23 ديسمبر، 2024 12:50 ص

في قانون التقاعد الموحد ؟!

في قانون التقاعد الموحد ؟!

القسم الخامس عشر – ثانيا .
*- أما بعد الإحتلال الغاشم سنة 2003 ، فقد فقدت الوظيفة بشكل عام كل أركان هيبتها ، مما أدى التوسع العشوائي في التعيين وإعادة التعيين بموجب أمر بريمر رقم (30) لسنة 2003 ، وما أحدثه من جروح في جسد الوظيفة العامة ، أدت الى عدم السيطرة على تنظيم شؤون الموظفين ، بما يضمن سلامة الإجراءات وعدالة توزيع الثروات ، على الرغم من زيادة مقادير الرواتب والمخصصات ، التي أصبحت من أهم دوافع الرغبة والإصرار على التشبث بالوظيفة والتمسك بها من أجل إمتيازاتها ، وليس في سبيل تطويرها وإصلاح شؤونها ، كونها الوسيلة الرئيسة للعمل المتاح والمتداول بين الأجيال ، ما دامت مواصفات الإستهلاك المادي والمعنوي للمردودات ، تشكل دعامات ركائز وسمات التوجهات الفكرية والعملية ، في بناء الصروح العشوائية والآنية لذوات النفع الخاص ، إضافة لما جرى من تدمير للبنى التحتية للبلاد ، وإيقاف عجلة العمل والإنتاج في جميع المعامل والمصانع الحكومية والأهلية ، بسبب إنتشار مظاهر الفوضى والإرتباك في إدارة شؤون الدولة ، وشيوع إستخدام كل وسائل وسبل التخريب الإقتصادي والفساد الإداري والمالي ، وقتل حركة عناصر العمل وعوامل الإنتاج ، والتخبط الواضح في تغيير التشريعات النافذة ، وإزدياد عدد الموظفين وترهل الهياكل الإدارية التنظيمية لدوائر الدولة ومؤسساتها وأجهزتها ، مع النقص الحاد في مستوى الكفاءة والخبرة العملية ، بالإضافة إلى عدم وجود الرؤية الواضحة والبديل المناسب والسليم ، لإصلاح شأن الوظيفة العامة ومعالجة مشاكلها المتراكمة .
*- إن أغلب مضامين قانون التقاعد النافذ ، إعادة لأحكام وقواعد قوانين التقاعد السابقة ، بما فيها حتمية ترك الموظف للخدمة في دوائر الدولة العراقية عند إكماله سن الستين من العمر ، إنسجاما مع نتائج الإنخفاض التنموي المتصاعدة وتيرته في جميع المجالات ، عندما بدأت عمليات قتل حركة الدولة والمجتمع بفعل الحصار الإقتصادي الجائر دوليا حينذاك ، ومن ثم أنظمة دول إحتلاله في سنة 2003 على حد سواء ولحد الآن ، حيث بدء إنهيار وتدهور جميع نواحي التنمية الشاملة ، ونكبة إدارتها وسوء تعاملاتها على الصعيدين الداخلي والخارجي ، وإن إختلفت آليات التنفيذ في التدمير والخراب الوطني ، بإستخدام معايير الحقد والإنتقام المزدوج سياسيا ، وبأدوات العرقية والطائفية والمذهبية المقيتة .
*- إن في تجارب الدول المتقدمة والنامية إقتصاديا ، عظات وعبر عملية تطبيقية لا يمكن إهمالها ، فهي التي تتسع فيها مجالات العمل المختلفة ، ويزداد الطلب على الأيدي العاملة إلى حد الإستعانة بالعمالة الأجنبية ، لغرض تغطية حاجة العمل والإنتاج إلى الإستمرار ، وديمومة تطوره ونموه المتصاعد ، بدعم قانوني مانع من تسرب الأيدي العاملة إلى خارج مجالات عملها المهني ، وذلك ما حدث في فرنسا مؤخرا ، حيث تم رفع سن الإحالة إلى التقاعد من (60) سنة إلى (62) سنة ، على الرغم من إحتجاج المشمولين بذلك ، ولإختلاف ظروف العمل والعاملين في كل بلد ، فإن معالجة واقعنا الوظيفي الريعي والمترهل ، بسبب أصابته بأمراض التخمة المزمنة وغير الحميدة ، تكمن في إتباع المنهج المعاكس لما هو في فرنسا مثلا . ولكن البلادة الإدارية التي سادت دوائر الدولة بعد الإحتلال وفي سلطاتها الثلاث ، لم تمكن مسؤولي الصدفة التعيسة ، من تضمين القانون على التدرج في التنفيذ ، بحيث يكون إنفكاك كل مواليد وحسب الأقدمية في 1/3 و 1/6 و 1/9 و 1/12/2020 ، وبدون إثارة أي ضجيج وظيفي ، كما نسمع به الآن ؟!. )) . كان ذلك إستكمالا لنص الرسالة الموجهة إلى السيدة النائب ماجدة التميمي في 21/1/2020 ، التي لم تطلع عليها ، بدليل ما سنبينه في الفرع الثالث التالي .