9 أبريل، 2024 12:05 م
Search
Close this search box.

قادة أمنيون دون المسوؤلية الامنية

Facebook
Twitter
LinkedIn

تضم المؤسسة العسكرية والشرطوية الحالية الكثير من القادة الامنيين من الذين امتلأت اكتافهم بالنجوم والسيوف والشارات من مختلف الالوان والاشكال ومن يرى هؤلاء للوهلة الاولى ويرى ما يحملونه من رتب وشارات يحسبهم على درجة عالية من الكفاءة والجدارة في انجاز مهامهم ومسؤولياتهم الامنية ولكن سرعان ما تتبدد لديه هذه الفكرة المتفاءلة عندما يشهد الواقع الامني المر والمزري الذي تعيشه البلاد وعندما يرى صورة مخجلة من العجز الكامل لهؤلاء القادة الامنيين على تحجيم الهجمة الارهابية أو التقليل من اضرارها وخسائرها على الاقل بعد عشرة سنوات من رصد الاموال الهائلة وتشكيل الجيوش الجرارة والتسليح الكبير والترقيات السريعة لهذه النماذج الفاشلة التي سيطرت واستحوذت على كل شيء من المناصب والامتيازات ولكنها عاجزة لا تعرف ماذا تفعل امام مسؤوليتها الاساسية في توفير الامن الذي يتمثل اليوم في مكافحة الارهاب ، فهذه القيادات الامنية تقف متفرجة على ما يحصل من قتل فردي وجماعي وتدمير ونخريب ووصلت بها الامور الى ان ردة فعلها على الاحداث هو الصمت المطبق لانها لا تملك التبرير المقنع وتعلم علم اليقين ان الشعب يسخر من اقوالها واكاذيبها واباطيلها و( عنترياتها ) فالارهاب هو الذي يمسك اليوم بزمام المبادرة فهو يضرب كيف ومتى واين ما يريد وما على الضباط الاشاوس سوى انتظار اطراء ومديح قائدهم الضرورة على خيبتهم وهزيمتهم المنكرة . وقد يتهمنا البعض بالتحامل على هؤلاء وعدم انصافهم وهم الذين يقفون اليوم في وجه هذه الحملة الارهابية الشرسة ويقدمون الضحايا على هذا الطريق ، وفي الوقت الذي نتفهم فيه هذا الانتقاد من الناس الطيبين ذوي النوايا الحسنة فاننا نقف باحترام امام ارواح اخواننا الشهداء من الجنود وصغار الضباط الذين يذهبون ضحية ما يضعه قادتهم من خطط تقليدية فاشلة وعاجزة عفى عليها الزمن ونحن نتحدث كعراقيين بسطاء خبرنا الحروب والمواجهات وتحولنا بفعل ما مررنا به من ظروف قاسية الى خبراء في معرفة الفشل والنجاح واذا تكلمنا اليوم بحرقة فلأن وطننا مستباح ولأن شعبنا منكوب ولابد من الابتعاد عن المجاملة والمواربة لاننا نعيش وسط انهار الدماء وفي اجواء التخريب والفساد والتلكؤ في البناء والتنمية وهذا يتطلب من الجميع التحلي باقصى درجات الاخلاص والامانة واستنفار الشعور الوطني والكل مسؤول اليوم عن كشف الحقائق ونشر غسيل هذه المؤسسات الامنية الغير مؤهلة بقياداتها وفكرها وعقيدتها وتسليحهاً وهي تواجه منظومة ارهابية متطورة في خططها وتكتيكاتها واساليبها المتغيرة  . لقد رضي شعبنا مُكرها بأمر الحاكم المدني الامريكي بريمر الخاص بالاستعانة بالضباط الكبار في الاجهزة الامنية السابقة لبناء الجهاز الامني الجديد وذلك لصعوبة الخيارات الاخرى وعدم وجود بديلا عمليا اخر في هذه المرحلة الانتقالية العصيبة وحاول شعبنا التغاضي قدر الامكان عن سوءات هؤلاء الضباط وان يسكت على مضض عن جرائمهم وافعالهم المشينة عندما كانوا مطية نظام صدام في ايذاء الشعب تحت ذريعة تنفيذ الاوامر وكان العزاء في ذلك ان المؤسسة الامنية