية أطلق عليها «مديرية الحشد الشعبي» جرى ربطها بمستشارية الأمن الوطني قانونيا وماليا، ويترأسها مستشار الأمن الوطني فالح الفياض،(تصريح فالح الفياض موقع المسلة)….
ملاحظة: تم تشكيل لجنة الحشد الوطني بموجب الامر 47 لعام 2014 ولم تكن لا مديرية ولا مؤسسة ولا هيئة، ولا نعرف كيف ادعى السيد فالح الفياض بانه تم تشكيل مديرية الحشد الشعبي…..
ان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي اول من جعل مسؤولية «الحشد الشعبي» من اختصاص مستشارية الامن القومي وليس الجيش، وعاد واكد السيد العبادي تبعية الحشد الشعبي لمستشارية الامن الوطني في 12/مارس/2015….
ثانيا- ان مستشارية الأمن الوطني تمارس عملها الإداري والامني رغم عدم وجود قانون يُنظم عملها، وصرح في حينها رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب بهاء الاعرجي لوكالة فرانس برس “لقد صوت مجلس الوزراء وبالإجماع الخميس الماضي 29/04/2009 على الغاء مستشارية الامن الوطني التي انشاها بريمر قبل خمسة اعوام”، وقد نص القرار رقم 68 لسلطة الائتلاف الموقتة في نيسان 2004 على انشاء مستشارية للأمن الوطني لمدة خمس سنوات واضاف الاعرجي “عدم وجود موازنة للمستشارية اعتبارا من نهاية ايار المقبل”…..ثالثا- ان تشكيل مديرية باسم مديرية الحشد الشعبي والحاقها بمستشارية الامن الوطني قرار خاطئ ولا يستند على أصول قانونية صلدة؛ لان المستشارية أصلا هي ملغاة لانتهاء فترة عملها( بالرغم من انها لا زالت تمارس عملها وينضوي تحتها حوالي احدى عشر الف منتسب)، والاهم من ذلك؛ لا يجوز تشكيل مديرية او هيئة بدون موافقة مجلس الوزراء أولا وبعدها يصوت مجلس النواب عليها لتمارس بعدها عملها بصورة قانونية….
رابعا- عناصر الحشد الشعبي لا يرتدون الزي العسكري الرسمي كما أشار السيد العبادي؛ لأنهم متطوعين ولا ينطبق عليهم أي قانون عسكري؛ وتعريف العسكري واضح في القوانين العسكرية…..خامسا- ان قرارات مجلس الوزراء بصدد تشكيل الحشد الشعبي، لم تتطرق الى تشكيل هيئة او مديرية باسم الحشد الشعبي وذكرنا تلك القرارات في مقال لنا سابق بعنوان (دستورية هيئة الحشد الشعبي الوطني) نشرناه في 17/ نيسان من عام 2015، ونقلنا القرارات من الموقع الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء والامانة العامة لمجلس الوزراء، ولا مجال لذكرها….. ملاحظة: لحد تاريخ 7/ نيسان/ 2015، لم يتم تداول ان الحشد الشعبي مؤسسة او مديرية او هيئة في اجتماعات سادسا: مجلس الوزراء او بيانات او تصريحات السيد رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة….ان الحشد الشعبي متعدد القيادات رغم ارتباطه بالأمن الوطني سابقا، ودافع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في يوم 12 مارس 2015، عن الحشد الشعبي، وقال((الحشد الشعبي مؤسسة عراقية ضمن منظومة الأمن الوطني، تم إقرارها من قبل مجلس الوزراء وشرعها مجلس النواب وتم تخصيص ميزانية لها ضمن الموازنة العامة للدولة))، وتنويها، ان هذا التصريح مجافي للحقيقة ومخالف للقانون؛ لأنها ليست مؤسسة ولم يقرها البرلمان، فقط تم تخصيص ميزانية ضمن قانون الحرس الوطني الذي لم يشرع لحد الان، وبعدها انتبه القائد العام لتلك التداعيات وبدأ الحديث عن تبعية الحشد الشعبي للقائد العام للقوات المسلحة، (وتلك مسيرة باتجاه تعظيم الخطأ والتجاوزات الإدارية والقانونية والسير نحو انتاج اثار غير قانونية تسحق بها حقوق الغالبية العظمى من أبناء الحشد الشعبي)….
