23 ديسمبر، 2024 5:54 م

يقول حسن العلوي في احدى لقاءاته التلفزيونية,انه هو ونعيم حداد من اطلق لقب قائد الضرورة,والقائد التاريخي على صدام(علما ان الاثنين شيعة),وهو قدر اسود يلاحقنا كعرب وكعراقيين تحديدا,اي ان السيادة الاجتماعية والسياسية عندنا لاتستقيم الا بالعضلات القوية المفتولة,فأصبح في داخل كل عراقي شيء من ثقافة الاربعة عقود البعثية,
ان الشعوب او المجتمعات المنغمسة بالموروث او بالتراث السطحي, التي تتداخل فيها البيئات والطبقات الاجتماعية المختلفة بشكل عشوائي,
وتنعدم فيها تدريجيا الفواصل الزمنية والمكانية او الفوارق الجغرافية والثقافية,كما هو حاصل في بلادنا بين الريف والمدينة,فعندما تكون الغلبة للمكون المتماسك اجتماعيا وهي القبلية او العشيرة,ويتبخر دور الدولة ومؤسساتها او المدن  ,وتتساقط اعمدتها الرقيقة امام تلك التيارات الجارفة بسهولة,
عندها يمكن ان ينظر النفعيون الى المواطنين على انهم كتلة بشرية جامدة,ويبدأون بالتنظير والترويج لقائد ضرورة جديد,لانهم يقولون في سرهم ان التاريخ علمنا ان شعوبنا لاتساق الا بالعصا الغليضة,وعند اشتداد الازمات لايقاد الا بالحديد والنار .
مايحدث في العراق من انهيار امني فضيع وخطير,ومايحصل من جرائم ابادة جماعية بربرية,كتلك التي وقعت مؤخرا في حزام بغداد الساخن قرب اللطيفية,وماقرأناه وسمعناه عن بشاعة تلك الحوادث,رويت بعضها عن طريق ناجين من هذه المجازر,قطع لرؤوس الاطفال,وبقر بطون الحوامل ,وغيرها من الافعال والاعمال الاجرامية الرهيبة,
وفي المقابل يخرج علينا السيد رئيس الوزراء العراقي المالكي بتصريح عجيب حول الوضع الامني وقدرة اجهزته,فهو يقول ان الاجهزة الامنية عجزت عن اعتقال احد سماسرة الحروب ,الذي جاء مع الاحتلال الامريكي
(البعض يقول عنه اي الرجل الذي قصده المالكي انه رجل مستثمر ,طلبت منه جهات معينة تعمل في مكتب رئيس الوزراء عمولة, وعندما رفض لفقت له هذه التهمة),
ومن ثم يكمل السيد المالكي بأن ابنه احمد اخذ قوة  امنية (من الداخلية او من افواج حماية رئيس الوزراء لانعرف تحديدا)
وبعدها تم مداهمة اوكار هذا الرجل الغامض(كان الاولى به ان لايطلق التعابير العمومية في معرض حديثه عن رفض الاجهزة,  الامنية اعتقال المتهم الافتراضي)
كيف.. ولماذا كل هذه الخروقات الامنية المتكررة,
وهل نحن سائرون في طريق صناعة نظام دكتاتوري اخر,لايملك الا الحديث عن مؤامرة خارجية عربية واقليمية,تريد الشر بالعراق واهله,وكأن مايحصل يوميا مجرد نزهة في محارق الارهابيين,
كل هذا الدمار المتواصل معنويا ونفسيا وماديا, الذي خلف وسيخلف بعده ازمات لايمكن حلها بسهولة, اجيال كاملة من المعاقين والايتام والارامل,
وذكريات مرة يصعب تجاوزها او نسيان مآسيها وفضاعتها,كل هذه الاحداث والشر لايزال يتربص بالشعب,
اذن مافائدة البقاء بالحكم ان كان الاداء الفاشل للقوات الامنية لن يتغير
 (مع الاحترام الكامل لجزء كبير من منتسبي الاجهزة الامنية العاملة والفاعلة في الساحة بشكل مؤثر وكفوء),العاجزة عن اعتقال شخص واحد( يسمى بالمصطلح الحكومي متنفذ),بهذه الصورة يريد ان ينتظر مواجهة المزيد من الضربات والهجمات الارهابية!
