18 ديسمبر، 2024 6:07 م

بثت احد محطات التلفزه الامريكيه مسلسل عائلة سمبسون  باسلوب الرسوم المتحركه, وقامت العائله بزيارة مسرحيه موسيقيه فى المدينه المجاوره ” شلبى هيل” ويظهر فى هذه المسرحيه سكان المدينه الصغيره ” شبرنكفيلد” كجهله وعديمى الثقافه, لقد اغاظ هذا الوصف عائلة سمبسون التى هى من سكان هذه المدينه, والحقيقه فان هذا الوصف ليس غريبا خاصهان كل ما يرتبط بمدينة شبرنكفيلد هو مفاعل نووى لانتاج الطاقه,ان هذه المدينه الصغيره تبدو عافية عما يدور فى العالم , انهم يعيشوا ايامهم بتكرار مستمرلاجديد فيهالا ان هذا الوصف قد اغاظ السيده مارغا, , اخذتها الغيره وتحمست كثير  وقررت رفع ِشأن مدينتها العزيزة عليها والعمل علىرفع شأنها ومكانتها وسمعتها عن طريق  تطوير الفعاليات الثقافيه. قامت السيده مارغا بدعوة لجنه النشاط الثقافى للاجتماع وتدارس الموضوع واقترحت عليهم مشروع بناء قاعة للموسيقى الكلاسيكيه, وبنفس الوقت على ان يقوم بتصميمها والاشراف على تنفيذها المهندس المعمارى ” فرانك كيرى”1 الذى يعتبر من رواد اسلوب ما بعد الحداثه الذى اخذ مجالا واسعا فى مرحلة رأسمالية العولمه.فرانك كيرى هو النجم المعمارى ضمن العدد القليل من الذين طوروا لغة معمارية جديده.         اخذ كيرى الرساله, وكما يبدو انه لم يستسيغ الفكره اصلا, بيده وكورها وضعط عليها ورماها, واصبحت كومه ذو شكل عريب لا يعبر عن شىئ ذو اهميه, خطوط قصيره وطويله مستقيمه ومتعرجه وكذلك سطوح صغيرة وكبيره. نظر كيرى الى هذا الشكل الذى لا يعنى شيئا معينا بدقه واستلهم فكره لتصميم قاعة الاوركسترا التى كلف بها. وفعلا فقد انتهى بتصميم حداثى جدا, وغير  مألوف. تم بناء القاعه التى كلفت 30 مليون دولار. جاء الفشل, الحيره والورطه فى ليلة الافتتاح وبدون مقدمات. ان سكان شبرنكفيلد ليس لهم اى علاقه بالموسيقى الكلاسيكيه, لا يعرفوا عنا شيئا ولم يتفاعلوا معها يوما ما. هذا يعنى ان قاعة الاوكسترا او اى مشروع لايتجاوب مع حاجة ورغبات السكان لايمكن ان يكون ناجحا ولايمكن ان ويتقبله المواطني. ان الفشل كان مبرمج مسبقا, كان رغبت السيده مارغا مثقله بالعواطف والمشاعر  دون  فهم وادراك وحاجة السكان ويمكن ان تكون تطلع نخبوى سابق لاوانه, بالاضافه انها محاوله بائسه فى التنافس والغيره والتى تزدهم فى ادمعة وعقول الكثير من الطغاة والحكام النرجسيين. ان قاعه اوركستر اشبرنغفيلد لم يكتب لها حياة طويله, فقد كانت عماره كبيره غريبه لم تفى  بالوظيفه التى جاءت من اجلها, ولذلك فقد جرى عليه تحويرات كثيره واصبحت سجن حكومى, ومع ذلك لم تستمر كسجن لفترة طويله وتم ازالتها وخلاص المواطنون من عمارة تبعث فيهم عدم الارتياح والغرابه. ما يميز العماره  من الناحيه السوسيولوجيه انها واقع مادى ملموس, تعيش طويلا ولها تاثيار كبيرا حسيا وجماليا.  ولذلك يجب ان تحضع العماره بمختلف تنوعاتها الى دراسة اجتماعيه اقتصاديه وكذلك من الناحيه الجماليه

                                                                                                   1) فرانك كيرى, مهندس معمارى كندى امريكى, درس العماره فى جامعة كاليفورنيا الجنوبيه وجامعة هارفارد, فتح مكتبه 1962 فى لوس انجلوس. انه مع مجموعة المعمارين دانييال ليبسكند, ريم كولهاس, زها حديد, بيتر ايسنمان برنهارد تشومى وكوب هيملباو يمثلون اتجاه اللغه المعماريه ما بعد الحداثه الذى يقوم, كما جاء به الفليسوف الفرنسى داريدا على تفكيك النص واعاده بنائه وتركيبه بعد مراحل معينه للوقوف على ماهيتة وعمقه واهدافه ويعطى بنية جديده فى اشكال وابعاد جديده. ان هذا الاتجاه تم نقله واستخدامه فى العماره حيث عرض فى متحف الفن الحديث فى نيويوك عام 1988 وحمل المعرض مصطلح “العماره اللاتركيبيه”. من الابنيه الرائده فى اسلوب اللاتركيبيه كان بيت فرانك كيرى فى سانتا مونيكا.  منذ شراء البيت القديم عام 1977 جرت تغيرات مستمره على البناء  وعلى مراحل التى  تعكس التغيرات التى عاشتها عائلة فرانك كيرى اثناء السنين. ان العماره ذات الطابيقين كانت تمثل نموذج بناية سكنيه مقبوله ومؤلوفه لدى الجميع, ولكنها بعد الهدم, الازاله المحدوده والاضافه, وكذلك الى ما تم تلبيس البناء الخارجى قد تغيرت هيكليته بحيث اصبح سكنا فى غاية الفرديه, الا ان فرانك كيرى لم يبحث على  حل معين ويلتزم به وذلك كما يؤكد ان ما يعنى بالشكل النهائى يتعارض مع عملية التغير القائمه دائما. يشترك معماريوا اللاتركيبيه بالاشكال الجديده المؤثره والتى تقدم متعه بصريه كبيره, الخطوظ الطويله والسطوح والمستويات المتعدده , بالاضافه الى الاعمده والجدران المائله تمثل مفردات التصميم, كما تستخدم فى البناء مختلف المواد الانشائيه الحديثه وتكنولوجيه متقدمه تعمل على تكييف بعض هذه المواد الى اشكال مختلفه وبمقاسات غير مؤلوفه احيانا لم تكن متوفره سابقا و بالاضافه الى الواجهات التى تشغل مساحات كبيره. انها عماره مبهره جميله ومؤتره وكانها من عوالم اخرى, انها اعمال فنية متكامله وكانها قد انجزت من نحاتين . ان عملية التصميم التى تاخذ مراحل متعدده تعتبر بحد ذاتها عملية ابداع وتعلم.

ان تصاعد عمليات العولمه لا تقتصر  على توفير مجالات متعده للعمل والحركه والاستثمار بالاضافه الى اتحادات واتفاقيات, الا انها بنفس الوقت ادت الى تجزئة وشرذمه بعض المجتماتوانحلال الروابط والاعراف المحليه التقليديه  لم تطرح فى عصر رأسمالية العولمه دراسات حول ايجاد حلول فى فن البناء للمشاكل السكن كما ونوعا مما عمل على تصاعد الازمات الاجتماعيه, لذلك قام فى الثمانينيات من القرن الماضى عدد من المعماريين والفنانين بنقد تجاهل هذه الازمات الذين يؤكدوا على لغة معماريه جديده باتجاه مجتمعى فى فن البناء.