23 ديسمبر، 2024 6:52 ص

في مقولة الاستعمار و ما بعده

في مقولة الاستعمار و ما بعده

” في مقولة الاستعمار أولا ”
في تحيين تعريف الاستعمار أو الكولونيا لية / ( التعريف لي و من وضعي و تحييني)

الاستعمار هو كل توسع إمبريالي هيمني تقوم به دول الهيمنة و الأوليغارشية الدولية و نظامها المالي القائم على استنزاف ثروات الغير و تدوير رأسمال قذر استلابي منهوب فاسد و مشتبه المصدر

و لم تعد ظاهرة الاستعمار كما نشأت في أوروبا و كما تم تعريفها حكرا على الدول الأوروبية منذ و خلال الأربع قرون التي خلت

بل باتت سمة مشتركة لمحور الإمبريالية و الشر و الاستحواذ و الاستيلاء على ثروات الدول المهيمن عليها التي لا تملك القوة العسكرية و النووية و المالية و الاقتصادية و الصناعية و العلمية الكافية لتدافع عن نفسها و تحمي أوطانها من أطماع محور الشر الإمبريالي و الاستكباريي

و قد انتقلت نزعة الاستعمار الجديد الى شكل اخر يؤجل الاستيطان و التدخل على أرض الدول ” العاصية ” في نظرهم و يدفع باليات خلخلة الاستقرار للتفتيت و التقسيم

بدل اختراق الارض و الجو و السيادة الا عند الضرورة كتأديب للعصيان الصادر عن بعض الأنظمة و الدول الرافضة للاستعداء عن طريق النهب و استنزاف الثروة و هو ما حصل في العراق و ليبيا و اليمن و سوريا التي دفعت أنظمتها الثمن باهظا و الكلفة كبيرة من خلال مقاومتها للهيمنة الاستعمارية في شكلها السافر الوقح

و هنالك من يسمي هذا الشكل الحديث الذي لم يعد مرتبطا بأوروبا بل امتد الى الدول الأنجلو سكسونية “كأميركا خاصة ” النيو- استعمار ” أو ” الاستعمار الجديد
تؤكد نظرية الاستعمار الجديد و الحديث مقولة و نظرية المركز و الأطراف و نظرية التبعية و النظريات العنصرية التي تبناها علم الأناسة عند نشأته أي الأنثروبولوجيا في طبعتها الأولى كعلم استعماري النشأة اشتغل بسبل تطويع الإنسان و المجتمعات لاستنزاف ثرواتها و اعتبارها في مقام السفيهة التي ينقصها التحضر و لا تملك القدرة على إسعاد شعوب و التصرف في ثرواتها و لا تتقن الحوكمة الراشدة

تغطي نظرية الاستعمار كل المفاصل الحيوية و القطاعات الرئيسة المنتجة للثروة ليس فحسب الناتجة عن الأرض و باطنها مثل المحروقات و البترول و الغاز بل بقية الثروات و كل أنواع الرأسمال و منه الإنسان باعتباره رأسمالا رمزيا ..

فهي تتدخل في قطاعات الثقافة و المعرفة و المدرسة و مناهج التعليم و السياسة و مواطن صنع القرار و طبيعة السلطة و من يكون على رأسها بل كيف تدير حكمها ليكون راشدا بمعنى يخدم تلك الدول المهيمنة الطامعة دورانا في فلكها و رهنا لقرارها عندها

يحمل الاستعمار نظرة دونية لغيره من الشعوب و يحتكم إلى تصورات عجيبة عن غيره و يوظف الإعلام في تزييف وعي شعوبه و شعوب العالم باعتبار الإعلام لوبي رهيب بين أيدي أباطرة المال الفاسد

فلا حديث عن الاستعمار و نظريته إلا و يرافقه الحديث عن النظام المالي العالمي و النظام البنكي و ” وال ستريت ” و ” البورصة ” و العائلات المالكة للبنوك في أمريكا و التي تتحكم في الإنتخابات الأمريكية و اللوبي المالي الصهيوني و جماعة بريجينسكي و برنارد لويس سابقا ..

