8 أبريل، 2024 4:47 م
Search
Close this search box.

قادة عراق اليوم.. أين أنتم من قادة عراق الأمس الميامين؟.. الحلقة الثالثة..الأخيرة

Facebook
Twitter
LinkedIn

1ـ عبد السلام محمد عارف:

ـ جريء.. شجاع لحد التهور.. يقتحم المواقف الصعبة.. صريح.. غير كتوم.. لا يعرف المناورة.. يحقد على جميع من يتخاصم معه منذ طفولته.
ـ أصيب عارف بعد نجاح ثورة 14 تموز بحالة من الخيلاء بسبب دوره بالثورة.. جعلته ينفرد باللقاءات الصحفية وإلقاء الخطب الحماسية.. ويوحي للآخرين بسلوكه مع عبد الكريم قاسم وكأنما هو “إي عبد السلام” قائد الثورة.. وهو الذي نصب عبد الكريم قاسم.
ـ انتهت محاولته قتل صاحبه فودع السجن حوالي سنتين وأطلق سراحه.. ليصبح رئيسا للجمهورية العراقية 8 شباط 1963 ـ 4 نيسان 1966.

نزاهته:
ـ كان نظيف اليد منذ طفولته حتى وفاته.. بسيطاً في مأكله ومشربه.
ـ يمتلك داراً واحدة في منطقة الأعظمية اشتراها بعد زواجه.. يسكن فيها وأسرته.
ـ بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية تبرع بداره هذه الى الدولة لتكون مدرسة.. وفعلاً أصبحت مدرسة.
ـ حصل على دار في منطقة زيونة ببغداد العام 1963 التي وزعت لكبار الضباط.
ـ سكن مع أسرته داراً حكومية خلف القصر الجمهوري.
ـ لم يمنح أبناءه أية امتيازات عن بقية العراقيين.. سواء بالدارسة أو العمل.
ـ لم يستغل منصبه لأغراضه الخاصة.. ولم يكسب بشكل غير مشروع.. وليس له أي دخل آخر غير راتبه.
ـ نقطة واحدة تسجل عليه.. فقد أنب رسميا عندما كان طالبا في الكلية العسكرية.. لأنه غشً في أحد امتحاناتها.

2ـ فاضل عباس المهدي
ـ عصامي..متواضع..عرف عنه سرعة البديهة.. ذا شخصية مرحة.. وهزلية.. يحب النكتة ويجيدها.. ولديه خزين من النكات.. والأمثال الشعبية البغدادية.
ـ ترأس محكمة الشعب في 7 آب 1958.. كانت جلسات المحكمة علنية ومفتوحة وتنقل مباشرة عبر الإذاعة والتلفزيون.. خلال محاكمات أقطاب النظام الملكي كانت قانونية وعلى درجة من الرصانة.. لكن أوضاع البلد كانت على غير ذلك مما انعكست على جلسات المحاكمات.

نزاهته:
ـ كان ضابطاً نزيهاً.. وتشير إضبارته التقاعدية الى نظافة سلوكه الوظيفي.. والشخصي.
ـ عرضت عليه مبالغ خيالية.. مقابل إصدار أحكام مخففة لبعض سياسيي العهد الملكي.. الذين تجري محاكمتهم أمامه.. حينها ضحك المهداوي.. ولم يقل أكثر من مقولة الإمام علي بن طالب (ع) “إليك عنّي يا دنيا.. غرِّي غيري”.
ـ لم يقدم المهداوي طلباً للحصول على قطعة أرض كبقية الضباط من الآمرين.. لأنه كان يردد أن زوجته تملك داراً.. التي آلت إليها إرثاً من أهلها.
ـ لا يملك أي عقاراً ولا أراضي.. وبعد ثورة 14 تموز سكن وأخاه وعائلتيهما في بيت أبيهما في الكرادة الشرقية.
ـ لم يكن له أي فائض مالي من راتبه.. وليس حساب له في مصرف لا لهو.. ولا لزوجته.. ولا لأبنائه.. لا في العراق .. ولا في خارجه.

