القسم الرابع عشر – ثانيا .
*- لقد واجه تخفيض السن القانوني للإحالة الحتمية إلى التقاعد رفضا من قبل المشمولين به ، ليس من باب الحرص على المصلحة العامة ، إنما من دوافع الحرص على تحقيق المصالح الشخصية الضيقة ، بإدامة مدة التمتع بإمتيازات الوهم الوظيفي لأطول مدة ممكنة ، مع الإستثناء لعدم جواز التعميم . ومما أوضحته للكثيرين من الرافضين ، من حقائق واقع حال لم يتجرأ أحد على ذكرها ، متمثلة في التوجه إلى المتباكين على إحالتهم إلى التقاعد بعد (35) سنة من الخدمة ، متسائلا عن عدد المبدعين والمبتكرين منهم حسب تقارير كفاءة الأداء والجودة الوظيفية الحقيقية ، وليس ما أمضوه من سنين في أداء واجبات شكلية بإجراءات روتينية إعتيادية ، لا جديد فيها غير الفشل والفساد على مدى (20) سنة منها ، نصفها تمتع بأيام الإجازات الإعتيادية وبالتمارض وبالعطل الرسمية وغير الرسمية ، ولا أعتقد أن أكثرهم يعلمون أن يومي الجمعة والسبت فقط تنقص من أيام العمل السنوية ثلثها ، وعليهم أن يتذكروا أن لهم نصيب من أسباب التدهور والخراب والدمار الذي أصاب الوطن ، الحقيقة المرة التي لا يستطيع معظمهم بيان جزء منها ؟!. حين تم في أيام الحصار ترك الوطن قبل الوظيفة ، واليوم يتمسكون بالوظيفة من أجل إمتيازاتها وليس حرصا على معالجة أدران الوطن وتطويره ، ومن يرى غير ذلك أو غيره ، فعليه تقديم سيرته الوظيفية لنرى إنجازاته خارج حدود ما إعتاد على القيام به من الأعمال اليومية المتعارف عليها في مجالات العمل الوظيفي المختلفة ؟!.
*- إن ما نكتبه بقلمنا نابع من تجربة وظيفية عراقية فعلية ، ومن حياة عراقية خالصة صافية نقية بكل تفاصيلها ، شاركنا فيها الجميع ، ولا يستطيع أن يزايد فيها أحد على أحد من بيننا ، وكل من موقعه ، فجميع أبناء الشعب من مواليد 1949 فما فوق ، خضع لدعوات التجنيد العام أيام الحرب العراقية الإيرانية ، وغيرهم قد ساهم في تلك الحرب عن طريق الجيش الشعبي آنذاك ، وسواء كان من الموظفين أو العاملين في القطاع الخاص ، أو من الراسبين أو الخريجين من الطلاب ، الذين لا يسمح لهم بالتعيين في دوائر الدولة إلا بعد أداء مدة الخدمة العسكرية الإلزامية ، ولأن تلك الحرب قائمة ومستمرة في حينها ، فإن مدة أداء الخدمة العسكرية مستمرة بين الإلزامية والإحتياط ، وفي مقدمة المذكورين المتطوعين من أبناء القوات المسلحة في الصنوف كافة ، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، وليس لأحد منهم الخيار أو الفضل في ذلك . ثم جاء الحصار الإقتصادي وذاق مرارته الجميع إلا من ترك العراق بشتى الوسائل ، تلك هي الحالة العامة والمشتركة ، ولعلنا أمام سؤال من خدم لمدة (35) سنة ولم يقدم للوظيفة فتيل نواة تمرة أو قدر شروى نقيرها ، ماذا بإمكانك أن تقدم لها في السنوات الثلاث القادمة التي حجبت عنك الخدمة فيها ، أوليس من المنطق والحكمة أن تترك لعاطل عن العمل شاغر وظيفتك ، في بلد ريعي لا مجال لكسب الرزق فيه إلا من خلال التعيين في دوائر الدولة ، مع عدم ترك الإشارة لتقصير السلطات الحاكمة منذ سنة 2003 ولحد الآن ، ثم لماذا لا يترك البعض مزايداتهم التي تسببت في كل ما نعيشه من مظاهر الفشل والفساد ؟!. وكيف نعيب على ذوي المناصب تشبثهم بكراسي الحكم الحزبي والسياسي ، ونتناسى تمسكنا بأبسط الوظائف حد الخروج عن المألوف من السلوك والتصرفات غير المرغوبة ، وكم من السنين سنعيش سعداء بعد الستين من العمر غير المأسوف عليه ولا على الوظائف التي شغلناها فيه ؟!. وقد غرقنا في بحار الأمراض وسلكنا طرق الخوف ونقص الأنفس وعدم الإطمئنان ؟!.