كثيرا ما يتشبث ممن يطلق على نفسه تنويري بسورة التوبة وخاصة الاية الخامسة التي تحث على قتل المشركين ليصفوا الاسلام بانه دين قتل مع جهلهم المطبق بحيثيات الاية وما المقصود منها ، نعم هنالك سلفيين فسروا هذه الاية وفق رغباتهم بالقتل لمنح انفسهم الشرعية فيما يقترفونه من اعمال ارهابية والنتيجة فسح المجال امام اعداء الاسلام لاتهام الاسلام بالقتل .
حقيقة الاية الخامسة ” فَإِذَا انسلَخَ الأَشهُرُ الحْرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشرِكِينَ حَيْث وَجَدتّمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كلّ مَرْصدٍ فَإِن تَابُوا وَ أَقَامُوا الصلَوةَ وَ ءَاتَوُا الزّكوةَ فَخَلّوا سبِيلَهُمْ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ” فيها عدة مضامين وقرائن وبعض قرائنها في الايات التي قبلها والتي بعدها مع زمان نزول الاية واسباب النزول ، فالاية تحث على قتل المشركين وليس اهل الكتاب ، اضف الى ذلك نزلت مع موسم الحج وخصت بها مكة وليس بقية الولايات الاسلامية ، كما وان من خلال سياق السورة يتضح ان هنالك مواثيق وعهود معهم لم يلتزموا بها بل اعدوا العدة للانقضاض على المسلمين ، ولان النبي علم بها فجاءت الاية لتسبق مؤامرتهم .
الان هذه الاية التي نزلت قبل الف واربعمائة سنة تخص الدولة الاسلامية حتى تفرض سيطرتها على مكة قبلة المسلمين وهي من اهم دعائم تثبيت الدولة الاسلامية ولان الاسلام هو الدين المتسيد في البقعة تلك فله الحق الحفاظ على معتقداته بمختلف الاساليب الشرعية ، ولكن تعالوا لنرى الواقع اليوم الم يمارس بنود هذه الاية وبافراط وخارج الضوابط من قبل طواغيت التنويريين؟
اليوم بعد تقطيع العالم الى دول واصبحت الحدود واقع حال كل دولة وضعت القوانين الخاصة بها للحفاظ على كيانها ، الم يسمح للعدو الصهيوني بقتل الفلسطينيين متحججا بالقدس بانها يهودية ، الم يلاحقوا العناصر الفلسطينية والوطنية وقتلوهم اينما ثقفوهم حتى خارج بلادهم ؟ الم تقتل امريكا ممن تراه يعرقل مخططاتهم الارهابية بشكل استهتاري كما فعلت في بغداد وقتلت ممن هم اشرف منها ( المهندس وسليماني) ، الم تنكث الكثير من الدول معاهدات اتفقت هي عليها مع دول اخرى لانها رات بان لا مصلحة لها فيها حتى شنت الحروب بسببها ؟ الم تلاحق حكومة بورما المسلمين وقتلتهم بابشع الصور ؟ الم تنتهك الصين حرمة المسلمين في بلدها ؟ هل يستطيع اي مواطن يقيم في دولة اخرى دون ضوابط ومعاهدات تخص تلك الدولة واذا اخل بها الم يقتل او يعتقل او يطرد من بلدهم ؟ فلماذا عندما يريد النبي محمد الحفاظ على دولته وفق اسلوب اسلامي حضاري راقي حيث انه بدا منحهم اربعة اشهر لترك مكة وفي نفس الوقت ليعلموا ان مخططاتهم علم بها النبي ، بينما من لديه عهد والتزم به دون المساس بالثوابت الاسلامية فانه بقي وحفظت حقوقه .
تتحدثون عن دية المقتول التي شرعها الاسلام معتبرينها غير حضارية وظالمة ، بينما امريكا وفرنسا وبريطانيا تطالب بتعويضات عن قتلاهم من قاتليهم والاخبار تعج في ذلك اليست هذه مصداق للدية التي شرعها الاسلام على اقل اعتبار في الاسلام تكون وفق ضوابط سليمة ودقيقة بينما عند التنويريين تكون وفق انتقام وغنيمة، الن تدفع دول تعويضات عن حرب شنتها وقتلت ابرياء ؟ ما لكم كيف تحكمون انها ليست ازدواجية المعايير بل متعددة المزاجات .
في الاسلام والسنة النبوية عشرات وحتى مئات النصوص التي تحث على حقن الدماء والتسامح والايثار والراي والراي الاخر ، هل قراوا عن المؤلفة قلوبهم وحقوقهم في الاسلام ؟ نعم كل دولة من حق حكومتها الحفاظ على كيانها وتضع ضوابط على المسافرين وتمنع من لا ترغب فيه ، هذه اجراءات طبيعية بذاتها ، والاسلام والدول الاسلامية اليوم من حقها ان تتخذ الاجراءات اللازمة لحفظ اراضيها وشعبها .