3ـ طاهر يحيى
هادئ.. عصامي.. متواضع.. قليل الكلام.. لا يغير رأيه.. كان همه الأسري بناء أسرة يسودها الوئام والمحبة والخلق الرفيع.. فكان شديداً مع أولاده وحريصاً على تربيتهم التربية الصحيحة.. وأثناء ما كان رئيساً للوزراء حدثت مشادة مع ابنه البكر “زهير” وأحد مدرسيه.. وحينما عَلِمً والده أمر بحسبه في البيت مما اضطر مدير المدرسة التوسط للإفراج عنه.. فقال لمدير المدرسة: “إذا لم أكن قادراً على تربية ولدي.. فكيف سأحكم البلد؟”.. عاش نزيهاً.. ومات ولم يمتلك قرشاً واحداً.. انه طاهر يحيى.
ـ تنقل في عدة مناصب عسكرية منها: حتى العام 1956.. حتى أصبح رئيسا للوزراء أكثر من مرة في عهدي الأخوين عبد السلام وعبد الرحمن عارف.

شراء أسهم بمدينة الألعاب:
ـ تأسست شركة مدينة الألعاب في بغداد.. العام 1963.. كان للدولة حصة (50 % ) لأمانة العاصمة.. ومصلحة شهداء الجيش .. و(50 %) الأخرى للقطاع الخاص.. تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.. وكانت الدولة مهتمة بالقطاع المختلط.
ـ ساهم الكثير من الأشخاص العاديين وبعض المسؤولين بشراء أسهم من هذه الشركة ومنهم طاهر يحيى بشراء 375 سهم.. سعر السهم الواحد دينار واحد .. يدفع 25 % والبقية.. تسدد أقساطاً.. وسجلها باسم أولاده الثلاثة “زهير وغسان وجمال”.
ـ اعتقل طاهر حال قيام انقلاب 17تموز 1968.. وصدر ً أمر بحجز مواله المنقولة وغير المنقولة.. وتبين انه لا يملك لا أموال منقولة ولا غير منقولة.
المهم ساءت صحته وزادت شكواه من عينيه حتى كاد يفقد بصره.. فأطلق سراحه فاعتكف بداره لا يبرحها.. ومنع من السفر من خارج العراق”.. وانطوى يكبد علاته حتى فارق الحياة يوم 19 / 5 / 1986.. ودفن في مدينة تكريت.

نزاهته:
ـ لم يسجل عليه أية مخالفة مالية خلال مسيرة الحياتية العسكرية.. أو مسؤوليته المدنية حتى وفاته.
ـ رفض أن يسجل رئيس الوزراء بالمدارس الخاصة والأهلية.. مردداً إن المدارس الحكومية موجودة وهي ترقى لمستوى المدارس الخاصة والأهلية.
ـ لم يمتلك داراً.. وفي العام 1961 أشترى “رشيد النعمان ” قطعة أرض بحي دراغ في المنصور لإسكان عائلته وإخوانه..
ـ واشترى قطعة ارض في نفس المنطقة لابنة رشيد النعمان.. زوجة طاهر يحيى..
ـ العام 1959 أحيل طاهر على التقاعد.. وترك الدار الحكومية.. وانتقل للسكن إيجاراً في كردة مريم حتى العام 1961.. ثم انتقل وعائلته الى البيت زوجته المشار اليه.. بعد أن اكتمل بناء دارهم بإسلوب البناء القديم “عكادة).. بقيً في هذه الدار حتى العام1974.
ـ العام 1974.. وبسبب ضيق هذه البيت وِقِدَمِه تم بيعه.. تم بناء دار لهم في نفس المنطقة على قطعة الأرض التي ورثتها زوجته :أمينة رشيد النعمان.. وهي دار عادية وسكنوا بلا أثاث.
ـ مات الرجل.. ولا يمتلك لا هو ولا زوجته سوى بيتهم الذي يسكنوه.
ـ ليس له حساب مصرفي لا داخل العراق ولا خارجه.
ـ ليس لهم أي مورد آخر سوى راتبه الذي يسد رمق معيشة عائلة من 9 أنفار.

