22 ديسمبر، 2024 7:28 م

قادمون يا يمن بكأس خمرٍ فارغة 

قادمون يا يمن بكأس خمرٍ فارغة 

أسبوع عراقي حافل بالأحداث، مليء بالجدال، بالسعادة والبلاد تستعيد مدنها المُغتصبة الواحدة تلو الأخرى مثل خرزات مسبحة فرطت بها سياسات مراهقة، وطائفية طائشة، دأب “بطلها” على إطلاق عنان لسانه كلما سنحت له فرصة، “قادمون يا رقة، قادمون يا حلب، قادون يا يمن” آخر ما جادت به قريحته المبتلى بها العراق، والمدغدغة لمشاعر طائفيين، و مساكين وجدوا فيه رمزاً يُحسن شد بنطاله! مفردات تذكرنا بخطاب “الشوارب” الشهير لصدام حسين وطالب فيه بـ”وصلة گاع” ملاصقة لإسرائيل يضع عبرها حداً لتصرفات الدولة العبرية وبلاده منتهكة السيادة، حصار دولي خانق، فقر، وجهل وجوع، خطابُ كراهية لايمكن أن يعيد للبلاد بناء نسيجها الإجتماعي ولحمتها بعد تمزق، يثير نعرات تفرق مكوناتها ويدعوها لإقتتال داخلي مصاحب بعداء خارجي، وهو الذي تفرد بالقرار، عطل مؤسسات الدولة، وجيّرها لصبيان حزبه، موارد ضخمة بصلاحيات واسعة لم يُحسن إستثمارها، ضاعت في عهده أراض، مدنٌ بسكانها، ملايين مشردة، وأرواح أُزهقت، حرمات أنتهكت، ونساء سُبيّن، ومليارات بُعثرت لا يعلم أحد كيف بُذرت، أو أين صُرفت، شراء ذمم وإفساد أخرى، “حرب أنصار يزيد ضد الحسين” كما أدعى، مُفلس، بلا مشروع بناء، الطائفية سلاحه، صراع الطوائف سُّلّمه، زعيم طائفة، وأمير حرب أقرب منه لزعيم وطني يمثل الجميع وهذا ما نحتاجه، إلى أين تأخذنا يا رجل، دع تلك البلاد وشأنها؛ أهلها من يقرر مصيرها، نحتاج لحكمة، لا صراخ طائفي يستنزف دماء الناس وأرواحهم، ثمان سنوات وما تلاها من ألاعيب وسخة كافية لإكتشاف خطورة وجودك على أي مسعى حقيقي للبناء والوئام المجتمعي، وضعنا خطير، وخياراتنا محدودة، دولةُ ولي فقيه تحكم بقية المكونات بالنار والحديد، وتشعر الآخر بمنة وجوده على هذه الأرض، والبلاد عرضة لإنفراط عقدها، تسعى ومن معك لاهثين إليها، أو مدنية، تؤمن بالتعددية والمشاركة الحقيقية، من المعيب أن لا تعي دروس عديدة لسنوات خلت من الدماء والخراب،

أو تراجع تلك السياسات البلهاء التي أوصلتنا لما نحن عليه وأنت تدفع بالمساكين من جديد نحو الهاوية مدعياً الدفاع عنهم، دعنا نعيد ما فقدناه، بعض هيبة، ذات الوجوه التي خُذلت حزيران 2014، تعيد اليوم للمؤسسة الأمنية زهوّها، تُشعر الناس بالأمان، بالإنتماء الوطني لا الطائفي الذي أردت أن تصبغها به، سعادة تكتمل بعودة من شُرد، نزح بعيداً عن الديار، إعمار مدن بمساعدات دولية هائلة مؤمنة بإمكانية نهوض هذه البلاد والتصالح مع نفسها.
فرحٌ كبير مقرونٌ بخيبة، خيبةُ أمل بأداء برلماني لا يستشعر الخطر، أو قراءة شارع وتطلعات ناخب حتى الساعة، إقرار قانون واردات البلديات برلمانياً، بعد “حشر” مادة “جديدة” لا تمت للقانون بصلة، خاصة بحظر إستيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها، إنتكاسة برلمانية، جعلت من مواقع التواصل الإجتماعي منابراً للتندر والسخرية، النائب محمود “سندات” هنأ المراجع الدينية والشعب العراقي “كافة” بالتصويت على مشروع القانون، مهدداً بمقاضاة من يتعرض للقانون بالنقد، “كافة” هذه، نطق بها نيابة عن كثيرين أستهجنوا القانون ولم يتذوقوا لذة الخمر يوماً، وجدوا في القانون تقييد لحريات فردية مكفولة دستورياً، وخشية من أن يجرنا الصمت لما هو أبعد من تحريم الخمر؛ حجاب إمرأة، فصل بين الجنسين، تحريم فنون وقيود أخرى، الموضوع ليس في كأس أحتسيها قبل أن أخلد لوسادتي كما تصور البعض وأراد لجذوة المطالبة بالحقوق أن تنطفيء، أبعد بكثير، في ما يمكن أن يكون شكل الدولة ونظام الحكم إذا ما تمكن مرتش مثل الحسن وغيره من تشريع قوانيننا، وصياغة تفاصيل حياتنا، تقييم الناس، وتوزيعهم لزمر، مؤمنة وأخرى كافرة، مزايدات وتجارة رخيصة، تصادر حقوق وتدفع بفاسد لقمم الشرف والعفة والإيمان، العراق مدني وأن دُفع أهله دفعاً للتحصن بمتاريس الطائفية والأسلمة الكاذبة، لا يطول بنا الزمان إلا وتنجلي هذه الغمة وتسقط أقنعة ويدرك الناس حقيقة ما يسحبون إليه من خطر.