22 نوفمبر، 2024 10:14 م
Search
Close this search box.

فِرقَةٌ مِنْ سُنَّةِ العِرَاقِ … غَابَ عَنْهَا المَشْرُوْعُ وَ ضَاعَ مِنْهَا الهَدَفُ/2

فِرقَةٌ مِنْ سُنَّةِ العِرَاقِ … غَابَ عَنْهَا المَشْرُوْعُ وَ ضَاعَ مِنْهَا الهَدَفُ/2

فِي الحَلَقَةِ الأُوْلَى مِنْ هَذا المَقَالِ، استَعّْرَضْتُ الأَهدَافَ الّتي حَقَّقَتهَا السُعوديَّةُ وَ حُلَفَاؤهَا، وَ الّتي تَصُبّْ فِي صَالِحِ، أَمْريْكَا وَ الكِيَانِ الصِّهْيُونِيّْ، عَنْ طَريْقِ رِعايَتِهَا وَ دَعّْمِهَا، لِلْمَشْرُوعِ الطَّائِفِيّْ الإِرهَابِيّ فِي العِرَاقِ، الّذي تَبَنَّاهُ فَريْقٌ مِنْ سُنَّةِ العِرَاق.

وَ بِالرَغْمِ مِنَ المَواقِفِ المُتَسَامِحَةِ الّتي قَدَّمَتْها المَرجِعِيَّةُ الدِّيْنِيَّةُ الشِيْعِيَّةُ فِي النَّجِفِ الأَشْرَفِ، وَ الّتي تُعتَبَرُ رأْسَ هَرَمِ الكِيَانِ الرُّوْحِيّْ لِلْشِيْعَةِ فِي العَالَم. لَقَدّْ كانَتْ نِدَاءَآتُ المَرجِعِيَّةِ، غَيّْرَ خَافِيَةٍ على أَحدٍ، وَ هِيَ تَأْمرُ مُؤَيّدِيْها أَنْ لا يَقُوْلُوا : (أُخْوانَنَا السُّنَّةِ)، بَلّْ عَليْهِمّْ أَنْ يَقُوْلُوا (أَنْفُسَنَا السُّنَّةِ).

هَذا الشُّعورُ العَقَائِدِيّْ العَالِيْ، لمَرجِعِيَّةِ السَّيْدِ السِّيْستَانِيّْ، الّذي أَكَّدَ بهِ عَلى ضَرُوْرَةِ وحْدَةِ المُسْلِمِيْنَ، لَمّْ يَلّْقَ أَيَّ اهتِمَامٍ يُذْكَر، مِنْ قِبَلِ أَصْحَابِ المَشْرُوْعِ الطَّائِفِيّ السُنِّيّْ. وَ لَمّْ يُسْتَثْمَرْ بالشَكّْلِ الأَمْثَلِ، مِنْ قِبَلِ النُّخَبِ الدِّيْنِيَّةِ، و الثَّقَافِيَّةِ السُنِّيَةِ المُعتَدِلَةِ، لِتأْكيْدِ ابتِعَادِهَا عَنْ المَشْروْعِ الطَّائِفِيّْ المَقِيْت.

بِهذِهِ الرُّوحِ الإِسْلامِيَّةِ المُتَحَضِّرَةِ، كَانَتْ المَرجِعِيَّةُ تَتَّخِذُ المَواقِفَ الإِيْجَابِيَّةَ، فِي وَقْتٍ أُهِيْنَتّْ مُقَدَّسَاتُ الشِّيْعَةِ، فَتَمَّ تَفْجِيْرُ قُبَّتَيّْ الإِمَامَيْنِ العَسْكَرِيَّيْنِ(ع)، فِي سَامَرَّاءَ بِتَاريْخِ 22 مِنْ شُبَاطٍ 2006، أَعّْقَبَهُ تَفْجِيْرُ مِأْذَنَتَيّ هَذا الضَريْحُ في 13حُزيّران 2007.

أَنَا لا أُنْكرُ وجُودِ أَصواتٍ سُنِيَّةٍ قَلِيْلَةٍ، ظَهرَتْ هُنَا و هُنَاكَ، اسْتَنّْكرَتّْ بِشِدَّةٍ هَذهِ الاعمَالِ المُشِيْنَةِ، حَتّى أَنَّ بَعضَاً مِنْ عُلمَاءِ السُنَّةِ صَّرَّحُوا عَلَناً، بأَنَّ مَنْ قَامَ بِهذِهِ الأَعمالَ، لا يَنتَميْ للإِسْلامِ وَ لا لِلْعِرَاق بِصِلَة.