4ـ فؤاد ألركابي

جميل الخلق.. هادئ.. صريح.. متواضع.. أنيق.. سباح ماهر.. شديد الذكاء.. له قدرة تنظيمية عالية.. ذو علمية مهنية في مجال اختصاصه الهندسة المدنية.. كما كان ملماً بالثقافة.. والأدب.
ـ أول أمين سر لحزب البعث في العراق منذ العام 1953 أميناً لسر التنظيم.
ـ وزير الأعمار في حكومة ثورة 14 تموز 1958.. وهو اصغر وزير إذ كان عمره (28) سنة.
ـ خطط لاغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم:. في السابع من تشرين الأول 1959.. إلا إن المحاولة فشلت.. وهرب فؤاد وقيادة هذا الحزب وكوادره خارج العراق .. وعاش في مصر وتزوج هناك من ابنة الضابط محمود الدرة.
ـ في تموز 1964 عين وزيراً للشؤون البلدية والقروية.
ـ في نيسان 1969 تم اعتقال ألركابي بتهمة استيلائه على شيك بمبلغ عشرة ألاف دينار.. لكن ثبت براءته.. ظل ألركابي معتقلاً.. ثم حكم بالإعدام.
ـ اغتيل في السجن من قبل احد السجناء القتلة المأجورين ويدعى ارزقي ألدليمي.. الذي فاجأ ألركابي في ظهيرة يوم فائض من أيام من تشرين الثاني العام 1971.. وطعنه بسكين حادة في رقبته.. بتهمة أثبتت براءة ألركابي منها.

نزاهته:
ـ كان نظيف اليدين.. ولم يثبت طيلة حياته الحزبية والسياسية والمهنية.. أية حالة فساد أو استغلال لمنصبه.
ـ لا يملك سوى دار سكن العائلة وهو بيت بسيط .
ـ ليس له أو لأسرته حساب مصرفي لا في العراق ولا خارج العراق.

5 ـ عزة مصطفى العاني
ـ متواضع.. نزيه.. من أسرة غنية.. يحب عمل الخير.. ينفق في السر والعلانية على الأعمال الخيرية.
ـ حريصاً في عمله.. لا يحب الظهور.. كتوماً.. لم يؤشر عليه انه كان قاسياً.
ـ متعاطفاً مع الفقراء والمساكين.. خدم العراق في حقل الصحة.. ما لم يخدمه أي وزير صحة آخر حتى اليوم.

أعماله الخيرية:
ـ تبرع بمبلغ كبير لفتح مستشفى في نقابة الأطباء دعماً المجهود الحربي في حرب حزيران 1967.
ـ تبرع بحصته في معمل الطابوق الى الحكومة.. دعماً للعمل الشعبي لبناء المساكن للمواطنين العام 1971.
ـ أنشئ جامعين.. جامع المصطفى في خان بني سعد في ديالى.. وجامع المصطفى في منطقة ألعبيدي في الأنبار.
ـ ساهم بإكمال بناء عدة مدارس في الأنبار.. وقام بكفالة على نفقته الخاصة لعدد من الطلاب لإكمال مراحلهم الدراسية.
ـ تبرع بحصتهِ من ملكية في مستشفى الرازي إلى جمعية الهلال الأحمر العام 2001.

المحاكمة:
ـ أعلن عن تشكيل محكمة خاصة لمحاكمة عدد من المواطنين.. من زوار الأربعين.. العام 1977وتنفيذ الحكم فيهم.
ـ تبين فيما بعد.. إن المطلوب محاكمتهم معدومين قبل تشكيل المحكمة.. وهم ثمانية..و12شخصاً بالسجن بأحكام متفاوتة.
ـ رفض الطبيب عزت مصطفى وفليح حسن جاسم التصديق على هذه الأحكام.. ونتيجة لذلك عقد المؤتمر قطري الثامن جلسة استثنائية على ما سمي بالمتخاذلين (عزة مصطفى وفليح حسن جاسم).. وتم طردهما من جميع مناصبهم وعزلهما.. ببساطة لم يروا المتهمين أو يحاكموهم أصولياً.

