كان أثر البيئة المجتمعية والتنشئة الدينية، بين أزقة مدينة العلم والعلماء لها الوقع الأكبر في بناء شخصية “وكارزما” الشهيد السيد الحكيم”… فالمؤهلات الأسرية المرجعية بزعامة والده السيد محسن الحكيم ، والتصدي الثوري للسيد مهدي الحكيم، فضلا عن تصدع الساحة السياسية بين القوميين والشيوعيين، فتقدم السيد محمد باقر الحكيم ، نموذجا؛ أفرزته بهيئة قائد يجمع بين الفقاهة والسياسة والفكر والمنطق، ما قدمه على كثير من أقرانه في تلك الحقبة.
انطلق محمد باقر الحكيم قدس ميدانياً ، وأخذ يخط مسار الحرية لوطن تكالبت عليه اذناب البعث، ومخططات الغرب، ومنذ تلك الفترة استشرف وضع العراق ومصيره القادم تحت حكم الجلادين، فأخذ راية المطالبة بحقوق العراقيين، وكان خير مدافع و ظهير، لشعب بكل أطيافه وقومياته.. أسس نهجا جديدا للأمة العراقية في ابجديات السياسة، وزرع روح الوطنية في أركان الرؤية السياسية المتجددة ، ليقدم انموذجا من السياسة العلوية المعتدلة، حيث لا إفراط ولا تفريط، ضمن مبادئ وقيم كانت وما زالت مفقودة عند اغلب التوجهات السياسية ،
صنع الحكيم طفرة في البيئة السياسية الشيعية العراقية، ورسم حدود لتلك النظرة التي بانت ملامحها في عصرنا الحديث بعد عقدين من الزمن، تمخضت على إثرها ، الحكمة الوطنية كتيار سياسي اجتماعي ، يزرع الفكر السياسي المعتدل، فينتج شبابا شيعيا سياسيا، برؤية وسطية تحمل هم الجيل القادم وتصنع منهم، قادة لمستقبل أفضل، ليكون جامعة بين النظرية والتطبيق والتدريب، تعتبر الاولى في الشرق الأوسط بمنظومة متكاملة، بذرها شهيد المحراب وأستكمل تنميتها السيد عمار الحكيم ، ذاك الخط الجهادي والقيادي ، في الجسد الشيعي كان وما زال له الأثر الأكبر, في تقديم ثلة من الشباب لخوض غمار المنافسة, لصناعة تيار سياسي لحفظ حقوق شعبهم ومواطنيهم ومناطقهم.
تلك الدماء الزكية، التي اريقت على أعتاب ابواب الصحن العلوي المطهرة، وتناثر جسده الطاهر في تلك البقعة المشرفة، وما ارسته من جذور وقوة لبناء منظومة عقائدية، كان لمحمد باقر الحكيم (قدس) وفي كل قطرة من دمه وكل جزا من جسده الطاهر ، ينبت شعلة وطنية عراقية مؤمنة تصدح بالحق، وتروى بالفكر، حتى تشمخ بالولاء العلوي جوهرا، وبالسراط الحسيني منهجاً.. فالمجد للشهداء ممن كان علي مقتداهم، فقالوا حين الشهادة فزنا ورب الكعبة..