كثير من المتابعين، إعلاميين ونشطاء ومواطنين أيضا، يفهمون اأتخاذ آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، يوما للقدس، بتوجيه من الإمام الراحل السيد الخميني قدس سره الشريف، على أنه أمر تعبوي متعلق بمدينة القدس وحدها، وأنه وسيلة وفي كل عام؛ لأستذكار مظلومية هذه المدينة المسلمة، المغتصبة من قبل الصهاينة ، ولتبقى القدس قضية حية، في وجدان الأمة الإسلامية.الحقيقة أن هذا الفهم صحيح الى حد بعيد، لكنه يبقى قاصرا عن الإحاطة بالغرض الأساسي، من جمعة يوم القدس الرمضانية؛ فلماذاهذا القصور في الفهم؟!
مظلومية القدس الشريف؛ وإن كانت هي العنوان الرئيس لهذا النشاط التعبوي، الذي يمارس على مساحة الأمة كلها، إلا أنها عنوان تنظوي تحته، مئآت بل وآلاف العناوين الفرعية، التي يجب أن تُنظِم الأمة صفوفها بغية معالجتها تعبويا، بقدر لا يجعلها غائبة عن الوعي العام، وهو الغياب والتغييب؛ الذي يسعى اليه أعداء الأمة، في كل زمان ومكان.
تشكل مظلومية الشعب البحريني، واحدة من العناوين المهمة، و”قدسا” من بين”اقداس” الأمة، التي ما برحت تنزف بلا كلل، جراء التعسف والقمع والطغيان، الذي تمارسه الأسرة الخليفية، المتسلطة على رقاب الأحرار، في هذا البلد المسلم العزيز، وفي كل يوما تمعن هذه السلطة الغاشمة، في تنكيل إذلال وإهانة.
لقد وصلت هذه الأيام؛ ممارسات السلطة الخليفية القمعية ذروتها، حينما قادها طغيانها وعتوها، الى سحب الجنسية عن آية الله الشيخ عيسى قاسم، وهو البحريني الأعمق جذورا، من جلاوزة قبيلة العتوب، التي تسلطت على جزر البحرين وشعبها، وهي الغريبة عنها.
في سوريا ثمة “قدس” أخرى، تحتاج الى وقفة تعبوية، مثل التي نقفها في آخر جمعة رمضانية، فقصبتي الفوعة وكفريا، مازالتا تنزفان دما نقيا طاهرا، منذ سنتين تقريبا، حيث يحاصرهما الاجرام التكفيري الداعشي، وحيث يتعرض اكثر من اربعين الفأ؛ من اتباع اهل البيت عليهم السلام، الى تجويع وحصار وإبادة جماعية، على اساس الهوية، وتحت سمع وبصر العالم كله، فيما تقف “الأمة” متفرجة على المجازر الوحشية، دون أن تتحرك الضمائر بما يكفي لأن ينقذ هؤلاء الأبرياء.
في اليمن مازال التحالف الإجرامي، الذي تقوده مملكة الأشرار الوهابيين السعوديين، يلقي حمما من طائراته بلا هوادة، على افقر شعب بالعالم، لا لشيء؛ إلا لأن هذا الشعب يحب الحياة، ولأنه يريد أن يعيش عزيزا كما كان أبدا، ولأن أبناء هذا الشعب يشهدون أن عليا وليا الله!
كلام قبل السلام: القدس ليست مسجد قبة الصخرة، ولا المسجد الأقصى فحسب، بل هي بغداد، وآمرلي والبير، والدجيل وبلد ومدينة الصدر، ومزار شريف وكراتشي، وفوعة وكفريا، وصنعاء ومأرب، والمنامة وسترة، والأحساء والقطيف والعوامية، وكل الأقداس التي تتعرض لما تعرضت له القدس حبيبتنا الأزلية!سلام….