ـ وأنزل الدكتور عزت مصطفى من وزير للصحة الى مساعد مدير المركز الصحي في الشرقاط جنوبي الموصل.
ـ نقل فليح حسن جاسم من وزير للصناعة الى معلم في ناحية العلم بتكريت.
ـ أما الثالث حسن العامري وزير التجارة.. فقد كان وقتها في زيارة رسمية الى ألمانيا الغربية.. وعند عودته الى العراق.. قدمت له أوراق الحكم في المطار.. حيث وقع على الإعدامات.. وأحتفظ بمنصبه القيادي.
ـ فرضت الإقامة الجبرية على الدكتور عزة مصطفى في داره في محافظة الأنبار حتى العام 2001.
سافر الى ماليزيا العام 2011.
ـ في 23 آب العام 2014.. توفيً الدكتور عزت مصطفى في ماليزيا مكان إقامته مع أبنته وأحفاده وزوجها الطبيب نزيه شعبان (ابن أخيه).. وأقيم مجلس العزاء في بغداد وفي عمان.. وقد تم دفن رفاته في مقبرة الكرخ في بغداد.

6ـ فليح حسن الجاسم:

متواضع.. صريح.. جريء.. صادق.. لا يعرف اللف والدوران.. مبدئي.. لا ينافق.
ـ لم يشارك في التعذيب والقتل خلال انقلاب 8 شباط 1963 وبكل مراحله.
ـ عضواً للقيادة القطرية.. في 10/ 1 /1977.. وكان وقتها وزيراً للصناعة.

فليح .. والمحاكمة:
رفض فليح حسن الجاسم.. وزير الصناعة.. وزير الدولة.. محاكمة عناصر من زوار أربعينية الحسين (ع).. كان المطلوب من المحكمة إصدار أحكام الإعدام بحق هؤلاء الأبرياء.. وهذا ما رفضه الدكتور عزة مصطفى العاني.. وفليح حسن الجاسم.
ـ فيما يخص فليح حسن الجاسم فالأمر مختلف.. لم يحضر الاجتماع الاستثنائي للحزب.. واكتفى بتقديم تقرير الى القيادة القطرية للحزب.. يطلب فيه إحالة القضية الى المحاكم المدنية.. حيث لا تصل فيها العقوبة أكثر من الحبس ستة أشهر”.
بعد يومين من عدم صدور أحكام المحكمة.. عقد اجتماع طارئ لمجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية لحزب البعث لمحاكمة كل من: عزت مصطفى.. وفليح حسن.. وتقرر على أثره إقصائهما من كافه مناصبهما الإدارية والحزبية.. ووضعهما تحت الإقامة الجبرية.

نفيه.. بين تنكيل (البكر ـ صدام).. وبين شعبيته:
نفي فليح حسن الجاسم فنفي إلى تكريت معلم ابتدائية.. ولا يسمح له بأخذ عائلته معه.. ولا يحق له النزول الى أهله إلا بعد الحصول على أجازة قد تطول الموافقة عليها.
سكن الجاسم بفندق وسط تكريت.. ويقطع يومياً المسافة من الفندق للوصول الى المدرسة.. سيرا على الأقدام الى موقف سيارات الأجرة.. وكان الغيارى من أبناء تكريت يعرفون موعد وصوله فيتسابقون في إكرامه واحترامه وإيصاله بدون أجرة.
أما مدير المدرسة.. فقد أعفى فليح من التدريس ودخول الصفوف.. وأبقاه معه في الإدارة متحملاً مسؤولية ذلك العمل الخطير!.

اغتياله:
أخبر فليح الجاسم زوجته إن سيارة تحمل غرباء ظلت تلاحقه اليوم كله..وعصر اليوم التالي 9 /8 / 1982.. ذهب فليح الى بيت عديله (أبو ناصر).. وبعد الثامنة والنصف مساءً.. وهو في سوق ألمقدادية.. اعترضته سيارة أجرة تحمل أثنين.. ونزل السائق يحمل مسدساً كاتماً للصوت.. وأفرغ ذخيرة الموت عبر الجامة التي فتحها فليح.. حيث اخترقت جسمه ست رصاصات.. ليترك زوجته وسبعة أطفال.. ثلاثة أبناء وأربع بنات.