سابعا- أتخذ مجلس الوزراء في:::
==جلسته المرقمة (9) (الثلاثاء 7 نيسان 2015) برئاسة رئيس مجلس الوزراء، القرارات التالية::::
((1-قرر مجلس الوزراء توجيه الوزارات ومؤسسات الدولة كافة عند تعاملها مع هيئة الحشد الشعبي التعامل معها على انها هيئة رسمية ترتبط برئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة تتولى عمليات القيادة والسيطرة والتنظيم لقوات الحشد الشعبي….))
وفي هذه الجلسة اقر مجلس الوزراء ولأول مرة؛ بان الحشد الشعبي هيئة رسمية ولم يسبق ذلك قرارا بتشكيل هذه الهيئة نهائيا، قد صدر من مجلس الوزراء او أي امر ديواني صادر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتشكيل هيئة باسم الحشد الشعبي، اننا ندرك ان مجلس الوزراء أراد ربط الحشد الشعبي بالقائد العام للقوات المسلحة من خلال هيئة كانت الغاية منه إلغاء العناوين الأخرى، والتعامل مع الحشد باعتباره هيئة تابعة للدولة العراقية، لكن تلك القرارات معيبة بعيب مخالفة القانون، اذ كيف نطلب من الدوائر والوزرات ومجلس القضاء الأعلى، معاملة الحشد الشعبي كهيئة وليس هناك امر ديواني صادر من مجلس الوزراء وفق الشكليات المطلوبة، يسبق هذا التوجيه بتشكيل هيئة باسم هيئة الحشد الشعبي(بالرغم من ذلك ليس من صلاحيات مجلس الوزراء)، والموجود فقط امر ديواني برقم 47 لعام 2014 يوكل تنظيم حملة الحشد الشعبي الى لجنة الحشد الشعبي، غير متناسين ان قرار مجلس الوزراء المتخذ في الجلسة التاسعة لعام 2015 ما هو الا توجيهات وليست قرارات…..
تمثل تلك التصرفات والاعمال؛ نمو في السلطة عبر الدوائر الروتينية البعيدة عن الرقابة الدستورية والبعيدة عن الحدود القانونية الواضحة عبر الالتفاف على الدستور والقوانين او عبر التسلل من الثغرات والاكثار من الاعتماد على الاستثناءات والتعيينات بالوكالة نموذجا لذلك…..
ثامنا- لقد ذهب البعض إلى الدفاع عن سلامة هذا الإجراء (معاملة الحشد الشعبي كهيئة رسمية تابعة للمؤسسة العسكرية) واعتبروا أنه يستجيب للأطر القانونية ويخدم الصالح العام، وجاء انسجاما مع الظروف الاستثنائية ونظرية الضرورة وذلك يعد قصورا بالتسبيب وفسادا بالاستدلال وينطوي على مخالفة دستورية، للأسباب المدونة في ادناه:::::
الف- ان الصلاحيات الواردة في الدستورغالبيتها لمجلس الوزراء وليس لرئيس المجلس، والمادة (80) في الدستور النافذ، نصت على صلاحيات مجلس الوزراء او رئيس المجلس، وليس منها صلاحية تشكيل مديرية او هيئة بدون سن قانون ينظم عملهما، وان تشكيل أي مديرية او هيئة ينتج عنه هياكل إدارية وموارد مالية وبشرية، ولا يمكن ان يكون قرار فردي تنفيذي بدون سن قانون ينظم ذلك، ويتم نشره بالوقائع العراقية ليكون نافذا.
باء- تنص الفقرة (ب) في المادة التاسعة من الدستور العراقي على “حظر تكوين مليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة”، والحشد الشعبي قوات شبه عسكرية لابد من إيجاد غطاء قانوني لتشكيلها، وقد صرح السيد رئيس الوزراء في يوم 11/4/2015 في لقاء له مع قادة الحشد الشعبي بتطبيق قانون العقوبات العسكري على منتسبي الحشد الشعبي لأنهم جزء من المؤسسة العسكرية الرسمية، وهذه مخالفة صريحة لنصوص القوانين العسكرية التي عرفت العسكري ان كان جندي او ضابط، وقوات الحشد الشعبي لا يمكن ان تكون قوات عسكرية بالرغم من ارتباطها بمكتب القائد العام للقوات المسلحة لان الارتباط كان لأغراض تنظيمية، وتبقى هذه القوات قوات شبه عسكرية وجدت كحالة استثنائية ويبقى اسمهم متطوعين لبوا نداء الجهاد الكفائي، أي ان عملهم وقتي.جيم- المادة 108 من الدستور نصت على (يجوز استحداث هيئات مستقلة أخرى حسب الحاجة والضرورة بقانون) وهناك أكثر من خمسين نص دستوري معلق على تشريعه بقانون ليصبح ساري المفعول، أي لا يجوز الارتكاس الى هذا النص؛ الا بعد تشريع قانون ينظم ذلك، ولو كانت النيات معقودة لسن هكذا قانون لما تأخر سن القانون اكثر من أسبوع واحد( ونحن الان في نهاية السنة الثانية)….
