23 ديسمبر، 2024 11:54 ص

قانونا الشمري .. لحظة الحقيقة

قانونا الشمري .. لحظة الحقيقة

رغم انني منشغل حاليا بما هو اهم عندي من صراع الديكة في البرلمان المرقع وقبته الفلكية , الا انني خشيت كثيرا من عتاب علي بن ابي طالب وقبله رسول الله محمد صلوات الله عليهما , حين ارد عليهما بعد انقضاء دورتي العمرية في عالم الدنيا واحالتي على التقاعد الاضطراري بانقطاع النفس , فيسألاني عن نعمة القلم اذا ما خذلتُ القانون الرباني الخاص ب ” الاحوال الشخصية الجعفري ” وقانون ” القضاء الشرعي الجعفري ” .
يعلم المختصون بالتاريخ ان شيعة العراق – وهم وهج الشيعة في العالم – كانوا مرتبطين على الدوام بعلمائهم وقادتهم الدينيين , ولم يستطع كيان ما ان يثنيهم عن ذلك , ورغم كل تحالفاتهم واماراتهم كان يجمعهم ولائهم العلوي وحوزتهم الدينية , حتى دخلت اولى خيوط الدين السياسي الصفوي والعثماني والتلاعب الانكليزي عليهم على شكل عمائم وحمائم وبدل وكرفتات , فاختلطت عليهم الاوراق وغلبت عليهم جماعات البدو متمسكة بعروة السلطة .
ليفقدوا وهجهم وتفلت السلطة من ايديهم , فخضعت القوانين لرأي ابي حنيفة رغما عليهم , ثم لرأي الفرنسيين والمصريين والانكليز , ولما كانت نفوس الشيعة تنفر من الاحكام الوضعية كانت ردة فعلهم هي رفض تلك القوانين , حتى مات بعض زعمائهم – الواعين – وهو لم يعترف بالسلطة الملكية الحجازية على العراق حتى سنة 1954 .
ولما كان السلاح اداة الرفض الاقوى في العراق , خشي اللاعبون ان يستخدمها العراقيون الشيعة – وهم سادتها – , فلجأوا الى استخدام سلاح المكر الاشد في القرنين الاخيرين ” العمامة ” , فتاهت على الناس الفوائد وصاروا طرائد , واختلطت الاوراق وفاض بحر النفاق .
فتم صياغة القوانين في خيام البدو , وفرضها كان يتم على الدوام – حسب ديمقراطية الاعراب – بالسلاح , ومنها قوانين الاحوال الشخصية والقضاء .
وبعد دماء بذلها الشيعة لم يتسنَ لهم ان يحكموا المبادئ التي يؤمنون بها – رغم رقيها باعتراف خصومهم – , فاتفقوا على جعل قوانينهم شرعا خارج المحاكم وخصوماتهم تحل داخل مضايفهم .
ثم كانت نهضة الصدرين الشهيدين , لتعيد لشيعة العراق امل الاحتكام الى عقائدهم ونبذ قوانين البدو , لكن كانت تواجههم على الدوام مشكلتا السلطات الجائرة المدججة بالسلاح الدولي الديمقراطي وتلك العمائم المخملية العائمة على بحر الضياع .
فكان ان تأسست الاحزاب والحركات والمليشيات الشيعية , وكلها لها مطلب مشترك , الا وهو تحكيم شرع الله وفقه اهل البيت ومنح الناس حرية الاختيار . وسالت الدماء كانها انهار جارية , حتى لم يعد بالامكان ان يستر الامريكان عبقها , فسقطت الاصنام ودارت الايام وصار المظلوم ظالما ويا حسرة على العباد .
جاءت الاحزاب الشيعية الى السلطة كمجيئ يأجوج ومأجوج الى السلطة , من كل حدب ينسلون , ورفعت الاعلام تنادي ” يا لثارات الحسين ” .
لكنهم وسط النساء وليالي المال واضواء الشهرة وسفاهة العمالة قتلوا الحسين وقطعوا ابنائه اربا , ومن نجا من ابناء الحسين قتلوه اشد قتلة بان جعلوه من عساكرهم .
وبعد سنين عشر عجاف على الناس مدرة على الساسة لم يأتوا بزينب من سبيها ولم يرجعوا اكف العباس الى جسده العطشان , والناس حيارى سكارى من شدة الوله للمال , بعد ان رباهم البعث الاعرابي على حاجته وبعدما جعله الامريكان مغنما وحيدا .
فيما عمائم الغم والهم والتقوى في الدهاليز ترنو نحو السماء بانتظار المهدي المخلص للشيعة من براثنهم , حائرين بمعنى ” رب الشعرى ” .
لكن لله جنده – كما قال عبد المطلب – فكان ان قيّض الله بديلا , ثمرة زرعها الصدر الشهيد بجامعته , وغذاها وريثه بالحق اليعقوبي الممهد لدولة العدل , تمثلت في انسان صالح – بتوفيق الله وحفظه – حسن الشمري , الذي جاءهم بما فيه اخراهم ورعاية دنياهم , وفاءً لدماء سالت من اجل حكم الله .
لكن الساسة والقادة الذين صعدوا على اكتاف علي رأوا ” الامر امرا منكرا – فأججوا نيرانهم .. ” , ثم نادوا : ان الحكم الا للملك , وعلى قانون الشمري ان يسير على سيرة الشيخين والا جعلوا القانونين في عهدة الستة .
وتساقطت العمائم على ابواب الحقيقة واللحظة الدقيقة , واصبح الساسة الشيعة كانهم حمر مستنفرة فرت من قسورة , فهم من قطعوا عهود العار في لندن , فصار واحدهم يهذي : أاترك ملك الري والري منيتي … .
اما دعاة الديمقراطية والمجتمع المدني فقد هالهم المنظر وازعجهم المخبر , فهم بين مجتمع متدين بذل الدماء تحت نداء ” ان الحكم الا لله ” وبين افكارهم المستوردة الغريبة عن الناس . فرفعوا شعار الرفض ايضا .
متناسين ومتغافلين ان القانونين متممان للدستور الذي ينص على ” عدم جواز سن قانون يخالف الشريعة الاسلامية ” وان ” الاحوال الشخصية خاضعة لارادة وعقائد الناس ” .
ومتجاوزين لاهم اسس المجتمعات المدنية , والتي تقضي باحترام المعتقدات الخاصة بالكتل البشرية المكونة للمجتمع , والتي تلتزم بها اكبر الدول المدنية في العالم كبريطانيا مثلا . خصوصا ان القانونين تركا للمواطن حرية الاختيار في التحاكم اليهما من عدمه .
ان الاحراج الاكبر الذي لم يعتد عليه ساسة الدين التجاري ومجاميع الدعوة لمجتمع مدني – لا ديني – ان الرجل حسن الشمري جمع بين الشهادتين الاكاديمية الحقوقية والدينية الحديثة , وقد اجاد ما قدّم , فلم يجد القوم مهربا .
السادة السياسيين من الافندية او اصحاب العمائم من الشيعة ..
هذه لحظة الحقيقة ومفصل من مفاصل الحركة الاسلامية الشيعية المعاصرة وانتم في حالة اختبار ..
السادة من سدنة معابد المجتمع المدني ..
هذه لحظة الحقيقة في معرفة النوايا , هل تبحثون عن مجتمع يقوم على المدنية ام انكم مجاميع ضد الدين ترتدي اقنعة ..
( مناقشة فقرات القانونين امر طبيعي , لكن رفضهما جملة وتفصيلا دليل عداوة لكل ما هو ديني او لكل ما هو من الآخر )
[email protected]