فجأة ومن دون مقدمات تذكر وهو يشرب الشاي اﻷخضر بـ” الكرفس “مدفوع الحساب من بعض اﻷحباب ، وبطريقة الشفط – فووووب ..فوووووب – رشفة بعد أخرى ﻻ تنم عن أدنى درجات الثقافة واﻷتيكيت ليختم كل رشفة منها بـ” أححح ” ، قال ، أنا أفضلكم فحاولوا الإفادة مني ومن خبراتي المتراكمة ما تسنى لكم ذلك وﻻتنسوا أن تنتخبوني، أنا حامل الرقم المسدس -عفوا – المقدس (…) في إحدى قوائم المقدسين ! ” ، ليضج المجلس بـ” والنعم منك ومن أصلك الطيب ..خالك المبدع صديقي ..وهل يخفى القمر ..ابن عمي – ابو النفط – معاكم في ذات القائمة “، فإنتفخت اوداج – الشافط – كديك هراتي مبتسما بخبث ، قائلا ” لقد أخجلتم تواضعنا فووووب ..أححح ..هعععع- !” .
أزعجني غروره وقلة ذوقه بقدر إنزعاجي من نفاقهم ، فقلت : هل أكتشفت البنسلين الذي أنقذ حياة الملايين ، إن لم تكن فعلت فألكسندر فلمنج، أفضل منك ومن رئيس قائمتك ؟ أجاب ضاحكا ببلاهة ..هههه!!
هل إكتشفت لقاح الجدري ؟ إن لم تكن فعلت فإدوارد جينر ، خير منك ومن مجلسك وتحالفك الباهت هذا !
هل إكتشفت هرمون الأنسولين ؟ إذن الدكتور فريدريك بانتينغ – تاج رأسك – وكل من معك بل ومن كل من سيصوت لك أيضا !
هل إخترعت ، المصباح ، الهاتف ، الحاسوب ، الكهرباء ، البوصلة ، الساعة .. الشعر بنات ، الكنافة ، الزلابية ، جبس ليز ؟ دعنا من الإختراعات والإكتشافات ، مهما صغرت أو كبرت ، هل زرت مخيما للنازحين ومددت يد العون لهم طيلة اﻷربع سنين الماضية ، لقد فاقت أعدادهم 4 ملايين ، هل تفقدت دارا للايتام ومسحت على رؤوسهم بيديك طيلة اﻷعوام المنصرمة واجماليهم في عراق النار والدمار خمسة ملايين ، هل انفقت على الارامل والمطلقات ، اربعة ملايين مجموعهن إن لم تصلك بعد ياهذا الاحصاءات ، هل وزعت كراس للمعاقين واعدادهم تربو على 2.5 مليون معاق ، هل وزعت سماعات خلف اﻷذن ومناهج لتعليم الصم والبكم ، عصي ارتكازية ومناهج بريل للمكفوفين ، هل وفرت عملا حلاﻻ لبعض العاطلين ، أهديت قرطاسية ولوازم مدرسية للطلبة المتعففين ، طبخت طعاما للجائعين ، إشتريت دواء أو أجريت عمليات جراحية للمرضى المحتاجين ،حفرت بئرا ارتوازيا حيث لا ماء للظامئين ، قضيت دينا مؤرقا لبعض المدينين ، أسهمت في كبح جماح اﻷمية اﻷبجدية وعملت جاهدا للقضاء عليها بين اﻷميين واعدادهم في العراق الذي علم العالم القراءة والكتابة سبعة ملايين ، هل دفعت إيجار شهر كامل ﻷحد المستأجرين المعوزين ، هل توسطت عند المسؤولين لرفع الحيف عن المظلومين ، أسهمت بإطلاق سراح اﻷبرياء من المعتقلين، هل شاركت في حملات البحث عن المفقودين والمخطوفين ،هل زوجت أحد الشباب من العزاب المتعففين ،هل زرت دارا مخصصا لإيواء المسنين ، هل قمت برعاية أحد الشباب الموهوبين ، هل ألفت كتبا انسانية ، علمية ، فكرية تنير بها درب الجاهلين ، هل نظمت قصائد، كتبت قصصا ، ألفت روايات تقض مضاجع الطغاة والظالمين ، ترفع من معنويات المحبطين ، هل أهلت بناء دمره الرعاع والمستعمرون ( مسجدا ، مدرسة ، مستشفى ، مستوصفا ، جسرا ، مجسرا ، كلية ، شارعا مزرعة ، بستانا ..) هل زودت مكتبة عامة بالكتب الاكاديمية للدارسين والباحثين ، لماذا كل هذا الغرور والتكبر والاستعلاء على من حولك وبكل هذه الصفاقة اذا ، والله تعالى يقول فيك وفي أمثالك بمحكم التنزيل :
“وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا ”
وهو القائل جل في علاه في الحديث القدسي : ” العظمة إزاري والكبرياء ردائي ، فمن نازعني بشيء منهما عذبته” .
ويقول فيك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو خير من يمشي على قدم مع انه من أشدهم حياء وتواضعا : ” إن من أحبكم إلي , وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة , أحاسنكم أخلاقا , وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ” ، فقالوا: يا رسول الله , قد علمنا الثرثارون, والمتشدقون, فما المتفيهقون؟ قال: ” المتكبرون ” .
فيما قال فيك وفي أمثالك الشاعر :
ولا تمشِ فوق الأرض إلا تواضعاً .. فكم تحتها قومٌ هُمُوا منك أرفعُ
وإن كنت في عزٍ رفيعٍ ومنعةٍ .. فكم مات من قومٍ هُمُوا منك أمنعُ
قال وقد إستبد به القلق وأخذته الحيرة كل مأخذ وباﻷخص بعد أن إنفض عنه – اللوكية – ولم يعد أحد يدفع له حساب الشاي – وقد إعتاد قبل ذلك على البلوشي – ﻻ اﻷسود الخشبي وﻻ اﻷحمر العنابي ولا اﻷخضر النعناعي : لقد حصلت على 200 صووووووت في الانتخابات الماضية وسأحصل على ضعفها في المقبلة يانااااااااس وبعض صوري مازالت معلقة على جدران كراجي النهضة والعلاوي حيث يتناول الكادحون التكة والكباب والمعلاق والكلاوي من لحوم المجترات النافقات وبعض الحمر الحساوي !!ولسان حاله يتساءل ” لك بس كلي ، منين طلعتلي يا ابو البلاوي؟ !
قلت متمثلا قول الشاعر :
تواضعْ تكنْ كالنجمِ لاحَ لناظرٍ ..على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكُ كالدخّان يرفع نفسه ..إلى طبقات الجوّ وهو وضيع
اودعناكم اغاتي