لَكِنَّ المُلاحَظَةَ الجَديْرَةِ بالاهتِمَامِ، لَمّْ يَرَ الشَّعبُ العِراقِيْ، استِناكاراً جَماهيريَّاً عَامّاً، مِنْ قِبَلِ أَبنَاءِ المنَاطِقِ السُنِّيَّةِ المَعروفَةِ، فِي غَربِ وَ شَمالِ غَربِ العِراقِ، ضِدَّ الأَعمَالِ الإِرهابيَّةِ المُختَلِفَة. لتَتَضَامَنَ مَعَ بَقيَّةِ العِراقيّْينَ، فِي التَّصَدّْي للمَشْروعِ التَدّْميريّْ، المُوجَّهِ ضِدَّ العِرَاقِ وَ شَعبِه.

كمَا لَمّْ يُلاحِظْ الشَّعبُ العِراقِي، تَحَرُكاً جَمَاهيريَّاً على مُستوى عُمومِ سُنَّةِ العِراقِ، لأَخْذِ مَوّْقِفٍ حَاسِمٍ مِنْ رُعَاةِ المَشْروعِ الطَّائِفِيّْ التَدميريّْ. ليكونَ هَذا التَّحَرُك، بمثَابَةِ الصَوّْتِ الجمَاهِيريّْ الرَّافِضِ للمَشْرُوعِ الطَّائِفِيّْ، أَمَامَ الرأْي العَامِّ العِراقِيّْ و العَربِيّْ و العَالَمِيّْ. حتّى يَكوْنَ زَخْمُ رَدَّةِ الفِعّْلِ الجَماهيريّْةِ السُنِّيَّةِ، بِمثَابَةِ البَرَاءَةِ مِنَ المَشْرُوعِ الطَّائِفيّ الإِرهَابيّ الدَّخيْلِ عَلى العِراق. وَ ظَلَّتْ النُخَبُ السُنِّيَّةُ غَيْرَ مُهتَمَّةٍ، بِهَذا الجَانِبِ، الأَمْرُ الّذي أَعطَى رِسالَتَيّْنِ، لِصَالِحِ أَصحَابِ المَشْروعِ الطَّائِفيّْ السُنِّيّْ فِي العِراقِ، مَفادُهُمَا:

أَوَّلاً: إِنَّ عَدَمَ اعتِراضِ جَمَاهِيرِ سُنَّةِ العِرَاقِ، عَلى أَصحَابِ المَشْرُوْعِ الطَّائِفيّْ، فَذَلِكَ يَعنِي أَنَّهُمّْ يُؤَيّْدونَ ضِمْنَاً، فَريْقَ السُنَّةِ المُتَطَرِّفِين.

ثَانِيَاً: تَخَلِّيْ بَاقِي سُنَّةِ العِرَاقِ، مِنْ مُعَارَضَةِ المَشْرُوْعِ الطَّائِفِيّْ، شَجَّعَ المُتطَرِّفِيْنَ لِلْتَحَدُّثِ بِقُوَّةٍ، بِأَنَّهُمّْ يُمَثِلونَ كُلَّ سُنَّةِ العِرَاقِ، جُمْلَةً وَ تَفْصِيْلاً. فَقَدَّمَ ذلكَ لَهُمّْ زَخْمَاً، شَجَعَهُمّْ لِلْمُضِيّْ قُدُمَاً بِمَشْرُوْعِهِمّْ المَشْبُوه.

أَمَّا النَّتَائِجُ الّتي حَقَّقَهَا المَشْرُوْعُ الطَّائِفيّْ للمُتَطَرِّفِيْنَ السُنَّةِ، فكانَتْ سَلبيَّةً للغايَةِ، و يُمكِنُ إِجمالُها بالنُّقاطِ التَّالِيَة:

1. ارتكَبَ فَريْقُ التَّطرُفِ السُنِّيّ، أَبشَعَ جَرائِمِ القَتلِ الإِرهابيَّةِ، بحَقِّ العِراقِيّينَ الأَبرياءِ عُمومَاً، وَ خُصوصاً بحَقِّ شِيْعَةِ العِراقِ، بقَصّْدِ الإِخلالِ بالنِّسبَةِ السُكانيّة الخَاصَّةِ بِهِمّْ، تَلْبِيَةً لطُموحَاتِ المَشرُوعِ الطَّائفِيّْ العَرَبيّ الّذي تَقُودُهُ السُعوديَّة.

