22 نوفمبر، 2024 2:00 م
Search
Close this search box.

في ” عصمة ” القضاء !

في ” عصمة ” القضاء !

هل القضاء العراقي معصوم ؟
من الاجابة على هذا السؤال تتحدد لنا مواقع القضاء ومساحة النقد والانتقاد الموجه له واحترام قراراته .
طبعاً القضاء ليس في العراق وانما في مجالات ومساحات وجغرافية اشتغاله ليس معصوماً وقراراته في جانب من جوانبها معرضة للخطأ والصواب والقضاء نفسه يقّر بذلك فأوجدت الدساتير والقوانين محاكم التمييز وقبول الطعون بما في ذلك مايتعلق بقرارات بالمحكمة الاتحادية التي هي باتة وملزمة لكنها عرضة ايضاً للاعتراض والنقد القانونيين..
جاء في القرآن الكريم في اجابته على ماهية الرسول محمد “قل انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ”، أي لا اعلم الا مايعلمني الله ، وكل ما هو خارج الوحي فان الرسول بشر مثلنا معرضة تصرفاته ومواقفه للخطأ والصواب . حتى ان الرسول محمد في توقيعه على اتفاقية صلح الحديبية تعرض الى انتقادات من بعض الصحابة ، فلم يزج بهم السجون ولم يرفع عليها دعاوى عند الله سبحانه وتعالي ولم يطردهم من صفوف الاسلام ولم يتهمهم بالكفر وتهديم الاسلام ،ولم يقل ان توقيعه المعاهدة وحي من الله ، بل ناقشهم واقنعهم !
الامام علي بن ابي طالب قال ” القرآن حمّال أوجه ” وهو اخطر ماقيل في القرآن في ذلك الزمن ، وحمّال الاوجه تعني ان بعض أياته أو نصوصه قابلة لتفسيرات متعددة تحتمل الصواب والخطأ ايضاً ، وفعلا اختلف المفسرون في الكثير من الآيات بمعانيها الظاهرة منها والباطنة ، كما في أطيعوا أولي الأمر، التي احتملت أكثر من تفسير بين الفقهاء والمراجع الاسلامية .
لذلك علينا ان نكون أكثر قبولا للانتقادات والاعتراضات التي توجه لقرارات القضاء مع القبول بها واحترامها ، وهذا هو المهم ، فالقضاء الجدار الاخير لدينا كي نحافظ على ماتبقى من شبح دولة !
اول سؤال وجهه رئيس الوزراء البريطاني تشرشل لوزير العدل بعد كل الخراب الذي اصاب بريطانيا بسبب الحرب العالمية الثانية ” هل القضاء بخير ؟” وحين كان الجواب ايجابيا قال ” لاتقلقوا على بريطانيا فهي بخير “.
وسأل ديغول صديقه الاديب اندريه مارلو بعد تحرير فرنسا ” كيف حال القضاء ؟” فاجاب ” مازال ببعض الخير ” فقال “نستطيع ان نبني فرنسا من جديد “.
في مقابل كل هذه الاهمية للقضاء في اعادة هيكلة بناء الدول بعد خرابها علينا ان نسأل اولاً :
هل القضاء العراقي بخير ؟
ربما تكون الاجابة الوحيد التي عليها اجماع هي “نعم بخير ولكن ..”
هذه اللاكن سبب الفوضى في مناحي حياتنا كافة، واللاكن آتية من السياسيين الذين يواصلون ضغوطهم على القضاء وتحديدا المحكمة الاتحادية باعترافهم العلني ومن المحكمة نفسها التي يتوجب ان يتسع صدرها للنقد والاعتراض مع احترام قراراتها ووجوب الالتزام بها !
النقد والاعتراض ليس تشهيراً ولا ثلماً في نزاهة القضاء ، فالقضاء العراقي ، حاله حال بقية مؤسسات الدولة ، اصابه بعض الخراب جراء سياسات دكتاتورية سابقة ومانتج عن حرب اسقاط النظام وماحصل بعده من فوضى اصابتنا جميعاً حتى الآن!

أحدث المقالات