من جهة اخرى نحن نتفق تمام مع السيد المالكي بأن القوات الامنية( بالاخص القيادة العسكرية) لاتملك الكفاءة والقدرة لمحاربة الارهاب,ولكن كيف يقبل ان يكون قائدا صوريا,وهل يحق لنا ان نضرب مثالا على اكذوبة قلة الخبرة وانعدام الكفاءة,ونسأل كعادتنا في تكرار الاسئلة المرتطمة بجدار وحواجز المنطقة الخضراء,كيف استطاع البعث وصدام تحديدا من محاربة ايران ,ومن ثم ثلاثين دولة بالجيش العراقي المنحل,وهل تعلمون كم سنة استغرقت عملية التدريب ورفع كفاءة اداء الجيش في تلك الفترة, بغض النظر عن مواقفنا من النظام والجيش السابق,هذه الحجج والاعذار لم تعد مجدية,وهي عبارة عن مضيعة للوقت,ويبدوا ان زمن دولة القانون افل ولن يعود,
فقد اعطى الشعب الثقة مرتين للسيد المالكي,وانتظره على احر من الجمر,ليرى مواقفه الحازمة في محاربة الفساد المالي والاداري المدمر للثروات الوطنية,وانتظره ايضا وبصبر طويل ليشهدوا دوره المطلوب في مواجهة الفتنة الطائفية الممزقة لوحدة المجتمع العراقي,وتطوير قدرات القوات العسكرية والاجهزة الامنية للقضاء على الارهاب, وكل جيوب الشر المتواجدة في بعض المناطق والمحافظات الساخنة,
ولكن لانرى غير سلسلة متواصلة من الاعذار المملة,تساق دون اهتمام,والا كيف يمكن لرئيس الحكومة ان يفتتح مدينة البصرة الرياضية المظلمة,ودول الخليج هي اول من اشر بوجود نقص في منشأتها ومرافقها الخدمية والترفهية والفنية,وتترك بغداد وبقية المحافظات تحترق تحت لهيب السيارات المفخخة والعبوات الناسفة,وضحايا الارهاب نازحون ينتظرون عطف ومواساة الخيرين.
ان البناء الديمقراطي السليم  لايقام بالشعارات والاماني الكاذبة,ولايستقيم بالمحسوبيات والتوافقات الجانبية,ولاتسير عجلة التقدم والتطور فيه بالفساد والرشوة, والبينيات التي تجري تحت طاولة المحاصصة,ولايمكن اصلاحه بالاعذار  ورمي الكرة في ملعب الاخرين ,وببطانة السياسيين المتعفنة,بل بالرجوع الى ارادة الشعب, والعودة الى منظومة القيم والاخلاق الانسانية والاسلامية العظيمة.
ان طريق العودة الى الوراء بات مستحيلا,سواء كانت قيادة القافلة فيه سنية او شيعية,ومبدأ التفرد بالسلطة والقرار السياسي (ماكو ولي الا علي  ونريد قائد جعفري ,هذا شعار طائفي بائس,كان صدام لايشترط الواسطة في توظيف الشيعة في الوظائف العامة العادية,اليوم السياسيين الشيعة قسم منهم يطلب رشوة ,والقسم الاخر لايعين الا الاقرباء) الطائفي لم يعد مجديا,
فقد انتهت لعبة الاوتار الحساسة,تارة لنصرة الشيعة,وتارة انصاف اهل السنة,كفى كذب وتزوير وتشويه للوحدة الوطنية,لا الشيعة قادرون على الحكم بمفردهم في عراق واحد,
ولا السنة يمكنهم ان يعبثوا بأمن وسلامة واستقرار البلاد,تحت ذرائع وحجج وشعارات طائفية مصدرة اليهم من الخارج
 سخيفة وبغيضة,
فعالم الحضارة الالكترونية و سياسة النظام العالمي الامبريالي الجديد لايقبل بوجود انظمة دكتاتورية مستبدة.
ولم يعد بمقدور احد ان يضحك على الذقون بسهولة,وان  يجعل من الشعوب مطية لعبور الفاسدين الى بر  الثروات,لقد حان وقت استعادة الحقوق,وبناء الدول بمحافظاتها ومدنها وقراها ونواحيها بأسلوب عصري حديث,لا ان يصبح برلمانها مشروع للنزهات الطبية والبعثات الاستجمامية
 وخزينة مالية مفتوحة للمنافع الاجتماعية والرواتب الخيالية….
نحن لسنا بحاجة لقائد ضرورة ارعن كصدام…نحن بحاجة الى دولة مؤسسات تحفظ للجميع كرامتهم وحقوقهم,بغض النظر عن عرقه وجنسه ولونه وطائفته,بحاجة الى عقول مفكرة متحركة متغيرة متفاعلة مع الاحداث المحلية والاقليمية والدولية,تتعامل بحكمة ووعي ومعرفة….فالشعب الذي لازال يفتخر بثورة ا لانقلاب العسكري لقاسم 1958 يحتاج الكثير لمعرفة ماذا تعني الدولة المدنية…دولة المؤسسات,الخ.