لكل إمرأة في العالم بمختلف التسميات نبعث لها التهاني والإحترام والتقدير فمن هي المرأة؟ إنها أمي وأختي وزوجتي وإبنتي هي تلك التي ربتني وسهرت لرعايتي ووقفت بجانبي ونصحتني وحمتني .
هذه الكلمات تحمل معاني كبيرة من المحبة والثناء والتبجيل قد يكتبها أنت أو أنا تعبيراً عن الفرح والعرفان بمناسبة يوم المرأة العالمي ، فعلا هذه المناسبة العظيمة تستدعي منا أن نكتب بقلوبنا وأرواحنا وأقلامنا لتلك المخلوق العظيم …
هي من نذرت عمـرها للعطاء كي تزرع البسمة مع مــرارة الشقاء، هـي رأس المال لأولادها، هي العاطفة لمن حولها، هي التي تميل إلى كل جانب مع الرياح لكنها لاتنكسر، هي العظيمة التي أنجبت كل عظيم .
قرأت في إحدى الصفحات الإلكترونية قصة رائعة لفنان عظيم له لوحة انبهر بها كل من رآها وذلك الفنان طفل عمره 12 سنة.
خبر هذه اللوحة اثار الإعجاب والشجن.. رسمها طفل هندي، كان في 2016 بعمر 12 سنة تقريباً، لم يعبر حدود الهند إلى القارئ العربي والعالمي حينها، والعودة إلى خمس سنوات إلى الوراء، لبلدة اسمها Thrissur في ولاية “كيرالا” الساحلية بالجنوب الغربي الهندي، إلى بيت عائلة هندية اعتاد أحد أطفالها، وهو Anujath التلميذ بالصف التاسع، أن يسمع والده Vinaylal يقول في شكوة حاله لصديق أو لأحد الجيران: إنه يعمل ويكد ويتعب طوال النهار، بينما زوجته Sindhu لا تفعل شيئا، سوى التواجد في البيت بلا أي إنتاج.
إلا أن “أنوجاث” الإبن لم يكن مقتنعا بما يقوله أبوه عن والدته، لأنه كان يراها تشقى وتتعب في البيت بلا معين، فهي تغسل الملابس وتنشرها على الحبال لتجف، ثم تهم بكيّها، وتمضي بعدها لتطبخ وتعد الطعام وتغسل أواني المطبخ وغيرها، وتنظف الأرض، وتخرج أحيانا لتملأ الجرة بالماء من البئر .. وإذا احتاجت ما ينقص البيت تشتريه من بائع متجول بالحي، وحين تجد شيئا تعَطَّل تسرع لإصلاحه بنفسها، وإذا جاع رضيعها ترضعه، وفوق ذلك تلاعب بقية أطفالها وتسليهم وترعى شؤونهم.
وفي يوم من الأيام، قرر “أنوجاث” أن يراقب أمه ويدقق بها أكثر، ليرسم بألوان الماء كل ما تقوم به من عمل، لأنه هاوٍ كبير للرسم ، ومع الوقت ولدت من ريشته لوحة ضاقت بما رسم فيها مما تقوم به أمه “سيندو” من عمل يومي، ينتهي بعودة الأب عند الغروب ليرى أن كل شيء في البيت معد لإسعاده، من دون أن يعير إنتباهاً لتفاصيل ما تقوم به زوجته من عمل شاق، ولمَّا انتهى الإبن من الرسم سمى اللوحة (أمي_وأمهات_الحي) واحتفظ بها.
بقيت اللوحة محفوظة في البيت لأكثر من عامين، إلى أن علم Anujath بمسابقة شهيرة أقامتها أكاديمية Shankar للفنون، ورصدت لها جائزة إحياء لذكرى رسام كاريكاتير محلي بولاية كيرالا، فتقدم وشارك فيها بلوحته التي اكتسحت كل عمل فني آخر.
إلا أن عمر الفرحة كان قصيرا جداً، فما إن علم أن الجائزة المرصودة كانت من نصيبه، حتى جاءه نعي والدته.. التي أراد أن يهديها الفوز ففارقت الحياة لعلة بقلبها.
لماذا لا ننصفهن بدلاً أن نحاربهن وننصحهن بدلاً أن نحاسبهن ونحترمهن بدلاً من احتقارهن ونفتخر بهن بدلاً من اهانتهن ونتشارك الحياة معهن بدلاً من التسلط عليهن ونقدرهن بدلاً أن نحط من قدرهن وننصفهن بدلاً أن نظلمهن… إمنحهوهن الحياة مثلما يمنحن الحياة .