18 ديسمبر، 2024 4:52 م

دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج إلى أن تركز على مكامن الخطر الإيراني على الأمن القومي الخليجي، ونرى أين تلتقي تلك المكامن مع المصالح الأميركية.. هل هي في مخاطر «الاتفاق النووي» الإيراني؟ أم في دعم إيران لوكلائها في المنطقة؟ علينا أن نحدد أين هي جبهتنا التي تشن فيها إيران حربها علينا حتى يكون «قصفنا» مركزاً!
بالنسبة للبيت الأبيض فقد صرح يوم الأربعاء 19 أبريل (نيسان) الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بأنه أَمَر الوكالات بمراجعة الاتفاق النووي مع إيران لمعرفة ما إذا كان تعليق العقوبات في مصلحة أميركا.
والجدير بالذكر أن ترمب كتب ذات مرة في تغريدة له: «كانت إيران على شفا الانهيار حتى جاءت الولايات المتحدة وألقت لها بطوق النجاة في شكل اتفاق: 150 مليار دولار».
في اليوم ذاته الذي صرَّح فيه البيت الأبيض، جاء تصريح وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس من الرياض: «لقد رأينا التصرُّف السيئ، والمسلك السيئ لهم (الإيرانيين) من لبنان وسوريا إلى البحرين وإلى اليمن، ولا بد من التعامل مع ذلك في مرحلة ما». وقبله بأربعة أيام في 15 من الشهر الحالي صرح رئيس الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) مايك بومبيو بأن «الدول المارقة مثل إيران ستواجه عمليات عسكرية أكثر قوة من إدارة الرئيس دونالد ترمب».
إنما سأقف عند الذي قاله السفير الأميركي لدى البحرين ويليام روبك، لأنه الأكثر قرباً من هواجسنا في المنطقة، حيث صرح يوم الخميس الماضي قائلاً: «نحن قلقون جداً إزاء دعم إيران للإرهاب ودعم وكلاء زعزعة الاستقرار. وكنا نشعر بالقلق إزاء اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة وما زلنا نشعر بالقلق. وكان الاعتقاد هو أنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فستكون مواجهة جهودها الخبيثة الأخرى في دعم العناصر المزعزعة للاستقرار بالوكالة أو في دعم الإرهاب أكثر صعوبة. وفي محادثة مع ملك المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اتفق الرئيس ترمب مع الملك سلمان على أهمية التنفيذ الصارم لبرنامج العمل المشترك مع إيران ومعالجة الأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار في إيران. لقد أوضح الرئيس ترمب وفريقه جيداً أين تقف الولايات المتحدة فيما يتعلق بسلوك إيران المزعزع للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط».
هنا إذن يجب التركيز والعمل الخليجي، وهنا يأتي دورنا في تقريب وجهات النظر الأميركية – الخليجية بتحديد مكامن الخطر بالنسبة لنا بما يتوافق مع المصلحة المشتركة فيما بيننا نحن والولايات المتحدة.
بالتأكيد، إن إضعاف إيران والضغط عليها (اقتصادياً) بالعقوبات من الممكن أن يؤثر على مستوى الدعم الذي توجهه لوكلائها في المنطقة، وهؤلاء هم جبهتنا المقبلة، إنما ذلك الإجراء قد يأخذ وقتاً طويلاً حتى يؤتي أُكُله، خصوصاً أن لدى إيران مصادرَ تمويل أخرى لوكلائها، وهي المبالغ التي يجمعها الشيعة العرب، وتُدعى «الخُمس»، وقدَّرَتْها بعض المصادر بخمسة وتسعين مليار دولار، ويضعونها تحت تصرف خامنئي، فهل ستأتي العقوبات الاقتصادية بأثر فعال على تحجيم الوكلاء الذين يشكلون لنا الخطر الأكبر في المنطقة؟
المهم هو أن نكون واضحين وحازمين جداً، وسواء بدعم من الولايات المتحدة أو من دونه، فإن قطع دابر الإرهاب الداعشي والحاشدي والحوثي لا بد أن يكون سواء بسواء، وأن نكون أكثر وضوحاً في أن دول مجلس التعاون لن تتهاون مع داعمي «وكلاء إيران» من أجنحة سياسية أو إعلامية أو دينية، فهذه هي الجبهة التي تحاربنا بها إيران، وعلينا أن نوجه جهدنا في تلك الجبهة، ونركز على تلك الأجنحة التي تقودنا إلى أن نتتبع أثرها، للمغارة الإيرانية، التي تعدها وتدعمها وترسلها لنا لزعزعة أمننا واستقرارنا. لن نستكين حتى نقضي على عملاء إيران، ونجرِّدهم من سلاحهم المدني وفي الوقت نفسه سلاحهم العسكري، وإنفاذ القانون عليهم بعد أن خانوا العهد، وباعوا الأرض.
رسالتنا لا بد أن تكون واضحة لتقريب وجهات النظر بأنه ليس هناك جناح سياسي وجناح آخر عسكري، فجميعهم سواء؛ «حزب الله» عَدّ نفسه جناحاً سياسياً وشريكاً في الدولة اللبنانية حتى قلب سلاحه عليها، وكذلك فعل الحوثي، ومثله الحشد الشعبي، وكذلك فعلت جمعيات سياسية مرخصة وصحف مرخصة دعمت «سرايا الأشتر» في البحرين، وضللت الرأي العام والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإدارة الأميركية السابقة.. جميع تلك الأجنحة هم من أتباع المرجعية الدينية الإيرانية، هم مؤسسات مدنية مثَّلَت علينا دور الحملان الوديعة، وأنهم مجرد أحزاب سياسية أو صحف إعلامية أو جمعيات تثقيف وتوعية دينية حتى انكشف دورها الخبيث في المشروع الإيراني، لا فرق بين مَن حمل السلاح ومَن حمل القلم ليدعم حامل السلاح، هذا ما يجب أن يصل إلى المسؤولين الأميركيين؛ أننا لسنا بحاجة إلى فتح جبهة مع إيران، ولن تفعل العقوبات الاقتصادية على إيران شيئاً يُذكر في تقييد وكلاء إيران ونشاطهم، إنما المعركة هنا على أرضنا في الدول العربية مع عملاء إيران بكل تلاوينهم، نسخ «حزب الله» المكرَّرَة في العراق واليمن ومحاولات تكرارها في البحرين هي جبهتنا التي يجب أن يُقطَع دابرها ودابر كل داعم لها.
*نقلا عن صحيفة “الشرق الأوسط”.