2. تَدميْرُ البُنيَّةِ التَّحتيَّةِ الاقتِصَاديَّةِ و العُمرانيَّةِ للعِراق.

3. فَريْقُ المَشرُوْعِ الطَّائِفيّ السُنِّيّ، تَآمرَ على الوَطَنِ وَ المُواطِنِ البَريء، بِأَخَسِّ الطُرُقِ وَ أَرذَلِها انْحِطَاطَاً. فاحتَضَنَ الإِرهَابيّينَ العَرَبَ وَ غيرَهُمْ، مِنَ الجِنْسيَّاتِ غَيّْرِ العَربيَّةِ أَيْضَاً. وَ مَكَّنَ لَهُمّْ لَيّْسَ قَتْلُ أَبنَاءِ جِلدَتِهمّْ فَحَسّْبُ، و إِنَّمَا قَدَّمَ لَهُمّْ النِّسَاءَ مِنْ بنَاتِهِمْ وَ أَخَواتِهِمْ، كَهَديَّةٍ لِلتَلَذُّذِ الجِّنْسِيّ، بِعنْوانِ جِهَادِ النِّكاحِ، مُقَابلَ الاسْتِمرارِ في قَتْلِ العِراقيّْين.

4. هَذا المَشْرُوْعُ الطَّائِفيُّ البَغِيْضُ، حَقَقَ لإِسْرائيْلَ فَوائِدَ عظيْمَةً، وَ ذلكَ بأِخراجِ قُوَّةِ العِرَاقِ، مِنْ دائِرَةِ الصِّراعِ الصِّهيونيّ _ العَربيّ _ الإِسْلاميّ.

5. وَ بِسَبَبِ تَمَادِيْ أَصّْحابِ هَذا المَشرُوْعِ، فِي الانغِمَاسِ بالمُخَطَّطِ الأَمريكيّْ الصِّهيونيّْ السُعوديّْ، سَقَطَتْ مَدينَةُ المَوْصِلّ، و مُدُنٍ أُخرَى فِي قَبّْضَةِ الإِرهَابيّينَ العَرَبِ وَ الأَجانِبِ. مِمّا أَجبَرَ عَشَراتِ الآلافِ العَوائلِ، الفَرارَ مِنَ الارهَابيّين إِلى خَارجِ مُدُنِهِم.

وَ لَعَلَّ الحَدَثَ الأَبْرزَ فِي هَذا المِضْمَارِ، ظُهورُ أَصواتٍ مِنْ مُؤيّدِيْ هَذا الفَريْقِ البَّائِسِ، تُشَجِعُ بحَمَاسٍ مُسْتَميْتٍ، دُخُوْلَ القُوَّاتِ الأَمريكيَّةِ إِلى العِراقِ، بذريعَةِ حِمايَةِ المنَاطِقِ الغَربيَّةِ وَ الشَماليَّةِ الغَربيَّةِ مِنَ العِراقِ، مِنْ هَجمَاتِ الجَّيْشِ العِراقِيّ وَ المِليِشيَّاتِ الشِّيْعيَّةِ، كمَا يَزعِمُون. وَ فِي ذلك إِشَارَةٌ إِلى قُوَّاتِ الحَشْدِ الشَّعبيّ، الّتي تَحرَّكَتْ

للجِّهَادِ الكِفَائيّ، بِموْجِبِ فَتوَىً مِنْ مَرجعيَّةِ السَيّدِ السِيسْتانِيّ، فِي النَّجَفِ الأَشرَف.