دال- نظرية الضرورة والظروف الاستثنائية:::
ان نظرية الضرورة والظروف الاستثنائية كنظام قانوني مستمد من منطق الواقع والضرورة الملحة، وهو استثناء يرد على مبدأ سمو وعلو الدستور ويعطل تطبيقه جزئياً؛ لحماية الدولة والمجتمع في الاوقات الصعبة والخطرة التي تمر بها، ومنها يكون البلد بدون برلمان او هناك صعوبة في انعقاده او هناك حالة طوارئ معلنة قانونا، والمعطيات والوقائع المبسوطة في العراق تؤكد، لا وجود لأي فراغ في النظام القانوني وغياب للسلطة العامة وللمؤسسات الحكومية العراقية، جزئياً أو كلياً، وهي المنوط بها الدفاع عن الوطن، لا سيما ان البرلمان قائم وتم مباشرة اعماله في 1/7/2014 وتم انتخاب رئيس له في 15/7/2014 وكان بالإمكان طيلة هذه الأشهر ان يتم سن قانون لتشكيل هيئة الحشد الشعبي من مجلس الوزراء وارساله الى مجلس النواب لأجل تشريعه ولنكون امام عمل قانوني يتمتع بغطاء شرعي دستوري، والحكومة قد شكلت قوات الحشد الشعبي في 13/6/2014 ومضى على تشكيله سنتين واخذت عدة توصيفات ادارية ابتدأت بلجنة ثم مديرية ثم هيئة او مؤسسة؛ وذريعة التأخير؛ بان الحشد الشعبي سيكون لها إطار تنظيمي ضمن قانون الحرس الوطني المقرر التصويت عليه لاحقاً، ان ذلك يؤكد قطعا، انتفاء مبررات ومقومات نظرية الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها…..
وتُبرر الحكومة العراقية قرار (تشكيل هيئة الحشد الشعبي) وتجاوزها للبرلمان؛ بأن الدستور في المادة 61 / تاسعا/ج ينص على “يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد، في أثناء مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ، وتنظم هذه الصلاحيات بقانونٍ، بما لا يتعارض مع الدستور”، وهذا السبب غير منتج لأثاره القانونية للأسباب الاتية:::== حالة الطوارئ غير معلنة لأنها تأتي بموجب نص المادة 61/تاسعا/أ (الموافقة على اعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين، بناءا على طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء)…
== ان قانون الدفاع عن السلامة الوطنية المرقم 1لسنة 2004، الخاص بحالة الطوارئ لم يتم تطبيقه، خصوصا المادة 2 منه، والتي تخص تمديد حالة الطوارئ كل ثلاثين يوم والتي اعتبرت عدم التمديد معناه انتهاء حالة الطوارئ فعليا، وهذا التمديد لم يتم منذ سنين وحالة الطوارئ في هذا القانون تتضمن اليات لم يتم اتباعها.
== بعد اعلان حالة الطوارئ (من خلال تصويت البرلمان) يتم تخويل رئيس مجلس الوزراء صلاحية إدارة البلاد وتطبيق نظرية سلامة الدولة فوق القانون….
