23 ديسمبر، 2024 10:26 ص

في عهد العبادي المنصب تكليف وليس تشريفا

في عهد العبادي المنصب تكليف وليس تشريفا

دارت عجلة الخراب تنحت بجرف الشعب الذي لم يجد دائرة تعمل الا بالرشوى ولا معمل يدور ولا مزرعة  تثمر بقصد عقد صفقات مع مناشئ مصدرة، نظير رشاوى.. حتى بات العراق ترابا كما توعد صدام ونفذت حكومات ما بعد 2003
تكافئ الكتل السياسية رجالها بالمناصب، ولو على حساب القطاع الذي يتبوؤنه؛ فمعظم الخيارات غير مستوفية لأشتراطات العمل؛ لكنهم يندفعون سادرين في المغريات تأخذهم العزة بالإثم.
فالوزارات شغلها مغامرون يحلمون بالمال والجاه، دمروها وحطموا كيان الدولة، مجهزين الثلث المتبقي، بعد ان هدم الطاغية المقبور صدام حسين ثلثيها.
ودارت عجلة الخراب.. متصدئة تتكفأ إنثلاماتها في المحيط والمحور، تنحت بجرف الشعب الذي لم يجد دائرة تعمل، الا بالرشوى المبهظة ولا معمل تدور عتلات مكائنه ولا مزرعة تغرس بذور في تربتها وينتظر الفلاح ريع الغلة.
والكل يدري بان القصد هو ايقاف عجلة الانتاج الداخلي، كي تعقد صفقات مع مناشئ مصدرة، نظير نسب من رشاوى… حتى بات العراق ترابا كما توعد صدام ونفذت وعده حكومات ما بعد 2003، والامر يتفاقم والشعب يستغيث؛ فلا مجير ويستجير فلا يلقى مغيثا.
الى ان تسنم د. حيدر العبادي، رئاسة الوزراء، في ظروف ملتبسة، بالغة التعقيد، فتت عقدها وهو سائر الى ايجاد حلول جادة، تحسم الامر وتنهي القلق.
أقدم على محاسبة العائثين فسادا، في دوائر الدولة، بالتتابع.. خطوة خطوة ريثما يستقيم الامر، فتمام الامور على عجالة يخلق ثغرات يتعذر ردمها؛ ما يوجب التأمل قبل الاقدام على الخطوات الاجرائية، في قطع يد المفسدين وايقاف طوفان الفساد الذي ما زال يكتسح العراق، منذ 2003 الى الان، من خلال سدود دستورية ينشئها لحماية الشعب من إكتساح سيل الفساد لمصالحه.
ولكي يتأكد صانعو القرار من قولي هذا، أتمنى ان يتنكروا او يبعثوا شخصا غير معروف، لمراجعة اية دائرة مرور او جنسية او جوازات او طابو او مستشفى او محكمة، ليروا حجم الاذلال الذي يعانيه المواطن في الحصول على حقه الذي لابد منه.
إذ لايمكن الاستغناء عن العلاج او الجنسية او الجواز او اجازة السوق او تسجيل السيارة او حجة البيت، والحصول عليها مهين.. يستلب المواطن ماله وكرامته؛ ففضلا عما ينقده (أشكرى) بين مكاتب الضباط و(قفاصتهم) الى أعلى رتبة من دون إستثناء ولا خوف، لابد ان يتوسل ويرضى بطرده من غرف ونهره من وراء نوافذ، تدافع بهستيريا قبل الوصول اليها، ولن يجد فيها ما يحل مشكلته.
ومعاملات الرشاوى تتم امام الجميع، بشكليها.. المباشر مع المراجع، او من خلال معقب يتحاسبون على عدد المعاملات (الروس) التي جاء بها.
ومن لا يدفع باي من الطريقتين، فلن تنجز معاملته التي تترتب عليها شؤون محرجة، فلا غنى عن شهادة الجنسية، في حياة المواطن، والشهادة لا تنجز الا بـ… يجد العراقي نفسه في اية دائرة “متهم حتى تثبت براءته”.
أما المشاريع التي تمس صميم حاجة المجتمع، وتقاضى المقاولون تخصيصاتها المالية وتواروا من دون مساءلة عن مآلها، فتلك مصيبة أخرى.. تغض الدولة نظرا عنها؛ تحاشيا للإصطدام بتواطئات شخصية، و”كومشنات” و… يرتكبها أفراد فوق القانون…
لذا تجيء أوامر د. حيدر العبادي، للوزراء، بتقديم جرد بما أنجزوه، خلال فترة الستة أشهر الماضية، سدا منيعا يوقف سيل الفساد، الذي إكتسح حياة الفرد والمجتمع وبدد المال العام وأحرج رأس المال الخاص وأقصى الاستثمار الاجنبي عن التعامل مع العراق؛ لأن المسؤولين الحكوميين يطالبون المتقدم بعطاء ما في اية وزارة، بمبالغ تفوق ارباحه.. إذن ما اللذة من هذا “الفكر”.
ولو واصل رئيس الوزراء متابعة ومحاسبة المسؤولين، عن الصغيرة والكبيرة، في قطاعاتهم، لجرى العراق مثل الساعة، وانتظم ايقاع العمل فيه، كخرزات مسبحة في كف خيّرة.