18 ديسمبر، 2024 10:09 م

إن الواقع أو المشهد العام أقوى من أي نظرية لا تستجيب له وهو كل, والمشهد الثقافي جزء وعلى ما يبدو أن التشظي سائر في التشظي والمستقبل مليء بالاحتمالات, وبعيدا عن التشاؤم والتفاؤل نرى أن هناك مناهج تشتغل إما لصالح العملية التاريخية أو بالضد منها, لكن العقل والفلسفة هما اللذان بوسعهما إنقاذنا وتجميع أجزاء الصورة من كلام وحكايات إن كانت تتضمن معايير تربوية أو جمالية والتي تعتبر مظهرا للنضج الاجتماعي, والتربية تنشا من الإحساس بالذات وبالأخر وبنفس الوقت هي طاقة من القدرات بفضلها يرصد المرء الأخر ويقيم خبراته, كما تتقابل بالفعل مفاهيم قد تبدو متناقضة لكنها تتميز بفعالية الأثر. وتعبير الفنان في منجز ما هو عبارة عن تصريح غير قابل للحل داخل الذات, ولعل التحريم أو ما يطلق عليه التابو يظل قائما في اشد أوقات الأزمة حتى ولو بشكل قرباني أو ممتد, وهنا يتجدد الإحباط بين الواقع بمقوماته العيانية ورؤى النص وذلك لان المتصور يبتعد بشفافيته الأثيرية ليحقق انسجام قلق ومؤقت لا يلبث أن يبتعد عنه باحثا عن ومضة مضيئة أخرى تؤجج فيه روح المغامرة وتعيد له الانسجام المأمول, ولكون النص التشكيلي لغة عالية الترميز فهي لاتحتاج إلى ترجمان, لكنها بحاجة إلى مفاتيح لحل الشفرات التي ينبغي للفنان أن يكون قد زرعها في نصه, وبذا تكون الفاعلية والحيوية محملة داخل النص وتكمن مهمة النقد في الإضاءة والإشارة والاختبار والتحريج, وهذا لا يكون صالحا إلا بوجود منهج وروح معملية واضعا حرية الفنان نصب عينيه متسلحا بأفق معرفي سمته حوار الكلمة منفتحا وسيلته اللغة والمصطلح المتخصص بعيدا عن اللغة الإنشائية والتحذلق اللفظي, إذ نحن على أعتاب مرحلة حضارية جديدة ينسلخ فيها الحدث تلو الحدث داخل ركام المعلوماتية, ولكي لانقع فريسة الذات الاسيانة تحت تراكم الضغط الثقافي والعلمي, نجد أن أمامنا اتجاهين الأول هو رفع التعمية عن الكلام وتجريد المرموز عن مظهره لكشف المعنى والأخر هو إعادة الصفة الأسطورية للكلام واللغة المحكية رغم أن هناك تناقض مع الواقع والمعطيات , لكن التجاوز وارد حالما يتمثل أمام الفنان باعتباره مفكرا لأنه يصنع الحياة بصيغ متقدمة, طبيعة العلاقة بين الفكر والواقع وان كانت هذه العلاقة ليست بسيطة ومباشرو لأنها تتطلب يقظة جدلية كي نرى أن الشكلانية هي التي تنبئ بانحسارها وانهيارها لأنها لا تجسد الحصيلة الأكثر تماسكا في الوعي الإنساني وقد أنقذتها عدة أسباب ومنها أسبقية اللغة اللاهوتية على اللغة السيكولوجية إذ يرى الإنسان صورته في السماء قبل أن يراها في نفسه, على أن اللغة السيكولوجية والتي هي مصدر الحيرة هي ذاتها الاختبار النهائي والصحيح إلى حد الوجع لان مصدرها إنساني ووحيد.