23 ديسمبر، 2024 1:11 م

في فطرة المعدان خلاص العالم

في فطرة المعدان خلاص العالم

(( من الشرق سيأتي العمل الغادر . الذي سيُصيب إيطاليا وورثة رومولوس . بصحبة الأسطول الليبي . ارتجفوا يا سكان مالطا والجزر القريبة المقفرة . ))
( نبوءة لأوستر أداموس )
منذ شبابي قرأت نبوءات أوستر داموس ، وهي مبينة في خيالها على ما تحدثت عنه نصوص توراتية وانجيلية وقرآنية وبعض صحائف تم الحصول عليها بعد غزو المغول لبغداد.
وذاته الكتاب صحبتهُ معي الى القرية المائية التي عَملتُ فيها معلما ، من ضمن كتب وروايات كنا نقضي في متعة مطالعتها على وحشة الليل الطويل حيث لا يسكنكَ صوت سوى نباح الكلاب ونقيع الضفادع وموسيقى صوت المذياع في شدوه الخالد لأغنية ام كلثوم ( ليلة حب ) . وذاته الكتاب حملته معي في حقيبتي عندما عشت لشهر في مدينة حيدر آباد الهندية ، وهناك في زيارتي لمعابد الهندوس والبوذيين والاضرحة والنصب التي خلفها الملوك المغول ، اكتشفت أن كل ديانة ومعتقد يحمل رؤيا خاصة فيه حول نهاية العالم .
ولكنني بسبب الحياة الطويلة التي عشتها في الاهوار والقناعات التي توصلت اليها من خبرة العيش في المكان وموجوداته ، اكتشفت أن مصير العالم يرتهن باللجوء الى فطرة وبراءة وطيبة بعض المكونات ، وهو ما يتطابق تماما مع الدارج الشعبي عندما يقولون للإنسان البسيط والذي لا يهتم لما يحدث في هذا العالم من قريب أو بعيد يقولون له : على عينيك نأكل خبز.
فالذي يتأمل نبوءات أداموس سيقلق كثيرا لتشابه رؤاه مما جرى وخصوصا ما يذكره عن منطقة الشرق الاوسط ، وربما حرب حزيران وأكتوبر وحرب الثمانينات وحرب التسعين وحرب 03 20 ، تكون ضمن سياقات الرؤيا والمكان بالحقيقة أو بالتلميح ، وبعيدا عن مناقشة النبوءات وبسبب ما يسكنني من رغبة لتخليص العالم من مواسم الحروب التي تقلق وجودنا بأخبار من نفتقدهم جراء كاتم او مفخخة او سكين ارهابي يصنع فيك الخوف لجرأة وقساوة ما يفعله مع الرهينة الامريكي او الاوربي او الاسيوي ، أحاول أن افتش عن طقس للتشفع وإن كان معظم الناس مقادون بفطرة أو وعي الانتماء الى معتقد ومذهب ويذهبون الى الاضرحة والمزارات والأديرة والمعابد يتشفعوا عندها من أجل خلاص العالم ، إلا انني اعيش الهام بساطة وفطرة ونقاء هؤلاء الذين جعلوا القصب والماء والطير الظواهر الاولى لتفسير وجودهم ، وكانت ايضا مصدر العيش والسلامة بالنسبة لهم ، حدَ الذي تدفعهم قناعتهم أنهم لا يفسروا سبب غرق صبي لهم في مياه الاهوار وموته لأنهم لم يسمعوا في حياتهم عبارة : الحذر يقيك الضرر . لقد وتركوا الأمر لغيبيات القدر .
انها قناعة متوالدة بالخبرة والتأمل والقراءة ، وكما رأيته عند كهنة بوذا في معابد حيدر اباد ، قولهم :لا تزاحم الحياة في طريقها الى الضوء ، وسترى السيوف منصهرة.
أطبق الأمر هنا على فطرة وطيبة المعدان واتخيل شعارهم كما عند البوذيين : لا تزاحم الحياة الى الماء ، وسترى سكاكين الأرهاب منكسرة…….!