19 ديسمبر، 2024 12:05 ص

قالت بلاسخارت، ولم تقل

قالت بلاسخارت، ولم تقل

تحظى السيدة جينين بلاسخارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق باهتمام وتقدير الكثير من العراقيين، لإعتقادهم بأنها تحمل في جعبتها أفكاراً ومبادرات ذات مضامين يمكن أن تسهم في معالجة همومهم المتنوعة، وأن بإستطاعتها، عبر إحاطاتها وتقاريرها وبياناتها نقل الحقائق عن حياتهم ومعاناتهم والتأثير على الرأي العام الدولي وقض مضاجع الفاسدين. وخلال إحاطتها الآخيرة التي ألقتها يوم 2 شباط 2023 أمام مجلس الامن الدولي، أرادت بكلمات هادئة أن تؤكد على جدوى الحوار والامتثال للدستور واحترام مبادئ الديمقراطية، وأن تشعر العراقيين، في ظل الظروف المعقدة التي تحيط بهم، ببعض الارتياح وتقنعهم بالتريث وعدم البحث عن حلول ووسائل أخرى، فتحدثت عن إحتياجات وتحديات وإهتمامات وملفات وأولويات كثيرة، وكأنها تريد أن يبقي العراقيون متمسكين بالوهم ومتعلقين بالأحلام والأمنيات. ولكنها لم تفلح، لأنها لم تقل سوى نصف الحقيقة التي فتحت الأبواب أمام تساؤلات لا نهاية لها، وبالذات عندما تحدثت عن:

*حكومة السوداني التي أبدت التزامها بالتصدي للفساد المستشري، واتخاذها عدداً من الخطوات الهامة، بما في ذلك ما يخص إسترداد الأموال المنهوبة.

ولم تقل أن ما تم إسترداده من الفاسدين نور زهير وهيثم الجبوري لا يعادل سوى عشرة بالمئة من الأموال المنهوبة. ولم تذكر، بل لم تجرؤ على ذكر الذين يسعون إلى عرقلة جهود الحكومة في مجال مكافحة الفساد وإسترداد الأموال المنهوبة، والذي مارسوا نفوذهم في سبيل إطلاق سراح نور وهيثم.

* برنامج حكومة السوداني الذي يؤكد على الالتزام بحلّ المسائل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان، بما في ذلك تشريع قانون النفط والغاز في غضون ستة أشهر.

ولم تتطرق الى تعديل قانون الإنتخابات الذي كان من المفروض أن يعدل خلال ثلاثة أشهر، ولم تقل أن كل الحكومات في بغداد تعهدت بالالتزام بالدستور والإتفاقات وحلّ المسائل العالقة بين أربيل وبغداد، وإتخذت في بدايات عهدها بعض الخطوات الأولية لتحقيق هذه الغاية، وأجرت زيارات رفيعة المستوى الى أربيل وإستقبلت وفوداً رفيعة المستوى في بغداد، وتشكلت لجان مالية وفنية وأمنية ودستورية مشتركة، وقد وصفت جميع الإجتماعات بين الجانبين بإيجابية. ولكن النتيجة كانت قرارات حكومية وقضائية وبرلمانية مجحفة وخروقات واضحة للدستور وتنصلات من الوعود والإتفاقات.

* الحكم الصادر مؤخراً عن المحكمة الإتحادية ضد إقليم كوردستان وتمنت مواصلة المفاوضات بين أربيل وبغداد، ولم تشر الى تدخل المحكمة الاتحادية في إعاقة تشكيل الحكومة من خلال بدعة الثلث المعطل الذي أثار الشكوك وشكل علامات استفهام كثيرة، وعن قرارها السياسي بالغاء قانون النفط والغاز في كوردستان، والقرار المعادي لمتقاضي الرواتب وأبناء كوردستان ومجمل العملية والاستقرار السياسيين، والاتفاق الذي تم بموجبه تشكيل الحكومة الاتحادية العراقية الجديدة.

*دعت إلى تنفيذ إتفاق شنكال الموقع بين بغداد واربيل في 2020، والانتهاء من حوار كركوك. ولم تشر الى الجهات والأسباب التي تمنع تنفيذ إتفاق شنكال، وسبب عدم إنتهاء حوار كركوك، الذي طال إنتظاره.

*نظرتها الإيجابية الى إستلام ثلاث نساء لمناصب وزارية من بين (23) وزيراً، ومشاركتهن في صنع القرار. بيد أنها لم تشر الى ان إحداهن لم تنفذ قرار رئيس الحكومة ومجلس الوزراء، وإمتنعت عن صرف مسحقات الموظفين الكورد. كما إمتنع سلفها من صرف مستحقات الفلاحين الكورد الذين سلموا محاصيلهم الزراعية لحكومة العراق في عامي 2014و 2015. 

*علاقات العراق الخارجية، وتلقيه الرسائل عبر المسيرات والصواريخ، والتي أدت الى زيادة التوترات على نحوٍ متهور وتسببت بقتل الناس الأبرياء وتدمير الممتلكات. ولم تذكر أسماء الجهات التي أرسلت تلك الرسائل، ولا المناطق التي تعرضت للقصف والمواطنين المتضررين. ولا عن تصوراتها لرد الفعل العراقي لو تم قصف مناطق في جنوب العراق من قبل الكويت أو السعودية .

* المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى في العراق. ولكنها لم تتحدث عن الألم والعذاب الذي يتعرض له أبناء وبنات وأمهات وزوجات وآباء المفقودين والمغيبين الذين تم إلقاء القبض عليهم في مداخل مدن وقصبات الأنبار وصلاح الدين والموصل خلال هروبهم من تحت سيطرة داعش في سنة 2014 وأثناء عودتهم الى ديارهم بعد هروب داعش من مناطقهم قي سنة 2017.