هاء- المادة(110) من الدستور النافذ والواردة ضمن اختصاصات السلطات الاتحادية بالفقرة ثانيا، أعطت الحق للسلطة الاتحادية فقط (.. وضع سياسة الامن الوطني وتنفيذها بما في ذلك انشاء قوات مسلحة وادارتها لتامين حماية وضمان امن حدود العراق والدفاع عنه)، أي الصلاحية معقودة للدولة العراقية وليس للحكومة….واو- الإدارة (الحكومة) ينبغي أن تلتزم بمبدأ المشروعية ليس فقط في الظروف العادية وإنما كذلك في الظروف غير العادية، ولأجل ان تتحاشى الحكومة العراقية المسؤولية الناجمة عن مخالفتها للقانون بتشكيلها هيئة الحشد الشعبي دون الرجوع للبرلمان ولحين تشريع قانون والتصويت عليه، كان عليها ان تعرض على البرلمان الإجراءات التي اتخذتها وتطلب منه أن يعفيها من المسئولية بواسطة قانون، وكما حصل في فرنسا ويعرف باسم قانون التضمينات، والقضاء هو الجهة الوحيدة المختصة بالفصل في مدى ضرورة اتخاذ الاجراءات الاستثنائية ومدى التزام الادارة بضوابط وقيود نظرية الضرورة، وبذلك تكون الضرورة نظرية واقعية لا قانونية…
زاء- ان البرلمان قد صوت على الموازنة واعتبر قوات الحشد الشعبي هيئة في وقت سابق، بدون أي قرار او امر ديواني قد صدر من مجلس الوزراء يشير الى ان قوات الحشد الشعبي هيئة، حيث نصت المادة -41- قانون موازنة 2015((تحتسب تخصيصات هيئة الحشد الشعبي بما يضمن اشراك 0,5% من عدد سكان كل محافظة عراقية وعلى مستوى الوحدة الادارية …ويكون عمل الحشد الشعبي بالتنسيق مع الاجهزة الامنية والعسكرية …، على ان تناقل تخصيصات الحشد الشعبي الى منظومة الحرس الوطني حال اقرار قانونه .. وعلى ان لا يكون اي تغيير بأعـداد الحشد الشـعبي الا بعد اقرار قانون الحـرس الوطني.))…والمستغرب؛ ان يتم ادراج مادة في الموازنة داخل عنوان الأموال المخصصة للحشد الشعبي، وعلى فرض؛ ان يتم تحويل الأموال الى الحرس الوطني في حالة اقراره….كيف يتم سن مادة مبنية على فرضية قد تتحقق وقد لا تتحقق؟ خصوصا ان قانون الحرس الوطني لازال يأن من الضغوط السياسية والمناكفات الحزبية….ان الحكومة حاولت من خلال تلك الخطوة الحصول على شرعية مبطنة باعتبار أن البرلمان صوت على الموازنة بشكل عام، ومن ضمنها فقرة حول مخصصات هيئة الحشد الشعبي، متناسين ان المادة ألزمت سن قانون الحرس الوطني الذي لم يتم تشريعه لحد الان، وكل ذلك؛ لا يلغي التجاوز الدستوري الذي ارتكبته الحكومة بتشكيل هيئة دون تصويت البرلمان عليها…والمؤسف ان السيد رئيس مجلس النواب الدكتوراه في القانون اعتبر الحشد الشعبي مؤسسة عندما سئل في لقاء صحفي مؤخرا في الكويت فقال (انا أميز بين المؤسسة والممارسة. مؤسسة «الحشد الشعبي» موجودة وتابعة للقائد العام للقوات المسلحة… وأي ممارسة يمكن أن تنتج عنها عملية قتل أو تعذيب غير مبرر أو انتهاكات لا إنسانية مدانة من الجميع، والكل يسعى كي لا تحصل، وإذا وقعت فلا بد من التحقيق لكشف مرتكبيها ومحاسبتهم.)
وهذا كلام لا تسعفه نصوص دستورية وقانونية، كما بيناه انفا.
ونؤكد اخيرا: ان السلطة عندما تتحرك بلا حدود قانونية تساهم في تعقيد المشهد واثارة الشكوك في شرعية الأداء الرسمي للدولة وتفتح قنوات للفساد والخلل الإداري وتفتح باب للسيطرة الحزبية والشخصية على مفاصل الدولة،
بخاصة حينما يتخذ السياسيين من تجربة الحشد، منصةً للدعاية الانتخابية وكسب ود الشارع لمصالح شخصية سياسية فئوية، وبشعارات الوطن والمذهب والمرجعية، وما الى ذلك من العناوين المشحونة بذبذبات ملامسة مشاعر اليأس لدى الأمة لتكون محارق تصفية حسابات سياسية او طائفية.