غدًا التاسع من ابريل، عكا قاهرة نابليون، التي لا تخاف البحر، على موعد مع ميلاد ابنها الكاتب والروائي الفلسطيني المبدع، الشهيد غسان كنفاني الرجل تحت الشمس، الذي تمتع بموهبة فريدة منحت أعماله الأدبية جاذبية مدهشة عالمية شاملة.
عاش غسان وتغذى من نبعين – كما قال بلال الحسن – غداة استشهاده: ” نبع الحب الجارف للحياة، الذي كان يسيطر على كل خلية فيه، ونبع أحاسيس الموت الرتيبة التي كان ايقاعها متداخلًا في كل ثانية من حياته “.
ورحلة غسان كنفاني واحدة من التجارب الإبداعية الكفاحية النضالية في تاريخ شعبنا الفلسطيني، التي نهلت وما زالت تنهل منها الأجيال الفلسطينية، كونها اعتمدت على كراهية الظلم والقهر، والانحياز طبقيًا للإنسان المظلوم المسحوق، الباحث عن غد أفضل، والتواق للحرية في عالم أخر ليس عالمنا، بدون استعباد واستغلال وظلم وقهر طبقي.
غسان كنفاني من أبرز أعلام الأدب والثورة الفلسطينية، عاش النكبة وعايش المأساة والمعاناة الفلسطينية، بكل وقائعها السياسية والاجتماعية، ورسخ فكر المقاومة والالتزام في أدبه وفي ثقافتنا الفلسطينية، وكتب عن الهم الفلسطيني والإنساني، انطلاقًا من التزامه الثوري واخلاصه للقضية الوطنية والطبقية والقضايا الإنسانية الكبرى.
أسس غسان كنفاني مجلة ” الهدف “، التي نطقت باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي كان ينتمي إليها، وعمل في مجلة ” الحرية ” اللبنانية، وترأس تحرير مجلة ” المحرر ” اللبنانية.
وهو يمتلك في رصيده العديد من الأعمال الإبداعية في القصة والرواية والدراسات الأدبية، وترك وراءه بمجال الرواية : ” رجال في الشمس، وما تبقى لكم، وأم سعد، وعائد إلى حيفا، ومن قتل ليلى الحالك “.
وفي القصة : ” موت سرير رقم 12، وارض البرتقال الحزين، وعن الرجال والبنادق “.
أما في مجال الدراسات : ” أدب المقاومة في فلسطين، وفي الأدب الصهيوني، والأدب الفلسطيني المقاوم “.
وله أيضًا كتاب عن ” ثورة العام 1936 “.
وفي يوم ميلاده الثالث عشر التاسع من نيسان العام 1948، حدثت مجزرة دير ياسين، ولذلك لم يحتفل بعد ذلك بعيد ميلاده قط.
حياة غسان كنفاني ونشاطه الإبداعي ونضاله واستشهاده في عملية ارهابية اقترفها الموساد الإسرائيلي، تؤكد أن اندماج الفنان وارتباطه بجوهر فنه هو في النهاية اندماج بجوهر الثورة، حيث اللقاء الحميم والعلاقة الجدلية التي لا تنفصل بين النشاط العملي وكل إبداع.
غسان كنفاني أيها الباقي في الفكر والوعي والوجدان الفلسطيني والراسخ في ثقافتنا الوطنية الجماهيرية الفلسطينية، سلامًا لك في يوم ميلادك، وطوبى لك، والمجد لروحك، والخلود لأدبك الأصيل الراقي الملتزم، وأسوار عكا، ورمال الشاطئ في حيفا، وبيارات البرتقال في يافا تنتظر عودتك.