15 نوفمبر، 2024 12:25 م
Search
Close this search box.

في مثل هذا اليوم‎

في هذا اليوم(7/5/1991)  في الساعة 9 مساءا وقبل 24 سنة ودعتنا معتقلات النظام السابق انا واخي واثنان من اصدقائي الى غير رجعة تنقلنا بين معتقلات الرضوانية والحارثية وسجن رقم واحد والمعمل .
اعتقد ان كتاباتي هذه سوف تجعل البعض يشعرون بالالم .
تخيل نفسك في زنزانة كبيرة تحيطك الفضلات البشرية وخلف القضبان وحوش بشرية ، تخيل انك تُعذب بشتى انواع العذاب النفسي والجسدي وانك تتوجه للاعدام مرة او مرتين كل يوم مع تسعة من المعتقلين وترجع مفردا او مع معتقل اخر والمتبقين يدفنون احياء امامك  ، تخيل انك بلا طعام او شراب لسبعة ايام او ثمانية وتفطر على قضمة خبز ونصف قدح ماء ، تخيل انك تُعذب وتصرخ باعلى صوتك ( ياعلي) ويَزيد عذابك ويقول لك السجّان فليحضر (عليّك ) ليخلصك ، تخيل ان اخيك الاصغر يُعذّب امامك واصحابك واصدقائك يعلّقون كالاغنام في السقوف وانت تصبح كرة تتقاذفها الايدي والارجل وانت مقيد ، تخيل ان امامك معتقل مختل عقليا يُعذب حتى الموت ولا يعرف من الدنيا الا اسمه وهم يقولون له اعترف ، تخيل عندما يحضرون لك زميلك في الزنزانة في 12 ليلا وهو منهك ويقول لك ابرئني الذمة فانا متوجه الى العزيز المنتقم ويتوجه الى القبلة ويسلّم نفسه الزكية ، تخيل عندما يكتشف السجّان ان السياط والكهرباء لم تعد تؤثر في جسدك النحيل فيعمد الى تقييد يديك الى الخلف وتعليقك في السقف حتى لم تعد تشعر بيديك وكتفيك ، تخيل ان صديقك يوصيك بتوزيع كتبه ومحاضراته وفراشه وملابسه وسجادته على المحتاج لها وعند تنفيذ وصيته بعد خروجك يخبروك اهله انهم لم يستلموا لا جثته ولا جثة اخيه ، تخيل انك توضع في زنزانة تملىء جدرانها الذكريات المؤلمة عرضها متر ونصف وطولها مترين ومفروشة بالبطانيات وفيها عشرين معتقلا فكيف تنام لكن في اليوم الثاني تكتشف ان العذاب ليس في كيفية النوم بل بالقمل الابيض والاصفر والاحمر (لا يوجد قمل اسود) يعمل على سحب الدم من جسمك المتعب ويزيد عذابك عذاب ، تخيل ان الدقائق تصبح ايام والايام تصبح شهور والشهور تصبح سنين وانت ميت او … ميت … او ميت فلا فرق وان اختلفت الطرق ، تخيل ان النبي محمد(ص) وال بيته يمرون عليك كل ليلة يمسحون على راسك ويقولون اصبر ان الله مع الصابرين ، تخيل انك تكتشف في محفظة صديقك دعاء الجوشن الكبير وتبدا بقراءته وقبل نهايته يصدر امرا باطلاق صراحك ، تخيل و تخيل وتخيل .. فان العزة والكرامة لا يعرفها الا من ذاق الذل والهوان وان الحرية لا يعرفها الا من قُيّد واعتقل وان الرحمة لا يعرفها الا من ذاق الالم والعذاب ، تخيل انك حي !! والماضون ميتون .. وانك حي ميت .. وانك ميت .. والعاقبة للمتقين
الفاتحة على روح اخي وصديقي ( سيد زهير الدبي)

أحدث المقالات

أحدث المقالات