لا تُبنى الدول أو تتقدم إلا ويكون لديها إعلام حر لا يُحاسَبْ أو يُعاقَبْ نتيجة تقصّيه للحقيقة التي يحاول الكل حجبها عن الشعب الذي حكّمَ هؤلاء وولاهم أمره … احمد الملا طلال معد ومقدم برامج سياسية ناجح جدا اختلف مع السادة في قناة العراقية وشد رحالة ليستقر في قناة الرشيد الفضائية التي فتحت له الأبواب واحتضنته كونه طاقة شابة واعدة في مجال الإعلام الحر فهو يمتلك الكارزيما والشخصية القوية والأسلوب الجميل في المحاورة ويمتلك ذكاءاً كبيراً في محاورته لضيوفه، قدم الملا طلال العام الماضي برنامجه (بعد منتصف الليل) في رمضان وحقق نجاحا كبيرا لأسباب كثيرة، عاد في هذا العام ليقدم النسخة الثانية منه ولكن بأسلوب لطيف وجميل ومقبول لدى اغلب العوائل العراقية والمهتمين بالشأن السياسي.
ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فقد لعب الملا طلال بالنار كما يقولون عندما تجاوز الخطوط الحمراء وفق مفهوم ساسة العراق الجديد عندما عرض صورة وليّ النِعَمْ (قاسم سليماني) على احد النوّاب الذي بادر بسرعة بديهة عالية إلى وصفه بالعدو، وهذا النائب لم يكذب في وصفه لهذا الشخص بل أعطاه صفته الحقيقة للعراقيين، ولا حاجة لنا الآن بالدخول في أفعال هذا المجوسي تجاه الشعب العراقي ونستذكر فقط قول السيد أمير الكناني احد نواب كتلة الأحرار الصدرية عندما قال بالحرف الواحد بان (سليماني هو من شكل حكومة نوري المالكي الحالية!!!!).
إن ما أضحكني فعلا هو قول بعض السياسيين بان البرنامج لابد له من عدم إثارة حفيظة بعض الجهات وان يعمل باتجاه ترسيخ المصالحة بين القوى السياسية من خلال تقديمه لفقرات لا تثير حساسية بعض الجهات ضد جهات أخرى ولا نعرف هل أصبح الملا طلال مفسدا لمشروع المصالحة الوطنية ومهدما له من خلال استطلاع بعض الآراء لبعض السياسيين لبعض الشخصيات العامة ولا اعرف ماهو مفهوم الديمقراطية لدى ساسة العراق الجديد؟؟؟ إن إبداء الرأي هو ابسط مقومات الحرية مهما كان هذا الرأي وألا ما معنى استقطاع بعض الوقت وحتى لو كان لثواني معدودات من جلسات مجلس النواب لغرض توبيخ هذا النائب أو ذاك لأنه أدلى برأيه (الشخصي) بهذه الشخصية أو تلك، أليس الأجدر بالسيد الجعفري أو غيره أن يكرس جلّ وقته لحل المشاكل المتناسلة في الشأن العراقي بدلا من تعنيف هذا الطرف أو ذاك؟؟ إن مسرحية المساس بمقدسات أو شخصيات الشيعة أمرا مضحكا لأنه وقبل يوم فقط من رأي العلواني كان للعسكري رأيا أقسى بحق احد مقدسات وشخصيات أهل السنة ولم نرى ردة فعل مشابهة ولا نعلم لماذا؟؟؟ أليس من واجب الساسة أن يدافعوا عن حقوق الشعب كاملة دون تفريق بين هذه الطائفة أو تلك؟؟؟ والله لو خرج علينا الجعفري أو غيره لتوبيخ العسكري على رأيه لاستبشرنا خيرا في عراقنا الجديد لأننا سنقول حينها بان هؤلاء الساسة لا ينظرون للقضايا والأمور من منظار طائفي بل من منظار وطني ولكن تجاهل رأي العسكري والتركيز على رأي العلواني أمراً ينذر بخطر كبير ويوضح القاعدة التي ينطلق منها ساسة العراق اليوم.
إن السبب الحقيقي لإيقاف البرنامج أو الضغط باتجاه إيقافه هو تعرضه لشخص (سليماني) وليس لأنه تعرض لشخص القرضاوي أو السيد نصر الله، والأوامر جاءت بإيقاف البرنامج رغم كل التوضيحات التي صدرت من القناة بشكل عام ومن الملا طلال بشكل خاص في حلقة اليوم التالي والتي كانت حلقته الأخيرة، ولا نعرف اليوم هل سيبقى إعلامنا رهينة لهذا السليماني أو ذاك أم سنرى إعلاما حرا شجاعا يبحث عن الحقيقة ويفضح هؤلاء الساسة وينشر غسيلهم؟؟؟
إن ما قدمه الملا طلال في حلقات البرنامج التي عرضت بينت الكثير من الأمور التي كان الشعب يجهلها وبالتأكيد هذا الأمر لا يناسب الكثيرين اليوم ممن يحسبون على فئة السياسيين لأنها ستفضح الكثير مما يخبؤه عن بعضهم البعض وعن أبناء شعبهم ولن يستفيدوا بشيء من مشاركتهم بهكذا برنامج لأنهم يبحثون عن برامج تعطيهم المجال ليتحدثوا بمشاريعهم الكارتونية الوهمية واستعراض بطولاتهم ووطنيتهم وحرصهم على الفقير ومساندتهم للحق ضد الباطل وما أكثرها هذه البرامج في باقي الفضائيات العراقية!!!!.
وللملا طلال أقول … لا تأبه لما فعلوه وسيفعلوه وما حصل هو نجاح لك لأنك لو لم تكن صادقا وموضوعيا وشجاعا فيما تقدمه وتتناوله لما تعرضت لما تعرضت له، ولكننا ناسف على عراق قدم الألوف من أبناء شعبه قرابين لعراق ينعم بالحرية والديمقراطية ولا يزال يحلم بها ولكنه لم ينعم بحريته وديمقراطيته أسوة بباقي شعوب العالم الحر!!!
بقي أن أقول وللأمانة بأنني لا اعرف احمد الملا طلال شخصيا ولكنني من متابعي ما يقدمه إعلاميا.