و أيضا الحديث عن الرأسمال القذر و الشركات العابرة للقارات و النوادي الإقتصادية المشبوهة و خزانات أو صهاريج الأفكار المتفرعة عنها في العالم ” الثينك تانك ” و غيرها من المؤسسات الفاعلة مثل الدور الذي لعبه كل من جاك أتالي و ” معهد مونتاين” و جاك أتالي في البداية في الإتيان بالرئيس الفرنسي ماكرون

بل لا حديث عن الاستعمار دون الحديث عن تقسيم العالم الجديد و تصنيف أنظمته و تصدير الأزمات خارج منبتها و إلحاق أعباءها بالدول المستضعفة و ما سمته دول الشر بمحاور الشر و الدول الصعاليك و المارقة و العاقة و لا حديث عن الإستعمار إلا و هو يستدعي الحديث عن شرق أوسط جديد و ” سايكس بيكو ” جديد و الحصار على جمهورية إيران ..

و الإستحواذ على حراكات الدول ذات الأنظمة المستبدة منها الإستحواذ على ما يسمى ” الربيع العربي ” و توظيفه في تدمير هذه الدول و زرع التناحر فيها و الإنقسام ..

و تحريض طرف على اخر و اختراق هذه المحاولات التحررية و تهجينها و إن انطلقت بريئة نابعة من معضلات داخلية عميقة حيث استدركت أمريكا و بعض الدول الهيمنية الأمر و راحت تترقب بل تخترق كل محاولات الثورة و الإنتفاضة حتى لا نقول كانت تسارع في إيقاد نارها و اختراقها ..

و أدرجتها ضمن مخططاتها التقسيمية الإستعمارية الجديدة فأجهضت الآمال و حاولت و لا زالت تحاول تدمير محور الممانعة بزرع الفتنة و الإنقسام بين الشيعة و السنة و نشر الطائفية و استنبات تيارات إسلامية هجينة مثل المدخلية و منحها الغطاء الديني الغاية منها نشر ثقافة إسلامية هجينة خنوعة تبرر افعال الأنظمة المستبدة التي تخدم مصالح الاستعمار الجديد

كما أن من بين أدوات و أذرع هذا الإستعمار الجديد مجموعة من الهيئات الدولية مثل مجلس الأمن و اليونسكو و صندوق النقد الدولي و إستراتيجيات و سياسات التعليم المفروضة قهرا من طرف اليونسكو على الدول الضعيفة و منها الدول العربية و الإسلامية إلا القليل منها مثل إيران و ماليزيا و تركيا و غيرها بدرجات متفاوتة..

و يعتمد مشروع الاستعمار الإستلابي العولمي على تجريد هذه الدول من هويتها المتيقظة و خصوصيتها المتبصرة باسم العولمة و التحديث و العالمية و الكونية و قبول نظام تعليمي يجمع البشرية في زعمهم و لا يفرق على مطلق محايث أرضي لا متعال لاهوتي و ديني لا ينتج الإرهاب في نظرهم و هم من أنتجوا جزء هاما منه ..

و هم يعلمون أن الإرهاب بنية معقدة ساهمت في تشكيلها في الفضاء العام و الموازي له عوامل و عناصر عديدة لا علاقة للمدرسة بها و لا علاقة للدين مباشرة بها إلا كموظف و مستخدم من جهات مورطة لا يستثنى منها الاستعمار الجديد و مخابره و مخططاته و لا يهم بعدئذ الجبة و العباءة التي تلبس للإرهاب من السلفية إلى إيران إلى المسجد إلى المدرسة إلى آيات الجهاد في القران …الخ

و كثيرا ما تقع النخب العربية و الإسلامية في شراك هذه اللعبة القذرة و المخطط و الفخ الرهيب لتقسيم المسلمين و جعلهم طوائف و شيعا يتناحرون مذاهبا و طوائفا و سنة و شيعة و زيدية و سلفية و طرقية و صوفية و عقلانية و تنوير و حداثة مسلمة و عربية و قوميات فرسا و عربا و أتراكا و اسيويين ..الخ