نزاهته:
ـ فليح.. والربا: كانت لديه (300) دينار أودعتها في بريد ديالى.. ومرت الأيام والسنين لم أتذكرها..
ـ أخيرا سحب المبلغ معه ليجد معه الإضافة المغرية من الأرباح.. فعزلها عن أمواله وأعادها الى مالية الدولة.. اندهش مدير دائرة بريد ديالى.. وقال: لماذا يا أستاذ.. هذه أرباح أموالك.. قال: لا حاجة ليً فيها.. فقد أغناني الله عنها.
ـ كان في أعلى درجات النزاهة.. فلم يستغل مناصبه أبداً.
ـ كان في خدمة الحق.. ويساعد الفقراء والمحتاجين.
ـ لا يملك من حطام الدنيا شيئاً.. فلا حساب مصرفي لديه.. ولا لدى أسرته.
ـ مات وبذمته دين عن المنزل الذي كان في طور بناء.. لم يكتمل إلا بعد وفاته.

7ـ ناجي طالب.. وزير
ـ عسكري منضبط.. ثقافة عالية.. كان كثير الإصغاء.. قليل الكلام..لا يتحدث إلا عندما يضطر الى تصحيح معلومة.. أو الإجابة على استفسار.. الإخلاص للواجب.
ـ عند قيام ثورة 14 تموز 1958 استؤزر وزيراً للشؤون الاجتماعية.. ووزير الصناعة العام 1963..ورئيساً للوزراء العام 1966.

نزاهته:
ـ تضمنت اضبارته الشخصية.. وإضبارته التقاعدية.. كل ما يشير الى نظافة سلوكه الوظيفي.. والشخصي.. وتفانيه في مسلك الجندية.
ـ لم يستغل مناصبه لمصالحه الخاصة.
ـ لم يثرى أبداً.. ولم يكن في بيته أي مال.. وليس له حساب مصرفي.. لا في العراق.. ولا خارج العراق.. ولا أي حساب مصرفي باسم زوجته أو أبنائه.
ـ أثاث بيته لم يغير سواء عندما أصبح وزيراً.. أو رئيساً للوزراء.
ـ لم يمتلك أي دار لا في بغداد.. ولا في المحافظات الأخرى.. سوى دار سكنه القديمة.. قبل إن يكون وزيراً.. ولا تملك زوجته.. أو أبناءه أية عقارات لا في العراق.. ولا في خارجه.
ـ عند تم تطبيق قانون الإصلاح الزراعي.. صادرت الدولة أراضيهم.. فأتصل أبيه به هاتفياً معاتباً قائلاً له: “بويه ناجي ليش ما بلغتنه قبل الإستملاك حتى نبيع الأراضي”.. أجابه: “يا والدي: إذن لمن جئنا”.. علماً إن ناجي كان يعلم قبل شهور من قرار استملاك أراضيهم”.
ـ في تسعينيات القرن الماضي.. وخلال الحصار على العراق.. دعت الحكومة رؤساء الوزارات السابقين.. ومنحتهم هدايا مالية ضخمة..إلا إن ناجي اعتذر عن استلام الهدية.. معللاً ذلك بأن وضعه المالي بخير ولا يحتاج مساعدة الآخرين.

8ـ عبد الخالق السامرائي:
مبدئي.. كريم النفس.. هادئ.. قمة في التواضع.. صادق.. شخصية سياسية تتسم: بالحكمة والعقلانية..والقدرة على التفاوض.. يلقبوه ب (الملا) لطبيعته.. كان يعيش حياته حد الكفاف.. عرف بزهده ونزاهته.

نزاهته فوق التصور:
ـ ترفع عبد الخالق عن مباهج الحياة والإثراء.. بتقشفه.. ونقاء سريرته.. وتواضعه الجم.. ولم يستغل مناصبه.. وكان كل شيء متوفر أمامه.. فهو عضو مجلس قيادة الثورة.. وعضو القيادتين القطرية والقومية لحزب البعث.. فكان يستطيع أن يكون أكثر ثراءً من صدام.. لكنه أبي.
ـ لم يكن طامعاً بالسلطة.. وقد نأى بنفسه تماماً عن كل امتيازاتها وإغراءاتها.. وظلّ إلى يوم ألقيً إلقاء القبض عليه لا يتغذى سوى بـ (سندويتشه) كان يضعها في حقيبة أوراقه.. وهو الذي لم تكن له سوى بدله واحدة.. وظلّ إلى يوم اعتقاله يصعد إلى جانب سائقه ” عباس”
ـ كان يخرج من القصر الجمهوري.. بعد انتهاء دوامه.. ويمشي باتجاه الباص العمومي.. الذي كان يمر من أمام القصر الجمهوري.. ويصعد فيه.. لأنه كان يرفض أن يأخذ سيارة خاصة به.
ـ لم يفارق داره.. وأبقى على أثاث داره القديم من دون تغيير.. بعد أن وصل الحزب للسلطة.. وكان بمقدوره اقتناء أحسن القصور.. وأفخم الأثاث.. وأحدث السيارات الفارهة.. وأفضل الملابس وألتحف وغير ذلك.

