مرّ علينا (غير مأسوف عليه) موسم صيف ربما لم نشهد له مثيلا في حياتنا ، عشنا خلاله جحيما ، بحرارة قياسية فاقت الخمسين درجة مئوية لمدة شهران ، رافق ذلك أكثر الأحداث الأمنية دموية ، وفوق ذلك ، اسوأ خدمات لأمدادنا بالطاقة ، فقد وصلت ساعات التجهيز الى ساعة واحدة كل 5 ساعات ، أي حوالي أكثر من 19 ساعة باليوم ونحن تحت رحمة أصحاب المولدات ، رافق ذلك عجز اداء المبردات بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة ، مما جعل المبردات (الجهاز الوحيد للتكييف) غير قادرة على أداء عملها ، مما سببت ضيقا آخرا يضاف لمأساة المواطن اليومية .
سبق وأن انتقدت توجه الشركات الأهلية التي تجهز بعذ الأحياء السكنية لمدة 24 ساعة باليوم ، وبأجور خيالية ، على حساب تجهيز التيار الكهربائي الى الأحياء الأخرى ذات الغالبية ، في مقالتي (بين روبن هود ووزارة الكهرباء) ! ، وتوقعت ان قائمة الأجور للشهرين المنصرمين ، وبهذا التجهيز الهزيل الى درجة السخرية ، ستكون متواضعة ، وقد كانت كذلك نسبيا ، فقد كان المبلغ 33 الف دينار ، لكن المفاجئ وجود عبارة (مبلغ الدعم الحكومي) في ذيل القائمة والبالغ أكثر من 233 الف دينار ! فما معنى ذلك ؟!.
بالواقع اختلط الأمر علي ّ ، فأنا أعلم ان استراتيجية الدولة الوحيدة ، هي رفع كل أشكال الدعم ، والبحث بكل السبل عن وسائل جباية جديدة ، فهرعت الى موزع اوراق الكهرباء وسألته عن معنى تلك الجملة فأجاب ، ان الدولة دعمتك بهذا المبلغ لأن الأجور الكلية هي 266 الف دينار ، فدعمتك الدولة بمبلغ 233 الف وبقي عليك 33 الف دينار ! .فما الذي يحدث ؟ هل هي (هبة ) أو (منّة) لوزارة الكهرباء ؟ ، ربما ستطالبني بتسديدها مستقبلا ؟ ، أم للتلويح (بصدمة جديدة) لتهيئة المواطن على تقبل أجور قوائم كبيرة ، مثلما حدث سابقا بالنسبة لأجور البنزين ؟ ، تعلمنا بالتجارب التي هي خير برهان ، ان آخر ما يهم الدولة هو المواطن ، والا ما كانت مستشفياتنا الحكومية وكل منشآت الوزارات التي تكون بتماس مع المواطن المراجع ، على تلك الدرجة من الأهمال والأستخفاف والفوضى والفساد ! ، هل حقا أن الوزارة دعمتني بأكثر من ربع راتبي التقاعدي ؟! ولكن على ماذا ؟ على قلة التجهيز واتي لا تتجاوز الخمس ساعات يوميا ؟ ، أم سوء نوعية الطاقة الكهربائية ، خصوصا مع اصحاب الحظ السيء بسبب بعد منازلهم عن المحولات ، والتي لا تصل الفولتية لديهم الى 170 فولت ؟! ، أم تكرار الأعطال بقابلوات الضغط العالي ، والقطوعات المستمرة لأسلاك الأعمدة ، والحلول الترقيعية التي تُلبى بعد التوسل بعشرات المكالمات الهاتفية لشكاوى الكهرباء ، مجرد سؤال ، يستر الله من جوابه !