الجبن في كتب اللغة هو التراجع عن كل ماينبغي فعله في مواجهة التحديات الصعبة، وهو نقيض الشجاعة، وهو الضعف أيضا.
الجبن في عرف العوام، هو الضعف الذي يعتري المسؤول فاسدا كان، أو صالحا ضعيفا، فيتحول فساده الى موظفيه، أو من كان موظفوه فاسدين فيجبن عن محاسبتهم، او ينتقل فسادهم إليه، وهناك من المسؤولين من لايهش ولاينش ولايكش ولايرش، وغالب همه في ضمان منصبه، ثم يترك المؤسسة التي هو على رأسها مرتعا للفاسدين.
في مرة إتصلت بي شابة عراقية وهي تبكي لأنها طلبت موافقة إجازة لمتابعة مرض والدتها، فقال لها المسؤول: أنت كذابة! وبرغم انها كانت تبكي إلا إن إبن الحرام لم يلتفت لها، وإنشغل بجماعة دخلوا عليه ممثلين لحزب ليقضي لهم معاملتهم..في أغلب المؤسسات ينتشر الفساد مثل السرطان، ويلتهم كل شيء، فتجد الموظف الصغير هو من يدير المؤسسة، ويتحكم في شؤونها، ويعقب معاملات المواطنين، ويحصل على الأموال منهم لحساب من إتفق معهم داخل المؤسسة..
في مرة حاولت أن أساعد أحدهم في مؤسسة، وغلبت أتوسل، ولكن الأحدهم هذا قال لي: إن آخرين نصحوه أن يذهب الى شخص موظف في المؤسسة يسمونه ( محامي المؤسسة) لأنه ينجز المعاملة عند أكبر مسؤول.
الفئة الفاسدة المتنفذة جعلت الشعب العراقي كله جزءا من منظومة الفساد، إما إضطرارا؟ أو طمعا، وهناك ضحايا للفساد من الفقراء والمستضعفين الذين لايجدون سبيلا للهرب من مواجهة الحقيقة، وهي إن هذا البلد أصبح غابة للمتوحشين، فحتى المشاريع الإستثمارية والمقاولات لايمكن الحصول على موافقة لإقامتها مالم يتدخل سمسار، ويرتب الأشياء، ويأخذ كل واحد حصته. هناك من يضرب الأمثلة بمسؤولين ومتنفذين لايشبعون من الحرام، وسواء كانوا جزءا من مؤسسة الدولة، أو ممن يتعامل معها وهو خارجها، أو ممن يستفيد منها، أو يعتمد حزبا، أو جهة متسلطة بالرعب فإنهم يلحقون العار بهذا الوطن المتآكل والمترنح بفعل فساد أبنائه.
قائمة المسؤولين الجبناء تتسع وتكبر، ومثلها كمثل جهنم يوم نقول لها: هل إمتلأت فتقول هل من مزيد.