الغَريْبُ فِي الأَمْرِ، أَنَّ نَفْسَ الفَريْقِ مِنْ السُنَّةِ المُتَطَرّفِيْنَ، الّذيْنَ كانَتْ أَصواتُهُمْ عَالِيَةٌ لإِخْراجِ المُحتَلِّ، فِي السِّنينَ الّتي أَعّْقَبَتْ الاحتِلالَ الأَمريكيّ للعِراقِ، نَجِدُ أَصواتَهُم الآنَ، مِنْ أَعلى الأَصْوَاتِ الّتي تُنَادِيْ، بضَرورَةِ التَّدَخُلِ الأَمريْكيّ، لِتَخْليْصِ سُنَّة العِراقِ، لَيْسَ مِنْ (داعش)، وَ إِنَّمَا مِنَ المِليْشيَاتِ الشِّيْعيَّةِ الصَّفَويَّةِ، بِحَسّْبِ تَعبيرِهِم. وَ جَديْرٌ بالذِّكْرِ، أَنَّ عَدَداً مَحْدُوْداً مِنَ العَشَائِرِ السُنِّيَّةِ، قَرَّرَتْ مُقاتَلَةَ (داعش)، وَ كانَ مِنْ أَبرَزِهَا عَشَائِرُ الجُبُوْرِ، فِي نَاحيَةِ الضُلُوعِيَّةِ، شَمَالَ بَغدَاد.

إِذَنْ المَوْضوعُ برُمَّتِهِ مَا هُوَ إِلاّ حَربٌ بالنِّيابَةِ، عَنْ الحِلْفِ الأَمريْكيّ الصُهيُونيّْ، لِتَقّْسيْمِ المَنْطِقَةِ إِلى دُويّلاتٍ ضَعيْفَةٍ، تُحَقِّقُ أَمْنَ إِسرائيلَ حَاضِراً وَ مُستَقبَلاً. و قَدّْ فَضَحَ هَذا المُخطَّطُ، كُلّاً مِنَ الوَزيرَةِ السَابقَةِ للخَارجيَّةِ الأَمريكيَّةِ (هيلاري كلنتون)، فِي كِتَابِها (الخيارات الصعبة)، وَ تَسريبَاتٍ مِنْ (أدوارد سنودن)، المُوظَّفُ السَّابقُ فِي وَكالَةِ المُخابرَاتِ المَركزيَّةِ الأَمريكيَّةِ، وَ مَا قَدَّمَاهُ مِنْ بيَانَاتٍ، حَوْلَ مَنظومَةِ (عشّ الدَّبابير)، الّتي تَشَكَّلَتْ بمُخَطَّطٍ بِريطَانِيّ أَمْريكِيّْ صُهْيُونِيّْ، فِي عَامِ 2013.

وَ لِكَيْ تَكتَمِلُ الصُّوْرَةُ الاسْتِخبَاراتِيَّةُ لِسيْنَاريُو (داعش)، تُحَاوِلُ أَمْريْكَا و مُحوَرُهَا، إِيهَامَ الرَأْيّ العَامِّ، بِأَنَّ تَنْظِيْمَ (داعش) لا يَرتَبِطُ بِالإِدَارَةِ الأَمريْكيَّةِ وَ إِسْرائيْلَ، وَ أَنَّ السُعوديَّةَ وَ مُحوَرَهَا، لَمّْ يَكونُوا داعِميْنَ بالمَالِ وَ السَّلاحِ و الأَشْخَاصِ، لِتَنْظِيْمِ (داعش) الإِرهَابِيّْ. فَقَامَتّْ أَمريْكَا بِعَقْدِ مُؤْتَمَرِ جَدَّةَ، لمُنَاهَضَةِ الإِرهَابِ فِي 11 سِبتَمبَر

2014. وَ قَامَ بالتَّحضيْرِ لِعَقْدِ هَذا المُؤْتَمَرِ، وَزيْرُ خَارجيَّةِ أَمريْكَا (جون كيري) شَخْصِيّاً.

وَ فِي 14 مِنْ تِشريْنَ الأَوَّلِ 2014، اجتَمَعَ فِي واشِنْطُنْ قَادَةُ جُيُوْشِ 22 دَوْلَةٍ، مِنَ الدُّوَلِ الّتي تُحَارِبُ الإِرهَابَ، و تَعَزَّزَ هذا المُؤْتَمَرُ، بِحُضُوْرِ الرَّئِيْسِ الأَمْريْكِيّْ (باراك أُوباما).

وَ السُّؤَالُ: هَلّْ أَصبَحَ تَنْظِيْمُ (داعش)، دَوّْلَةً عُظْمَى تَسْتَحِقُّ كُلَّ هَذا الاهْتِمَامِ مِنْ أَمريْكا وَ حُلَفَائِها؟.

هَذا هُوَ الضَّحِكُ عَلى ذُقُوْنِ الشُّعوْبِ المَغلُوبَةِ عَلى أَمْرِهَا.
*[email protected]

أحدث المقالات