إعدامه :
فبركً صدام حسين سيناريو بمساهمة عبد الخالق السامرائي في مؤامرة ناظم كراز.. التي حاول تنفيذها في 30 حزيران 1973.. واعتقل عبد الخالق ست سنوات بسجن انفرادي.. ليتم تنفيذ الإعدام فيه حال تسلم صدام لرئاسة الجمهورية في تموز 1979.

9ـ صبحي عبد الحميد:
هادئ.. قليل الكلام.. ذكي.. لا يكذب.. يؤتمن.. محارب جيد.. من أسرة معروفة.. وهو شخصية عراقية.. حظيت.. بالاحترام.. والاهتمام.. له سمعة طيبة.. وسجل ناصع.. وسيرة حسنة.. وإيمان راسخ بالمبادئ.
ـ اصبح وزير الداخلية والخارجية في عهد عبد السلام عارف.

(مواقفه الإنسانية):
ـ من مواقفه الإنسانية حين كان وزيراً للداخلية.. أطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين.
ـ أعاد أكثر من ثلاثة آلاف معلم ابتدائية الى الخدمة.. ممن سحبت اليد عن عملهم لأسباب سياسية.
ـ أعاد المعلمين المنقولين إدارياً خارج بغداد إليها.. لإكمال دراستهم الجامعية.
ـ نقل السجناء السياسيين من سجن نقرة سلمان الى سجون قريبة من محلات سكناهم.

نزاهته.:
ـ لم يستغل موقعه العسكري أو السياسي لمصلحته الخاصةً.
ـ لم يعين أحداً من أهله أو أقاربه.. عندما كان في الجيش.. أو عندما أصبح وزيراً.
ـ لم يستطيع تغيير أثاث بيته المتهالك.. زرته (أنا كاتب هذه المقالة د. هادي حسن عليوي) العام 1987 لإجراء حوار معه.. استغربتُ.. بل خجلتُ فأثاث بيتي حديث وجديد.
ـ مات الرجل.. ولا يملك غير داره.. التي شيدها على قطعة ارض استلمها كبقية الضباط في مدينة اليرموك.. وبناه بقرض العقاري.
ـ مات.. ولا يملك مالاً.. وليس له حساب مصرفي لا هو.. ولا زوجته.

10ـ احمد صالح ألعبدي:
شخصية محافظة.. متواضعة.. هادئة.. قليلة الكلام.. لا يتدخل في شؤون غيره.. عسكري حرفي.. كان محباً للرياضة بمختلف أنواعها.
ـ عين بعد ثورة 14 تموز 1958.. الحاكم العسكري العام.
ـ حال قيام انقلاب شباط 1963.. التحق الى وزارة الدفاع الى جانب الزعيم عبد الكريم قاسم.. وقبيل الإفطار نظر عبد الكريم قاسم إلى ألعبدي.. وقال له: احمد اذهب الى عائلتك.. فأطاع الأمر وأدى التحية العسكرية للزعيم وخرج من الوزارة باتجاه نهر دجلة حاملا قطعة بيضاء !! لكن قوات الانقلابين اعتقلته.
ظلً ألعبدي معتقلا عدة شهور.. وبعد إطلاق سراحه بأشهر قليلة توفيً أحمد صالح ألعبدي أثر نوبة قلبية العام 1964.

