14 أبريل، 2024 8:41 ص
Search
Close this search box.

في منتصف نهار شتوي

Facebook
Twitter
LinkedIn

في منتصف نهار شتوي بارد داعبت فيه الرياح الباردة ذوائب الشجر رغم شروق الشمس وخلو السماء من الغيوم الا بضع ندوف منها هنا او هناك كأنها زهور من الحرير الابيض تطرز ثوب السماء الازرق .
كانت المرأة تجمع بضع اوراق اغصان من الشجر وتشدها الى بعضها لتجعلها حزمة قابلة للحمل اذ توقفت سيارة اجرة على قارعة الطريق وأطل وجه رجل مسن قائلا:-
السلام عليكم
عليكم السلام… اجابت المرأة
لي سؤال ان سمحت
تفضل
هل تعرفين بيت سميح المختار …اذا امكن ان ترشديني اليه.
المختار…ترك الاختيارية وسلمها لغيره.
لم آتي لحاجة او كتاب يتطلب تأييده او شهادته وغرضي هو السؤال عن شخص اعرفه.
واستطرد الرجل
سأوضح الامر ان الرجل الذي اسأل عنه يكون ابن شقيقة زوجة سميح المختار.
آه …اتقصد سامي ابن الحاج محمود…؟
قالت المرأة واقتربت خطوات من الرجل المسن الذي ترك السيارة وخطا نحوها
نعم …نعم …هو بالله عليك أتعرفين شيئا عنه…؟
استطردت المرأة حديثها بنبرة اشبه ما تكون اعتذارا وقد ارتسمت على ملامحها علامات حزن وأسى…
يؤسفني ان سامي ابن الحاج محمود قد استشهد منذ عدة اشهر.
ماذا….!!!شهق الرجل المسن وترقرقت الدموع في عينيه واستغرق في تفكير بضع لحظات وبدى كمن يتحدث الى نفسه
ان سامي هو ابن قريب لي وقد حدثت بين العائلتين مشادة تسببت في تباعد الاهل والاقارب لفترة طويلة وقد كان يتأمل ان تنتهي الامور الى الرضا والقرب وبعد ان طال الزمن وجد انه لابد ان يبادر السؤال عن قريبه ابن الحاج محمود ولذا جاء مستفسرا عنه. بالله عليك ان استطعت ان تدليني على بيتهم وتخبريني عن اولاده وزوجته وامه لأني ما عدت اذكر عنوان بيتهم,
اشارت المرأة بيدها
ستسير من هذا الطريق وتعرج على الساحة المطلة عليه وتحسب ثلاث بيوت على الجانب الايمن يكون الرابع بيت الام واخوات الشهيد فقط فأن زوجة الشهيد ذهبت الى بيت اهلها مع اولادها الصغار.
عاد الى مقعده داخل السيارة وامتدت يده الى جيب ثوبه واخرج سيكاره اشعلها بعود ثقاب بينما تدفقت الكلمات من بين شفتيه
يا لسوء حظه قال الرجل المسن
لقد ربيته صغيرا على يدي هاتين كنت احمله…اه من غدر الزمان ..اه من شذاذ الافاق الذين حولوا الاخوة والقرابة الى نار وفرقة.
التفت اليه سائق السيارة محاولا تخفيف ما ألم به من الم
-هكذا حال الدنيا احتسبه عند الله وجزاك الله خيرا اذ تصل الرحم وتسأل عن ذوي القربى مهما كان موقفهم …انه شهيد…هو رمز للفخر.
– الحمد لله هو شهيد سعيد عند رب رحيم لكن الذي آلمني هو ان الاولاد لا يربون في بيت ابيهم اذ اخذتهم امهم الى بيت اهلها … اللهم لا اعتراض لأمرك.
– ماذا في ذلك هذا امر يحدث لدى الكثير .
– اجل يحدث لكن ان كان سامي وحيد امه وهي ارملة اليس لها الحق في ان تأنس بوجود احفادها فهذا يخفف الم الثكل وكما يقال (اعز من الولد ولد الولد).
-ربما كان هذا افضل لها …البيوت اسرار يا عم …انت لا تعرف الاسباب التي ادت الى هذا الامر.
– حقا كما تفضلت لكننا نحن نحب ان نربي اولادنا ومن الصعب علينا فراقهم …
توقفت السيارة امام المنزل وهبط منها الرجل المسن ليطرق بابا غيب الثرى وجه صاحبه اما الزائر فلا يعلم ما سيفاجأ به من احداث.
انتظر سائق المركبة عدة دقائق ريثما دخل الرجل المسن المنزل ثم حرك مقود سيارته وغاب في الطرقات .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب