18 ديسمبر، 2024 7:45 م

قالها بريمر:- (جئنا بهم من الطرقات)

قالها بريمر:- (جئنا بهم من الطرقات)

لعل أغرب مانشعر به عندما نقلّب صفحات التاريخ ونكتشف بعدم وجود بلد آخر في العالم كله تعيسا مثل العراق بسبب النفط ..
فالنفط كان منذ اكتشافه في العراق قبل اكثر من قرن ولازال يسيل له لعاب الدول الاستعمارية وتسعى لجعله تحت رحمة شركاتها ، وحتى الدول الاقليمة تطمع به وتتهافت للهيمنة عليه وتخضعه لأجندتها وتنتهك بسببه هيبة البلاد وسيادتها ، وتنهب خيراته..
والنفط كان ولازال سببا لأشتعال نار الحروب في الداخل والخارج ، وسببا لأشتعال الفتن بين ابناء الشعب الواحد ، ولعل الصراع العقيم الذي يجري بين حكومتي المركز واقليم كردستان منذ سنوات خير شاهد على ذلك.. ولم تجد نفعا عشرات الاجتماعات المكوكية بين وفدي حكومتي المركز والاقليم للوصول الى حل يرضي الطرفين ويرضي الشعب..
كل هذا بسبب النفط ..
والنفط يعد أحد الاسباب الرئيسية لأستفحال الفساد وأغراء المفسدين في التمادي بصفقات النهب والسلب والاحتيالات ، وإنشاء المشاريع والشركات الوهمية ، وغسيل الاموال و…و…الخ ، وهذا مانلمسه تحديدا بعد 2003 ..
نعم هكذا نتيقن بدلا من أن يكون نفطنا سببا لرخائنا وسعادتنا نراه سببا لشقائنا وتعاستنا!!
انها مهزلة من مهازل القرن الحادي والعشرين عندما يشعر المواطن العراقي ان بلاده تنام على بحر من النفط وهو عاطل عن العمل ، وجائع ، وعار ..
وتتفاقم هذه المهزلة عندما يتيقن المواطن أن حكامه يملكون المليارات وهو حافي القدمين ينام جائعا على فراش من الحصير..
تماما هي أزمة الضمير، وانعدام الاخلاق ..
لعل مايشهده شعب العراق منذ سنوات طوال من سوء الخدمات واستفحال الازمة الاقتصادية التي تهدد اليوم رواتب الموظفين والمتقاعدين بالتقليص ، وربما الحجب ايضا ، والامرّ من ذلك مايمر به شعب كردستان وموظفيه ومتقاعديه من حيف وحرمان من رواتبهم للسنة السادسة على التوالي ، لعل كل ذلك وغيره الكثير خير دليل ..
لولا النفط لكانت الحكومات المتعاقبة والمعنيون يبحثون عن مصدر آخر لتمشية شؤون الشعب والبلاد على وجه افضل . كيف لا وعراق النهرين يملك ارضا خصبة ومياه وفيرة ، ومعادن ، ويملك سياحة دينية ، ومناطق أثرية قديمة جدا ، وسياحة اصطياف تدر عليه الملايين ، . لكن النفط جعل الحكومات مترهلة لاتفكر في البحث عن البدائل . وهكذا كلما انخفض سعره انهار اقتصاد البلد ..
ماجدوى نفط بلادي إن كان سببا لتعاسة الشعب وشقائه ، وعدم ضمان معيشته ؟..
ماجدوى نفط بلادي إن كان سببا لطمع الاجنبي يسبب في احتلاله وانتهاك حرمته ونهب خيراته؟..
ماجدوى نفط بلادي إن كان المستفيد الوحيد منه الحزبي الفاسد ، والسياسي الفاشل ، والبرلماني المساوم ، وفاقد الضمير؟
لتحترق كل آبار نفط بلادي لطالما تحوّلت إلى بلاء وكارثة تجعل العراقي يهرول ولا يحصد غير الآلام ..
لا الوم أبو فراس الحمداني عندما قال قبل اكثر من الف عام :- (إذا مت ضمئآنا فلا نزل القطر) ..
نعم لطالما لم نستفد من النفط وصار وبالا علينا، تبا له وليحترق في الهواء عن بكرة ابيه وحتى آخر قطرة منه ، والعن الساعة التي تم فيها اكتشافه واستخراجه وتصديره ..
قالوا عنه (الذهب الاسود) لكن لم نجن منه الا النتاج الاسود والطالع الاسود ..
إنها لعنة التاريخ عندما نتأكد بأن المستفيد الوحيد من خيرات هذه الثروة الاجنبي الغريب والفاسد ابن البلد ..
أما المتضرر الاكبر هو الشعب المغلوب على أمره تحكمه شرذمة من المتخلفين اشباه السياسيين وبائعي الضمير وعديمي الاخلاق الغارقين بالخيانة والعمالة والفساد المدعومين من قبل الاستعمار والدول التي لاتريد الخير للعراق ..
قالها الكلب بريمر :- (جئنا بهم من الطرقات) ..
مبروك لنا حكام جاءوا بهم من الطرقات ..
بالامس كانوا في بلاد الغرب يعيشون على الصدقات
واليوم بقدرة قادر بلغت أرصدتهم المليارات
بفضل الغش وتزوير الشهادات والانتخابات والسرقات..
ابقى أبكي على العراق تقطّعه قوى الشر إربا وهو ينزف جرحا .