السابقة لم تخلو من الشرفاء الاكفاء الذين يمكن الاعتماد عليهم في البناء الجديد لهذه المؤسسة الخطيرة وكان على المعنيين اعطاء الاهمية القصوى لاختيار النماذج الافضل ذات التاريخ النظيف وعدم التسرع في هذا الاختيار لخطورة هذه المهمة ولكن الرياح جرت بما لاتشتهي السفن عندما ساعدت فوضى الانتقال والتغيير على ان يقـفـز الى هذه المؤسسة السيئين ومن اصحاب السمعة المشينة ومن المعروفين بالانتهازية والتملق والتسلق والذين لا يهمهم سوى جيوبهم ومصالحهم اما الوطن والشعب فهما بعيدان كل البعد عن تفكيرهم واهتماماتهم فكانت نقطة الانطلاق والشروع بالبناء غير موفقة فلم يُراعى في هذا التأسيس الدعائم البشرية الكفوءة والنزيهة التي سيقف عليها هذا البنيان الكبير ولم يُراعى ايضا تسليم هذه الامانة الى ايادي أمينة ومخلصة بل ان الهم الاول والاكبر كان انجاز هذه المهمة باقصر وقت دون الالتفات الى الكثير من العوامل والاعتبارات المطلوبة بالحاح     .
ان ما تشهده البلاد من تراجع امني وفشل كارثي امام هجمة الارهاب وما طفى على السطح من فساد يزكم الانوف وينخر في جسد المؤسسة الامنية وما نراه من تضخم غير مسبوق في الرتب العسكرية العالية دون مقابل في العطاء والكفاءة هو نتيجة حتمية لوجود هذه النماذج الهابطة والنفعية وغير النزيهة من القادة الامنيين وعلى كافة المستويات فكل الخطط التي يضعونها لا تشم منها رائحة الاخلاص وكل مشورتهم للقائد العام لا تجد فيها حتى القليل من الامانة والصدق كما كانوا يكذبون على قائدهم المقبور حتى أوقعوه في فخ السقوط . واذا كان اصحاب القرار مطالبون اليوم باصلاح ما افسده الدهر في المؤسسة الامنية وتنظيفها من الشوائب الكثيرة والكبيرة بهدف توجيهها الوجهة الصحيحة وتغيير مؤشر بوصلتها نحو الاهداف والرؤى الوطنية فانهم سيواجهون مهمة عسيرة وليست بالسهلة على هذا الطريق بعد ان تمدد السيئون والنفعيون في هذه المؤسسة وامتدت جذورهم الخبيثة واللعينة الى الاعماق وان استئصالهم اصبح صعبا ويحتاج الى جراحة دقيقة ولكن الشروع بهذا التوجه الوطني هو الخيار الوحيد والحتمي للخروج من حالة الانهيار او ايقاف هذا التردي الذي لا ينسجم مع الحجم الكبير للجهاز الامني الحالي وحجم ما ينفق عليه من اموال ، ويعلم العراقيون ان الوضع الامني الحالي في العراق مرتبط باللعبة السياسية التي يمارسها السياسيون دون نزاهة وبكل الوسائل ويعلم العراقيون ايضا ان دولا كبيرة وصغيرة متورطة بما يحصل لاجهاض التجربة الديمقراطية الوليدة ولكنهم يعلمون ايضا ان مؤسستهم الامنية غير مقنعة بادائها الذي يظهر عليه عدم الولاء لهذه التجربة ويبدو عليه الحنين للماضي وبالتالي فان هناك تراخي واضح وعدم مبالاة وانشغال بالمصالح الشخصية ، كما ان العراقيين متأكدون من وجود اقلية عسكرية كفوءة ووطنية وشريفة وما على اصحاب القرار الحريصون على تجميل صورة هذه المؤسسة وجعلها تعمل بمهنية واخلاص الا البحث عن هؤلاء من بين الركام ووضعهم في المواقع التي يستحقونها لكي يستطيعوا من خلالها اعادة هيبة الدولة وهيبة مؤسساتها والضرب بصدق وبقوة على نشاط الارهاب ومحاصرته وتحجيمه . فهل انتم فاعلون ؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب