18 ديسمبر، 2024 9:52 ص

قالها وأينعت ثمارها

قالها وأينعت ثمارها

المرجعية الدينية عنوان بارز ، مطروح كأحد قمم الساحة الإسلامية،  بل وأصبحت المرجعية الدينية بعد انتصارها في معظم مواقفها، من عصر الغيبة الكبرى حتى يومنا هذا، جهة تتوجه لها أنظار العالم الإسلامي وغيره، في المواقف والقضايا العالمية الثقافية والسياسية
جاء هذا كنتيجة عرضية لفتوى الجهاد الكفائي، وما لها من آثار وأنعكاسات ناجحة، على يد المرجعية الدينية،  لذا نجد الأعداء يخططون لأجل ضرب هذه المرجعية ومحاصرتها وأضعافها، أو في الأقل تشويه سمعتها، لذا تعرضت إلى أعمال وحشية في بعض العصور، من تصفية مراجع الإسلام في النجف وغيرها من بلاد الاسلام والمسلمين،  أمثال الشهيد  المرجع مرتضى البروجردي ، والسهيد المرجع الميرزا علي الغروي.. وبعد كل هذا نجد الإعلام ووسائله العالمية، تتحدث عن المرجعية الدينية ودورها القيادي، وتحاول اشاعة احاديث مضللة ومغرضة .
كانت فتوى الجهاد الكفائي، فتوى شرعية أوجبها المرجع الديني السيد علي السيستاني بتأريخ ٣١ حزيران ٢٠١٤، على مقلديه في الأحكام الشرعية من المسلمين الشيعة، في العراق دون غيره من البلدان، للتصدي ومحاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذين أسقطوا عدداً من المناطق، في غرب وشمال غرب وشمال شرق العراق.
وهذه محاولة أخرى لضرب المرجعية الدينية، لانها أخذت على عاتقها ما شرع من قبل الله سبحانه وتعالى الجهاد والدفاع، عن الدين والمقدسات والارض.
قد يحاول البعض ان يضفي صفة الحرب و القتال على هذه الفتوى، ولكن الاثار الخفية و النتائج المتحققة، تدل على عمق المرجعية الرشيدة، ونظرتها المستقبلية وانها فعلاً صمام امان هذا البلد، بل للعالم والانسانية اجمع .
عند اجتياح عصابات داعش لمحافظات العراق الشمالية والغربية، وتهديدها كل مدن العراق، مع انكسار واضح للقوات الأمنية في تلك المناطق، ظهر هناك استقطاب طائفي مقيت، وحرب ضد الوحدة الاسلامية، كون الشعارات التي اتت بها عصابات داعش، طائفية بحتة وتهدد كل المقدسات والأديان، والأقليات الموجودة في المجتمع العراقي..
ثم اتت الاحداث في ما بعد لتثبت هذه النظرية، وما قامت به عصابات داعش في المناطق التي سيطرت عليها، اثبت انها تحمل فكراً هداماً، ولا تقف عند حدود دينية او اخلاقية، و ابعد ما تكون عن اخلاق الدين المحمدي الأصيل .
لذلك كانت الفتوى في مرحلة مبكرة جداً، في وقت عمت الفوضى كل شىء تقريباً، وكان العراق ذاهبا نحو نفق مظلم، والحكومة لا تملك حلولا في ذلك الوقت، والمجتمع منقسم طائفياَ في خضم اضطراب الاوضاع، فكانت الفتوى المباركة هي المخرج..
زرعت بصيص الضوء في اخر النفق، الذي تحول الى شمس ساطعة، حولت الظلام الذي خيم على العراق والمنطقة الى نور واضح وجلي، تجلى في خارطة طريق لمحاربة هذه العصابات التكفيرية اولاً، ودحرها و اعادة السلم المجتمعي الى تلك المناطق ثانياً، والتي عملت عصابات داعش على قتل و تهجير اهلها، و خلق فجوة طائفية و انسانية، ومحاربة ابناء الديانات الاخرى، المتعايشة على مدى مئات السنين في تلك المناطق .
من هنا يتضح نجاح الفتوى المباركة للمرجعية الرشيدة، فكانت رسالة سلام اكثر منها رسالة حرب، فهي موجهة ضد فئة باغية و مجرمة، ولم تستهدف مكونات بل عملت على اعادة توطين المهجرين، في مدنهم التي هجروا منها، واعيدت دور العبادة لجميع الديانات والمكونات دون تفريق، بين دين او عرق او طائفة، و هذا ما عجزت عنه جميع الجهات الرسمية و غير الرسمية .
كان الحشد هو نتاج فتوى المرجعية، و كان صاحب رسالة انسانية، و ليس قوة مدافعة عن مذهب او رقعة جغرافية معينة، و عند اكتمال اعماله العسكرية داخل المدن المحررة، ذهب ليحمي ثغور العراق و حدوده، من اي تسلل او تدخل خارجي، فبقي هذا الحشد رقماً صعباً في المعادلة العراقية، رغم الحملات الشرسة التي مورست ضده، لمحاولة تفكيكه والاساءة الى منجزاته .
ان الواجب الوطني و الشرعي، يدعونا الى التمسك بمرجعيتنا الرشيدة، لانها الجهة الوحيدة التي لا يهمها شىء في الحياة، الا وحدة هذا الوطن و السهر على مصلحة ابنائه، و تقديم النصح و المشورة، والمحافظة على امن و امان هذا البلد.