لا يكفي أن نتحدث عن مشروع، أو برنامج، أو إصلاح من قبل أي تحالف أو كيان، دون أن يكون هناك إستعداد ذاتي، ووازع وطني وأخلاقي لرفض الإصطفافات، والمحاصصة، والطائفية، والقدرة على خدمة الشارع العراقي، خاصة وأن المشهد السياسي زاخر بالمشاكل الإقتصادية والإجتماعية، والإبتعاد عن تكريس مفاهيم بناء السلطة، والمنصب، والنفوذ، وسياسة المحاور، والتكتلات، وبالتالي فمَنْ يستطيع أن يخدم العراق فليتفضل، ولكن ماذا ينتظر العراقيون من برلمان الغد؟ وهل ستتجاوز الدورة البرلمانية الحالية أخطاء المراحل الماضية؟
هل يمكن للمشهد السياسي بعد عقد الجلسة البرلمانية الأولى، لمجلس النواب الجديد بتاريخ (3/أيلول/2018) أن يمنح المجلس ممارسة مهامه بشكل سلس وفقاً للدستور؟ وهل ستكون مهمة تشكيل الحكومة المقبلة أمرا يسيراً، كما سار أداء اليمين الدستوري للاعضاء الجدد؟ أم أن الامر لا يتعدى حضورهم لبدء العد التنازلي لحجم الرواتب والإمتيازات والحقوق، أما قضايا الشعب وخدمتهم فهما في خبر كان، والمصيبة الكبرى أن نصل الى مستوى الإستفهام بين الساسة والوسائل الإعلامية، ليسألوا: مَنْ يقطع نزاع القوم؟!!
يوم (4/9/2018) شهد هو الآخر مهزلة برلمانية، فالحضور لم يتجاوز (100) نائباً وما زلنا في بداية الطريق، وإبقاء الجلسة الأولى مستمرة وفق الدستور، الذي يجيز إبقاءها مفتوحة لمدة لا تتجاوز (15) يوماً أمر مقلق، وليس حدثاً تأريخياً كما يصوره بعض النواب الجدد، بأن يباركوا للشعب العراقي عقد جلستهم، وما حدث من تأجيل بسبب مشكلة تحديد الكتلة الأكبر، وعدم إختيار رئيس مجلس النواب ونائبيه، أفلا يحق لنا أن نقول ما قاله زيد بن حارثة: إتقوا الله.
سياسة تبادل الإتهامات لهذا الطرف أو ذاك، لن يصل بنا لأي نتيجة، وسياسة التنصل من المسؤولية، لا تشرف أي وطني شجاع، فكلنا مسؤولون عن الوطن وليست الحكومة فقط، كما نوجه الدعوة للنواب الجدد، لنوصيهم بأن التشنج بضاعة مسمومة، وحاولوا مسك العصا من المنتف لخدمة شعبكم فقط وليس أحزابكم، فالأوضاع لا تحتمل المجاملة على حساب المواطنين وأرواحهم، فما فائدة أن ينتصر علي الشخص، ويخسر علي المشروع، وتذكروا أن الناس منحتكم التفويض، هي قادرة على سحبه منكم.
إتقوا الله يا قوم في أهل البصرة وأجلبوا ماء عذباً لهم، إتقوا ربكم ولا تجعلوا المناصب والمكاسب همكم، وأخدموا الشعب بكل أمانة، وارسموا مستقبلاً جميلاً لأبنائنا، وشبابنا العاطل عن العمل، إنتبهوا الى مخاطر وسائل التواصل الإجتماعي، ولا تسمحوا للأعداء التدخل بشؤوننا، فخفافيش الظلام متربصة بنا، والعراق يستحق أن يرى في القوى السياسية، والقيادات المتصدية المرونة المتبادلة في القضايا المصيرية، وعلى هذا يجب ألا تفرقنا السياسة، بل إعملوا بعناوين المصالح الوطنية العليا، فالعراق أكبر من الجميع.