تأريخ حقيقي، هذا الذي يدونه أبناء العراق، في مظاهراتهم السلمية، مطالبين بالإصلاح، ومحاربة الفساد، وتقديمهم للعدالة، وإيصال رسائل لجميع الفرقاء مفادها: أن زمن السكوت قد ولى، شرط أن تكون المظاهرات، غير مجيرة لحسابات، تثير الفوضى مستقبلاً، ولصالح أجندات يراد منها إسقاط الحكومة، وإعادة العراق الى مربع التشظي الأول، ولكن لنعد للوراء، قبل ثماني سنوات، من حكمنا وأوصلنا لهذا الوضع المتردي؟
من المفترض في الحكم العادل، أن تتم محاكمة المقصرين والفاسدين، طالما تسنموا مناصب رئاسية، لكنهم تنصلوا عن مهامهم، طيلة سنوات المال الحرام، وأمتلأت أرصدتهم سحتاً وزقوماً.
بئس ما أحتوت بطونهم، فسيصلون سعيراً، وأصبح البلد وطناً مصاباً بالشلل، على يد صناع الموت، وتجار الحروب، فعاثوا في الأرض خراباً، بيد أنهم توقعوا نسيان ملفات الفساد، في زمن ضحكة سوداء، على لافتة عمياء! ولكن الجرأة والشجاعة في إتخاذ القرار، أمر لفتت المرجعية إليه، ووضعته تحت أنظار رئيس الوزراء حيدر العبادي، في خطبة الجمعة المباركة، مطالبة بعدم ترقين ملفات الفساد الإداري والمالي، بل يجب السير بخطوات واثقة، من أجل تحقيق النزاهة، والعدالة، والشفافية في عمل الحكومة، وأشارت الى ضرورة إقصاء الفاسدين، وإخراجهم من بودقة، تأثير القوى السياسية المتنفذة، وإعطاء الفرصة للأقوى، والأجدر، والأنضج فكراً، ورؤية.
سياسته كانت تعتمد مبدأ حلب الوزارات، عن طريق الهدر في المال العام، وتهريب الأموال الى الخارج، لذا تسلق الى علياء السلطة، ببيعه البيت ومفتاحه، وشرعن الفساد لعصابته المنحرفة، والتي ليس لها خط أحمر، في إستخدام الأساليب القذرة، فالسياسي المتلون يجب محاكمته.
إن الفساد كلمة ذميمة، ولم أجد سوى رئيس الوزراء السابق سفيراً لها، حيث المشاكل والأزمات في حكومته، لا تأتي فرادى بل بالجملة، لأن عقله الهمجي يصور له، بأنه فارس همام، يستطيع أن يصل الى ما يريد، من دون حسيب او رقيب، متناسياً أن الشعب باقٍ، والطغاة والسراق، سيقذفون في مزابل التاريخ، بعد محاسبتهم على ما إقترفته أيديهم، بحق شعبهم المظلوم، وهنا تسكن العبرات، فالسيد العبادي في موقف لا يحسد عليه، لكونه اليوم في مفترق طرق، إما حزبه أو شعبه، ولكن أولاً وآخراً الكلمة للشعب، الذي يقول حاكموه!