نزاهته:
ـ نزاهته كانت فوق الشبهات.. فقد كان عصامياً..
ـ لم يعين أي من أقرباءه.. أو يتوسط لتعينه أو قبوله في الكلية العسكرية.
ـ لم يستغل مناصبه للإثراء.. لم يقبل طيلة حياته أية هدية.. حتى لا يستغل بسببها.
ـ سافر ألعبدي الى لندن للعلاج العام 1959.. وبعد العلاج قرر الأطباء أن يذهب الى مدينة مالرو (المطلة على التايمز) للنقاهة.. رفض ألعبدي أن يقيم في الفنادق الضخمة.. على الرغم إن علاجه على حساب الدولة.. بل استقر في فندق بسيط صاحبته امرأة عجوز جداً.
ـ عامل أبناءه سواء في البيت أو الدراسة كأي مواطن آخر.
ـ ليس له عقارات.. سوى دار سكنه التي حصل عليها كأي ضابط في الجيش.
ـ مات ولم يملك مالا نقداً.. ولا حساباً مصرفياً لا هو.. ولا زوجته.. ولا أبناءه.. لا في العراق.. ولا خارجه.

11ـ شفيق الكمالي

الشاعر السياسي:
ـ نظم الكمالي الشعر مبكراً.. وعندما كان طالباً في الثانوية كان يلقي القصائد الوطنية.. ففي كانون الثاني العام 1948 ألقى قصيدة استنكاراً لمعاهدة بورتسموث بين الطلبة.. وهم في طريقهم لتظاهرة ضد المعاهدة العراقية البريطانية هذه.
ـ كان اسمه يتردد في الوسط الطلابي.. والى حد ما في الصحافة الأدبية ومجلة الآداب البيروتية.

ـ يعتبر الكمالي من بين أوائل البعثيين في العراق.. حيث انضم لحزب البعث أواخر الأربعينيات القرن الماضي.

بعد فشل محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم العام 1959.. هرب الكمالي مع من هرب من البعثيين الى سورية.. ثم انتقل الى مصر.
التحق في مصر في كلية الآداب بجامعة القاهرة.. وحصل على شهادة على درجة الماجستير العام 1962.

عاد الى العراق استجابة لقيادة البعث.. وحصل على مواقع قيادية.. وبعد سيطرة عبد السلام (لم يسجل على الكمالي بعد تسلم البعث للسلطة العام 1963 أي نشاط في أقبية التعذيب.. وكان داعية من دعاة التفاهم.. وساعياً الى إخراج المعتقلين من السجون.. قبل أن تصبح محاولة كهذه خروجاً على تعاليم حزبية.. يعاقب عليها مرتكبوها بالطرد من الحزب أو السجن الى جانب الموقوف الذي سعى لإطلاق سراحه).

علاقة الكمالي بصدام:
ـ عندما كان الكمالي طالب ماجستير خلال لجوئه في القاهرة رشحً لرئاسة الاتحاد الوطني للطلبة العراقيين هناك.. فانتخبه الطلاب بالأكثرية.. فيما حصل صدام على صوتين فقط !.
ـ وعندما انعقد المؤتمر القومي التاسع للبعث في شباط العام 1966 في بيروت.. وكان حصة العراق خمسة عشر قياديا ومندوبا.. ولا سباب أمنية لم يحضره سوى ثمانية من بينهم عبد الله سلوم السامرائي وشفيق الكمالي.. لكنهما لم ينقلا الى المؤتمر توصية بترقية صدام الى عضو قيادة قومية.. وطبيعياً لم يكن ذلك سيمر على ذاكرة صدام بشكل عابر بعد أن أصبح الرجل الثاني ثم الأول في السلطة.. وكان متوقعا للكمالي والسامرائي أن يكونا أول ضحاياه.
ـ ويبدو أن هاتين الملاحظتين سجلها صدام على الكمالي.

ـ بعد انقلاب 17 ـ 30 تموز 1968 أصبح وزيرا للثقافة والإعلام.
ـ وعندما انفردً صدام بالسلطة في تموز العام 1979.. كان الكمالي يتوقع أن يتصدر اسمه لائحة المبعوثين الواحد والعشرين من رفاقه في ساحة الإعدام.
انهارً الكمالي فأخذ يكتب قصائد المديح للرئيس الجديد.. وظهر أمام الرأي العام العراقي غجرياً يحمل ربابته عند مضيف الشيخ.. وقد قال كلاماً في صدام لم يصدر حتى عن حاملي الربابة الغجرية.. وكانت قصائده التي يحملها بنفسه الى مطربات الإذاعة راجيا تلحينها وتقديمها للمستمعين تخرج من إطار المسؤولية المشتركة والعمل المشترك في حزب واحد.

