إن الدعوة الحكيمة لجلالة الملك سلمان للقمة الرباعية في مكة المكرمة, لتحتضن الأردن والإمارات والكويت, لبحث سبل التعاون مع الأردن ومساعدته للخروج من الازمة الاقتصادية, هو خطوة على طريق التكاتف العربي والتي هي نهج أصيل للمملكة ولدول الخليج العربي وعبر تاريخها الطويل, ولقطع الطريق على كل القوى المتربصة والتي قد تستغل مثل هذه الاحداث, لانها فرصة مثالية وكما اثبتت الايام ومن خلال تجارب سابقة من حولنا, هذه الدعوة تمثل فهما عميقا وحاضرا لكل المخاطر التي يواجهها الأمن القومي العربي والخليجي على حد سواء, ومحاولات إختراقه المستمرة , وهي دعوة متجددة تهدف لاحتواء الأزمات التي تستهدف النسيج الوطني والعروبي, وقراءة مبكرة قبل أن تستفحل وتخرج عن السيطرة .
كنت اتابع وبقلق شديد التظاهرات الاخيرة في الاردن العروبي الشقيق, لكم كنت اخشى ومعي الكثيرون من الذين يحملون هموم الوطن العربي الكبير ان تتطور الاحداث لربيع عربي ومن جديد, ” معناش ” شعار رفعه الآلاف من الأردنيين في شهر رمضان الكريم وكان له دلالاته الانسانية الكبيرة .
كنا نخشى من موجة ثانية او ارتدادية متاخرة للربيع العربي تطال الأردن للمرة الثانية, فالمؤامرة التي تريد النيل منا لم تنتهي والفتنة وكما نرى في أعلى موجاتها السياسية والدينية والاجتماعية .
كانت الخشية على الاردن البلد الذي يمثل امتدادا جغرافيا للحجاز ومعبرا ومفصلا جغرافيا نحو بلاد الشام, وهذه حقيقة يعلمها كل قاريء للتاريخ وأثره على الجغرافيا عبر العصور في محيطنا العربي, والتي تركت آثارها على الحضارتين العربية والاسلامية, الخشية من الانزلاق نحو الدوامة التي تجتاح سوريا ولبنان والعراق وتحيط بالأردن من كل صوب, ولكن الله ستر من خلال حكمة القيادة السياسية وتصرف قوات الامن بشكل عال من الانضباط والذي يحمل الكثير من القيم الانسانية في التعامل مع المتظاهرين, ليثبتوا انهم جزءا من الشعب, وكلهم مواطنون يتشاركون في السراء والضراء, وكما أكد ذلك وبصدق المصريون من قبلهم منذ سنوات, جيش وشرطة وشعب يد واحدة , وهو الشعار الذي ارعب العالم وقضى على حكم الاخوان ..
هذه المشاهد ذكرتني بالموجة الاولى من الربيع العربي والتي اجتاحت الأردن حينها والتي ركبها الاخوان وكعادتهم في كل مكان ولازلت اتذكر تصريح نتنياهو حينها حيث قال ان الدور قادم على الاردن, ولكن الله ستر بالاردن وبالكثير من البلاد العربية وحين انتفض الشعب المصري ولفظ الاخوان وحكمهم ووأد مشروعهم اينما كان في المغرب والمشرق العربي, وكانت ضربة موجعة لهم ولكل القوى الاقليمية والدولية التي كانت خلفهم تساندهم وترعاهم وتمهد لهم السبيل .
لقد تصرفت القيادة الاردنية بمسؤولية كبيرة, ولكن اصحاب القرار والعقلاء من العرب وعلى رأسهم جلالة الملك سلمان, يعلمون ان هذا ليس بكاف وحدة لإحتواء الازمة, ولايمكن أن يُترك الاردن وحيداً يواجه العاصفة, والتي لازال يدفع اثمانا كبيرة نتيجة تداعياتها في سوريا والعراق على اقتصاده المنهك , فكانت مبادرة الملك سلمان فزعة أخوية وأبوية عروبية اصيلة لطالما عهدناها من القيادة السعودية وعلى مر العصور المختلفة عبر تاريخنا الحديث, من خلال مواقفها العروبية المشرفة مع كل البلاد العربية شرقا وغربا وعلى جناحي البحر الاحمر ودون استثناء .
انا اؤكد على الموقف “القومي العروبي” لاننا نخوض اليوم حربا تهدد قوميتنا وتحاول محاصرتنا تحت غطاء اسلامي طائفي مذهبي وهي مستمرة منذ سنوات, وهي في حقيقتها حرب تهدد وجودنا العربي وهذا ما تعيه وتدركه جيدا وبكل ابعاده ومخاطر تداعياته قيادات البلدين الحليفين في المملكة والامارت .
سيبقى النهج العروبي للمملكة طريقا ستسير عليه الأجيال طويلا لانه السبيل الوحيد لبقاءنا, فنحن اليوم نخوض معركة وجود وحياة, ضاعت بلاد من حولنا نحاول جاهدين استعادتها للصف العربي, ورغم كل ماتقدمه دول التحالف العربي من تضحيات جسام , ولامجال لضياع بلاد اخرى فالمخطط مازال قائما واطرافه مازالوا من حولنا بنا متربصين .
تحية حب وتقدير الى شعب المملكة وجلالة الملك سلمان , ” معناش” كانت صرخة ألم لعضو مهم من اعضاء الجسد العربي وفي الشهر الكريم, تداعى لها الملك سلمان وإستجاب للاردن وشعبه, ومعه قادة الامارات وكعهدهم دوما في فزعة أخوية طالما ميزتهم عمن سواهم, ستبقى مثل هذه المواقف خالدة في مدرسة العروبة والتآزر العربي وستُخَّرٍجْ الكثير من الأجيال ..