اعتقال يعرب:
أوائل تموز العام 1983 ألقت أجهزة المخابرات القبض على (يعرب) نجل الكمالي.. الطالب في كلية العلوم بجامعة بغداد أمام منزله.. ويقال إنهم أسمعوه شريطا مسجلا له مع بعض زملائه.. خلال تبادل دعابات ساخرة بالسلطة وبعض رموزها.. حيث تقول الرواية الحكومية أن يعرباً كان يردد شعراً بأسلوب غجري كوالده بين حفنة من أصدقائه الطلبة يتهكم فيه بأسلوب ساخر على صدام.. وقد سجل له بشريط.
قبعً الابن في أقبية أجهزة الأمن ثلاثة أشهر.. ودخل الابن في طاحونة التعذيب ليسألوه سؤالاً واحداً لا غير: هل كان أبوك يتفوه بكلمات ضد الرئيس؟ وعلى كرسي مدبب ومكهرب.. قال الولد إن أباه كان يفعل ذلك.

اعتقال الكمالي:
في بعد ظهر أول أيام شهر آب 1983.. تم اعتقال الكمالي من قبل المخابرات في الموصل.. كان لديه أشغال خاصة.
المهم: بعد أشهر.. وفي يوم 14 / 11 / 1983 أطلق سراحه.. واضطر بعد ذلك الى المكوث في منزله لا يبارحه.. بعد أن منع من ممارسة نشاطه الإعلامي.. وشطبت عضويته في مجلس الوطني لغيابه ثلاثة أشهر من دون عذر مشروع.. كما ورد حرفياً في قرار الشطب.. وهي الفترة التي أمضاها معتقلا في دائرة المخابرات العامة مكرهاً.
بات يمضي وقته كئيباً منزوياً في منزله.. حيث اكتشف الأطباء إصابته بسرطان الدم مؤكدين أنه لن يحيا إلا فترة وجيزة.. بالرغم انه غير مصاب بهذا المرض.. وكان الكمالي قد أسر لزوجته تلقيه حقنة إثناء وجوده في المخابرات على أساس مساعدته في خفض الدم.
يقول لي يعرب الكمالي.. في حديث له معي (د. هادي حسن عليوي).. في 19 /1 / 2020.. عند إجراء تحليلات للوالد بعد خروجه من المعتقل ظهرت إصابته بداء ابيضاض.. وهو نوع من أعراض السرطان.. بالرغم من عدم إصابة الوالد بهذا المرض.. خصوصاً التحليلات المرضية له قبل اعتقاله.
وفي يوم 14 / 12 / 1984 فارق شفيق الكمالي.. وفارق الحياة.. بصمت.. ولم تجري حكومة البعث موكب عزاء لشاعرها.. والمهزلة نشيده الوطني ظل نشيد العراق… يعزف في كل مناسبة

نزاهته:
ـ كان الكمالي نزيهاً.. ولم يستغل منصبه لأغراضه الخاصة.
ـ حتى العام 1970 لم يكن يملك دار للسكن.. بل كان يسكن هو وعائله في دار بالإيجار.
ـ حصل على قطعة أرض سكن.. كبقية المسؤولين.. في منطقة الكريعات ببغداد.. وبناها بعد أن حصل على قرض العقاري عليها.
ـ لا يملك أية أراضي سكنية أو بساتين أو أي عقارات أخرى.
ـ ليس لديه حسابات مصرفية في أي مصرف أو بنك في داخل العراق أو خارجه.
ـ مات الرجل ولا يملك شيئاً غير اسمه وأسرته.

_______________

ملاحظة: للاطلاع على سير حياة هؤلاء الشخصيات ومزيد من الشخصيات التي تسلمت المسؤوليات الرفيعة في العراق.. يمكن مراجعة كتابي: (رجالات العراق الجمهوري.. من عبد الكريم قاسم الى صدام حسين).

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب